[ad_1]
في الخليج العربي، وبعد عقود من التطور ومواكبة ركب الحضارة والانفتاح الاقتصادي والاجتماعي على العالم والرفاهية ورغد العيش لسكان المنطقة، كل ذلك لم ينتزع خصال وأصالة الإنسان البسيط المضياف المحب للآخر والمستعد للتعايش مع كل شعوب الأرض، ببساطته وتواضعه وعاداته وموروثاته وإنسانيته ومشتركاته التي تتجانس إلى حد كبير فيما بينها. وحين توافدت مختلف الجنسيات إلى هذه البقعة من العالم، وبالأخص من الدول العربية والإسلامية، لم تكن هناك حواجز تعيق التعامل مع هذه الشعوب، فهي اجتماعية بالفطرة وغير منغلقة على ذاتها، بل وتسعد بالضيف كما لو كان مجيئه هدية من الله وواجباً دينياً وإنسانياً لا جدال حوله. وهكذا تمازجت شعوب الجزيرة والخليج مع غيرها بكل سلاسة وسلام.
الركائز المهمة التي ساهمت في تشكيل شعوب الخليج صفة التسامح، وهي قيمة رفيعة تميَّز بها الإنسان الخليجي، فحين كان الآباء والأجداد يتعايشون فيما بينهم بسلام، فقد كانوا أيضاً يمارسون التسامح بين المذاهب في أبهى وأوضح صوره، ولم يكن المذهب يشكل عائقاً أو عامل تمايز يذكر بين شرائح المجتمع، بل كانت بعض مناطق الخليج لا تقيم أهمية لهذه المسألة في التزاوج واقتران النسب، فضلاً عن نسبية الطقوس القبلية والعرقية التي تحكمها آنذاك، فكان مجتمعاً متجانساً متراصاً ذا مبادئ عالية واحتراماً كبيراً لحقوق الجار وحرمة بيته وخصوصيته. أما الأمر اللافت حقاً في سيرة أسلافنا في المنطقة، فهو قيمة المرأة، وما اتصفوا به من إعلاء لمكانتها وإشراكها في ميادين الحياة ومسؤولياتها، والاعتزاز بها وباسمها. وفي بعض مناطق البادية كان البعض يُكنَّى باسم أخته أو أمه (أخو فلانة أو ولد فلانة) كنوع من الفخر والتباهي بها.
هذا هو المجتمع الخليجي في الماضي، وهذا ما توارثه الأبناء في الحاضر باستثناء بعض ممن تأثروا بالمتغيرات الاجتماعية والدينية التي سيطرت عليها جماعات راديكالية بعد أن اجتاحت موجة التنظيمات الإسلاموية السياسية العالم العربي وشوهت بعض القيم الرائعة لدى بعض الأسر والجماعات، وما صاحب ذلك من أيديولوجيات وحركات متطرفة كالصحوة الإخوانية التي انبثقت منها عدة أصوليات متشددة، كالقطبية والبنائية والسرورية وغيرها. فهذه هي قيمنا وهذا هو مجتمعنا، وإن شرّق أو غرّب فهو يعود في نهاية المطاف إلى صفاء سجاياه وأصالته ونقاء فطرته الممهورة بالإنسانية والتسامح والتعايش.
[ad_2]
Source link