[ad_1]
وفى مجال السياسة العربية، نرى الآن قلة متسلطة في الشام تسيء استخدام كثير من المبادئ والقيم السامية. ومن ذلك، أنها ترفع شعار “الوحدة العربية” و”الصمود”، كلاما، ولكن تنم أفعالها عن كونها من أبعد الناس عن خدمة مبدأ الوحدة، وحركة المقاومة، ناهيك عن مبادئ الحرية والعدالة والمساواة والكرامة. إنها مجرد شعارات، فرغت من محتواها…. بعد أن استولت تلك القلة على ذلك الحزب العتيد… فسخرته لاستعباد الشعب والسيطرة على مقدراته، خدمة لمصالحها الفئوية الضيقة، وسعيها الدؤوب نحو المال والنفوذ.
وتعانى بعض الدول العربية الأخرى من هذه الظاهرة. إذ توجد أحزاب أسست لخدمة مبادئ نبيلة معينة، كالحرية والتنمية والاستقلال والوحدة… إلخ. ولكن قلة طائفية هنا وأخرى هناك، اختطفت هذه الأحزاب، وجعلتها “أداة” للتسلط، ولإخضاع وقمع شعوبها. ومعروف، أن النظام الأسدي سيطر على مقاليد الأمور في سوريا بطريقة أعطت للعالم الانطباع بأن كل شيء في تلك البلاد ممكن، طالما أرادت له تلك القلة أن يكون ممكنا. ولم ينس العالم قضية تعديل الدستور خلال أيام…
لم يرَ شعب تلك البلاد الفتية، ولا العالم، من ذلك النظام “الممانع” و”الصامد”، إلا المزيد من الفقر والجهل والمرض، والتخلف في شتى المجالات. وعلى المستوى السياسي، لم يشهد أحد سوى الادعاءات، والشعارات الفارغة، والمناورات، والمزايدات. أما الصمود والتحدي والممانعة والمقاومة، فقد ثبت أن لها معاني عكسية في عرف ذلك النظام، لا يفهمها -حق فهمها- إلا “شبيحة” النظام، ودهاقنة قمعه ومنظروه. إنه من الأنظمة التي تعيش على ما بالمنطقة من تناقضات، وتشتغل بالمناورات، وتحتل إسرائيل جزءا من أراضيه، ويعانى شعبه من التخلف والقهر والتنكيل، ويدعى -مع كل ذلك- أنه مستهدف بمؤامرات، وأنه “القلعة التي تذود عن الأمة”، وتحفظ الكرامات…. وأنه إن ذهب ستداس كل المحرمات (وفي ظله دمرت سوريا حصن العرب…).
****
كثيرة هي المبادئ السامية، التي لو وضعت موضع التنفيذ الفعلي السليم والجاد، لعاد ذلك بالخير والأمن والسلام على ملايين البشر. ومن تلك المبادئ: قيم الإسلام المعتدل، ومنها: الحرية، العدالة، المساواة، الشورى، التكافل الاجتماعي، الوحدة، الاتحاد، التضامن، مراعاة حقوق الإنسان، الشفافية، النزاهة… إلخ. ومن أمر حقائق الحياة، وجود أناس وأطراف يسيئون استخدام (وتطبيق) هذه المبادئ، أو أحدها، أو بعضها، إما قصدا، أو عفوا، إما عن سوء نية وتعمد، أو عن جهل وخطأ. وفى كل الحالات، فإن من “يسيء” استخدام، أو تطبيق، أيٍ من هذه المبادئ، يرتكب في حق المعنيين (وقد يكون تعدادهم بالملايين) جريمة كبرى، أو خيانة عظمى، يستحق عليها أشد العقاب، خاصة أن كانت إساءته متعمدة.
إن سوء استخدام مبدأ سامٍ، أو فكرة نبيلة ما معينة، لا يعنى -بالضرورة- فساد ذلك المبدأ، أو تلك الفكرة، بل يعنى أن هناك جهة -فرد أو جماعة- تستخدم هذا المبدأ أو ذاك، وترفع شعاره تظاهرا، وتستعمله بخبث لتحقيق أهداف خاصة ضيقة، قد لا تمت بصلة لذلك المبدأ، إن لم تضر به، عبر تشويهه لدى المعنيين، والإساءة له ولأنصاره. فـ”سوء الاستخدام” المقصود هنا عبارة عن: مزايدة رخيصة، وادعاء ممقوت… ينم عن وجود أهداف ضارة، أو جهل مريع لدى من يمارس الإساءة… ولا يؤدى إلا إلى الإضرار بذلك المبدأ، وعرقلة تبنيه، وحرمان الناس من مزايا تطبيقه. ويتضاعف هذا الجرم عندما ترفع شعاره قلة متسلطة، تسعى -في حقيقة الأمر- لاستعباد الناس، والهيمنة على مقدراتهم. وهذا الاستغلال سرعان ما ينكشف للمتابعين، الذين قد يصاب بعضهم بالإحباط والدهشة، وصدمة المفاجأة، وربما كراهية المبدأ المعني والاستخفاف به.
****
لقد صبر الشعب الشامي، ثم فاض به الكيل، فانتفض… مطالبا باسترداد حريته وكرامته. ولمواجهة هذه الانتفاضة الشعبية، حرك النظام الجيش، بعدته وعتاده، واستقوى بالخارج، وبخاصة بإيران وروسيا، ضد الشعب المطالب بحقوقه المشروعة في وطنه، بعد حوالى نصف قرن من اغتصابها من قبل هذه القلة، التي تبرر تنكيلها بالشعب الثائر، بادعاء أنها تحارب “عصابات مسلحة مندسة… جندتها الصهيونية والإمبريالية العالمية”، متناسية أن “طبيعة” النظام القمعية سهلت نجاح هذه المؤامرات.
والحق أنها كانت ثورة شعبية ضد ديكتاتورية طائفية متسلطة، حان الوقت، منذ عقود، لوقف جرائمها في حق شعبها، وإقامة نظام بديل… يمثل الشعب فعلا، ويعيد له حريته وكرامته، ويمسي سندا حقيقيا لأمته العربية، وقلعة صامدة بحق، في وجه أعداء هذه الأمة. وهذا ما هو مأمول، ومتوقع تحققه، عاجلا أو آجلا، على يد شعب أبي… هو من أكثر شعوب الأرض نضالا ومروءة.
كاتب سعودي
sfadil50@hotmail.com
[ad_2]
Source link