الفساد بين المكافحة والترويج – أخبار السعودية

الفساد بين المكافحة والترويج – أخبار السعودية

[ad_1]

«كلنا فاسدون لا أستثني أحدا حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة» عبارة شهيرة قالها الفنان المصري الكبير الراحل أحمد زكي رحمه الله في فيلمه الشهير (ضد الحكومة). نعم كلنا فاسدون بشكل أو بآخر هكذا يبدو أو هكذا يتبادر لذهني في كل مرة تقفز فيها رسائل مكافحة الفساد لتفزعنا بمعلومات حقيقية عن فاسدين ومرتشين حولنا وبيننا ومنا وفينا، وليست الخطورة هنا إنما في استمرار تقافز الرسائل العشوائية وغير المدروسة، وأنا اليوم أعلق ناقوس الخطر وقد سبقني في هذا التنبيه المفكر السعودي صالح الطريقي في «عكاظ» أيضا ويا لها من صدفة عجيبة أن تشهد «عكاظ» العريقة هذا القرع التوعوي جيلا بعد جيل.

ماذا كتب الطريقي قبل ثلاثة عشر عاماً؟ (ما الذي يعنيه أن تصدق أنك فاسد) حيث قال بالنص «إن أخطر ما يحدث لمجتمع ما هو أن يصدق كل فرد فيه أن البقية قابلون للفساد أخلاقيا ولا يمكن لهم أن يكونوا أسوياء….». وناقش الأمثلة التعيسة (المال السايب يعلم السرقة، حلال على الشاطر).. «ترسيخ فكرة مثل هذه تجعل الوطن كقطعة حلوى كل ينهش منها…». المقال يشبه المقالات المستقبلية وكأنه كان يرى ما يحدث اليوم. بكل حال أن مكافحة الفاسدين أمر عظيم، لكن مكافحة الخلل الاتصالي لديهم أيضا مهم وضرورة.

الاتكاء على رسائل الجوال والتغريدات لا يعتبر كافيا، بل فيه خطورة، كأم لثلاثة أطفال مزدوجي اللغة يتناقشون معي في هذه الرسائل لأنها تصل للجميع بشكل غير مدروس فيقولون «ماما هل نحن السعوديين سارقين؟» ببراءة شديدة!. واتفهم مخاوفهم فكثرة النشر تضر البلد وتضر سمعتنا كمواطنين على المدى البعيد. لماذا لا يكتفى بنشر بيان شهري؟ أو حتى تقنين النشر ودراسة أبعاد ما يتم نشره اجتماعيا واقتصاديا.

نحن لم نكد ننعتق من أغلال الصحوة حتى وقعنا في أغلال التشويه والتنكيل! لماذا هذا الحماس الزائد؟ نعم جهودكم مقدرة، لكن تمهلوا قليلا وأعيدوا قراءة الرسائل، بل أرجو من شركات الاتصال التوقف عن منح أرقامنا وأرقام أسرنا للجهات التي لا تعي خطورة أن تصل رسالة مرعبة حتى وإن بدأت (بتعاونكم باشرت…). لو قارنا رسائل المكافحة بمكافحة المخدرات مثلا لوجدنا أن الأخيرة تتفوق بالرزانة الاتصالية والرشاقة في صناعة المحتوى. وحتى لا يتم تحميل مقالي ما لا يحتمل تحذيري هنا اتصالي/‏ اجتماعي بحت. نعم نحن مجتمع خير وقضايا السرقات والاختلاسات التي حدثت قبل عهد الرؤية كانت جنونية وتوثيقها ضرورة لكن آلية النشر والاتصال تحتاج ما لا يقل عن عشرة خبراء سياسيين واجتماعيين ونفسيين وتقنيين وتاريخيين فلا يصح أن نبني صورة حسنة من هنا وتأتي صورة مضادة من جهة أخرى.

وأعيد تأكيدي وموافقتي التامة على خطورة الترويج للفساد وكأنه هو الأصل وأن النزاهة أمر طارئ علينا، وهذا الشيء يخالف طبيعة هذه البلد العظيمة ورجالها ونسائها. بل نعتز أننا في ظل قادة آثروا التنمية والعمران على البطش والطغيان، نحن دولة الحياة والنماء والرفاه، نحن دولة آل سعود أعزهم الله بعزه وأدامهم حتى نلقاه. ونحن دولة العلم والفكر والحرية ولا ينافس المجتمع السعودي في الوعي والثقافة أي من دول المنطقة، ونستهدف زيادة الاستقطاب والاستثمار، فكيف سيثق بنا العالم الخارجي وهم يرون هذا المشهد الذي دفعني لأن أقول «كلنا فاسدون» ونحن لسنا كذلك، كونوا بخير ودمتهم بعدل ونزاهة وسيادة مطلقة للقانون.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply