قصة “ملك الأطوال” في سباقات الخيل السعودية

قصة “ملك الأطوال” في سباقات الخيل السعودية

[ad_1]

مدربه يروي تفاصيل مثيرة حول قدراته

ارتبط اسمه بنشرات الأخبار الرياضية الرئيسية بالتلفزيون السعودي أواخر الثمانينيات الميلادية. عُرف بما كان يحققه من فارق كبير بينه وبين بقية المنافسين في السباقات، ولُقب بـ”ملك الأطوال”، كما ذاع صيته خارج الوسط الفروسي لاستعراضه الدائم في الخط المستقيم من مضمار السباق.

وما زالت مواصفات الجمال لديه من تجسيد ولون وقوام ممشوق عالقًا في الأذهان.. ولم ينسَ عشاق الخيل والمتابعون جملة “وبفارق بعيد من الأطول، وبدون أدنى منافسة” للمعلق علي ياسين –رحمه الله- وهو يعلق واصفًا سباقات البطل “وراد” للأمير بدر بن عبدالعزيز -رحمه الله- على ميدان الملز التاريخي في جميع سباقاته، التي من أهمها فوزه بــ”كأس ولي العهد” عام 1987م، و”كأس الملك” مرتين متتاليتين عامَي 1987م و1988م، إلى جانب أنه لم يخسر في الميدان السعودي سوى مرة واحدة بعد أن سقط في جهاز الانطلاق، وتعرض لإصابة أبعدته لفترة قصيرة حتى عودته وختامه مسيرته في السباقات.

كيف وصل “وراد” للميدان

باستثناء البطولات التي كان ينظمها نادي سباقات الخيل “ناي الفروسية سابقًا” على ميدان الملز التاريخي نتيجة حدث مهم للوطن، أو لزيارة ملك أو رئيس دولة ما، كان التنافس بين الإسطبلات آنذاك على أشده في بطولتين كبريين فقط، هما “كأسا الملك وولي العهد”؛ الأمر الذي وضع المُلاك حينها تحت ضغط كبير جدًّا، خاصة ما يتعلق باستقطاب الخيل من الخارج، الذي يعتمد على مصدرين مهمين، الأول مزاد “تاتيرسيلز” البريطاني، والآخر العلاقات الخارجية والمصادر الخاصة. والأخير كان محاطًا بسرية تامة بين مسؤولي الإسطبلات، تمامًا كما يحدث على مستوى التعاقدات بين لاعبي كرة القدم. وهذا ما يمكن استنتاجه من حديث المدرب القدير سعد بن مطلق، مدرب الجواد البطل “وراد”، وهو يروي قصة شراء هذا البطل بقوله: “طلب مني الأمير بدر بن عبدالعزيز -رحمه الله- شراء جواد قادر على تحقيق كأسَي الملك وولي العهد، على أن يكون أيضًا دعامة مهمة لإنتاج مزرعته. وكما يعرف الجميع، الأمير بدر كان صاحب نظرة فاحصة في الخيل، وعاشقًا كبيرًا لها؛ فكان من الصعب إقناعه بعروض محددة من بعض المختصين بالخارج؛ الأمر الذي أجبرني على السفر لأوروبا”.

وأضاف: “زرت دولاً عدة مهتمة بالخيل وتربيتها، حتى وصلت إلى إيرلندا، ومكثت فيها أكثر من شهرين في أواخر عام 1985م؛ لدراسة العروض المقدمة لنا، والوقوف عليها داخل الإسطبلات والتمارين الصباحية هناك، حتى استقر بي النظر على الجواد (نمين) الذي أسماه الأمير بدر بعد وصوله إلى السعودية (وراد). وشعرت لحظتها بتوفيق الله سبحانه وتعالى أن هذا الجواد سيرضي الأمير بدر”.

وتابع: “كان متكامل الأوصاف شكلاً وسلالة ومستوى؛ وهو ما أجبرني لحظتها على إنهاء الصفقة بأسرع وقت، ودون الدخول في مفاوضات طويلة؛ بسبب الخوف من انتقاله لمالك آخر. والأمر الثاني أن أخبار مفاوضاتنا قد تصل لمنافس آخر في السعودية؛ وبالتالي يرتفع سعره، وتضيع هذه الفرصة التي أتت بعد فترة انتظار طويلة ومتعبة بالنسبة لي على اعتبار أنني مدرب لجياد الأمير بدر في السعودية، وفي فترة غيابي لأكثر من شهرين ربما تتأثر جياده في سباقاتها؛ فكانت تلك المدة أعتبرها من أصعب الفترات التي مرت بحياتي المهنية مدربًا”.

وبدأ البطل في الظهور

ويستطرد المدرب القدير سعد بن مطلق في قصة البطل “وراد” حول بداية ظهوره في الميدان السعودي: “الأمير بدر شغوف بحب الخيل، وسعادته تكمل بمشاهدتها وهي تشارك في السباقات. وهذا الأمر وضعنا كجهاز فني آنذاك تحت ضغط كبير من ناحية مشاركة (وراد) منذ وصوله، حتى وصلنا لمرحلة أن يشارك بالرغم من عدم تأقلمه على الأجواء كما يرضيني كمدرب. وبالفعل اضطررت لتسجيله ضمن سباق على مسافة 1600م التي لم تكن تناسب قدراته مطلقًا، وحقق الفوز على أرضية ثقيلة جدًّا بسبب الأمطار، وبفارق بسيط عن الخيل المنافسة”.

ويضيف: “لحظتها لم أكن قلقًا على المستوى الذي قدمه لإدراكي التام بأن (وراد) لم يصل للجاهزية المطلوبة، وسوف يكون في المعدل الذي يلبي رغباتي بعد هذه المشاركة، وهذا ما تحقق في بقية سباقاته، التي كانت علامات فارقة وصورًا فريدة بميدان الملز؛ إذ كان لا يرضى (وراد) بأقل من (عشرة أطوال) عن بقية المنافسين؛ ولذلك اكتسب هذا البطل شهرة واسعة وذكريات خالدة حتى من خارج الوسط الفروسي، وبقيت حتى وقتنا الحاضر”.

مميزات وصفات “وراد”

وبطبيعة الحال للجواد البطل مميزات وصفات خاصة، وعنها يذكر المدرب سعد بن مطلق: “الجواد وراد فيه الصفات الطيبة كافة التي يتمناها المدرب؛ إذ كان فيه هدوء عجيب، يدل على ثقته وإحساسه بأنه بطل، فإذا شاهده شخص غير ملم بالخيل يعتقد أنه حصان (كسول) أو أنه يشعر بأمر ما، لكن إذا تم وضع السرج عليه، ودخل الميدان، انتفض وتبدل حاله الهادئ إلى تأهب وترقب، حتى في جهاز الانطلاق تجده متوثبًا ومستعدًّا بقوائمه الأربع لفتح البوابة”.

وأضاف: “كان يكمل وجباته الغذائية بسرعة هائلة، ويعرف في يوم السباق بأنه سيشارك فتجده يقف على باب غرفته طوال اليوم متأهبًا. صفات ومميزات كثيرة لهذا البطل تجعله في ذاكرتي ما حييت”.

الجواد “وراد” انتهت مسيرته في السباقات بعد فوزه الثاني بكأس الملك، وتحول بعدها لمزرعة “جو” للأمير بدر بن عبدالعزيز لإنتاج الخيول، لكن لم يكتب لها أن تستمر طويلاً بعد وفاته؛ لتعرضه لـ “مغص الخيل المعقد” تاركًا للساحة مهرًا واحدًا فقط، هو الجواد “شبل وراد” الذي حقق الفوز مرة واحدة من أصل خمس مشاركات فقط.

وراد.. حقائق وأرقام

وفي الوقت الذي يعد فيه الجواد “وراد” من أبرز الجياد التي توشحت شعار إسطبل الأمير بدر بن عبدالعزيز، وحقق معه 8 انتصارات، منها ثلاث بطولات كبرى، إلا أنه يملك سجلاً مميزًا في السباقات قبل وصوله للأراضي السعودية؛ إذ كان يشارك باسم “نمين” في 14 مرة، حقق خلالها 3 انتصارات، كان أبرزها في شوط “البلاندفورد” للفئة الثانية “GR2″في إيرلندا، وحقق الوصافة في شوط “التاتير سيلز جولد كب ستيكس” للفئة الثانية “GR2”. أيضًا سجل حضورًا مميزًا في شوط كلاسيكي بسباق “السانت ليجير” البريطاني للفئة الأولى”GR1″ ، وحل بالمركز الرابع خلف الفرس الشهيرة “أو سو شارب” عام 1985م.

تجدر الإشارة إلى أن الجواد “وراد” يعود لأبيه الفحل “الليجيد” الذي فاز بأقوى سباقات العالم “الآرك” الفرنسي مرتين، ويعد أحد أبرز جياد القرن العشرين، ولم يهزم طوال مسيرته في السباقات التي بلغت 10 مرات إلا مرة واحدة في شوط “السانت ليجر” عام 1977م، حينما حل ثانيًا خلف الجواد “دونفيرملاين” لملكة بريطانيا إليزابيث، وساهم في بناء قاعدة إنتاجية مميزة، وفاز بلقب “فحل العام” في 1998م بفرنسا لفئة “أفضل فحل منتج للأمهات”.

قصة “ملك الأطوال” في سباقات الخيل السعودية


سبق

ارتبط اسمه بنشرات الأخبار الرياضية الرئيسية بالتلفزيون السعودي أواخر الثمانينيات الميلادية. عُرف بما كان يحققه من فارق كبير بينه وبين بقية المنافسين في السباقات، ولُقب بـ”ملك الأطوال”، كما ذاع صيته خارج الوسط الفروسي لاستعراضه الدائم في الخط المستقيم من مضمار السباق.

وما زالت مواصفات الجمال لديه من تجسيد ولون وقوام ممشوق عالقًا في الأذهان.. ولم ينسَ عشاق الخيل والمتابعون جملة “وبفارق بعيد من الأطول، وبدون أدنى منافسة” للمعلق علي ياسين –رحمه الله- وهو يعلق واصفًا سباقات البطل “وراد” للأمير بدر بن عبدالعزيز -رحمه الله- على ميدان الملز التاريخي في جميع سباقاته، التي من أهمها فوزه بــ”كأس ولي العهد” عام 1987م، و”كأس الملك” مرتين متتاليتين عامَي 1987م و1988م، إلى جانب أنه لم يخسر في الميدان السعودي سوى مرة واحدة بعد أن سقط في جهاز الانطلاق، وتعرض لإصابة أبعدته لفترة قصيرة حتى عودته وختامه مسيرته في السباقات.

كيف وصل “وراد” للميدان

باستثناء البطولات التي كان ينظمها نادي سباقات الخيل “ناي الفروسية سابقًا” على ميدان الملز التاريخي نتيجة حدث مهم للوطن، أو لزيارة ملك أو رئيس دولة ما، كان التنافس بين الإسطبلات آنذاك على أشده في بطولتين كبريين فقط، هما “كأسا الملك وولي العهد”؛ الأمر الذي وضع المُلاك حينها تحت ضغط كبير جدًّا، خاصة ما يتعلق باستقطاب الخيل من الخارج، الذي يعتمد على مصدرين مهمين، الأول مزاد “تاتيرسيلز” البريطاني، والآخر العلاقات الخارجية والمصادر الخاصة. والأخير كان محاطًا بسرية تامة بين مسؤولي الإسطبلات، تمامًا كما يحدث على مستوى التعاقدات بين لاعبي كرة القدم. وهذا ما يمكن استنتاجه من حديث المدرب القدير سعد بن مطلق، مدرب الجواد البطل “وراد”، وهو يروي قصة شراء هذا البطل بقوله: “طلب مني الأمير بدر بن عبدالعزيز -رحمه الله- شراء جواد قادر على تحقيق كأسَي الملك وولي العهد، على أن يكون أيضًا دعامة مهمة لإنتاج مزرعته. وكما يعرف الجميع، الأمير بدر كان صاحب نظرة فاحصة في الخيل، وعاشقًا كبيرًا لها؛ فكان من الصعب إقناعه بعروض محددة من بعض المختصين بالخارج؛ الأمر الذي أجبرني على السفر لأوروبا”.

وأضاف: “زرت دولاً عدة مهتمة بالخيل وتربيتها، حتى وصلت إلى إيرلندا، ومكثت فيها أكثر من شهرين في أواخر عام 1985م؛ لدراسة العروض المقدمة لنا، والوقوف عليها داخل الإسطبلات والتمارين الصباحية هناك، حتى استقر بي النظر على الجواد (نمين) الذي أسماه الأمير بدر بعد وصوله إلى السعودية (وراد). وشعرت لحظتها بتوفيق الله سبحانه وتعالى أن هذا الجواد سيرضي الأمير بدر”.

وتابع: “كان متكامل الأوصاف شكلاً وسلالة ومستوى؛ وهو ما أجبرني لحظتها على إنهاء الصفقة بأسرع وقت، ودون الدخول في مفاوضات طويلة؛ بسبب الخوف من انتقاله لمالك آخر. والأمر الثاني أن أخبار مفاوضاتنا قد تصل لمنافس آخر في السعودية؛ وبالتالي يرتفع سعره، وتضيع هذه الفرصة التي أتت بعد فترة انتظار طويلة ومتعبة بالنسبة لي على اعتبار أنني مدرب لجياد الأمير بدر في السعودية، وفي فترة غيابي لأكثر من شهرين ربما تتأثر جياده في سباقاتها؛ فكانت تلك المدة أعتبرها من أصعب الفترات التي مرت بحياتي المهنية مدربًا”.

وبدأ البطل في الظهور

ويستطرد المدرب القدير سعد بن مطلق في قصة البطل “وراد” حول بداية ظهوره في الميدان السعودي: “الأمير بدر شغوف بحب الخيل، وسعادته تكمل بمشاهدتها وهي تشارك في السباقات. وهذا الأمر وضعنا كجهاز فني آنذاك تحت ضغط كبير من ناحية مشاركة (وراد) منذ وصوله، حتى وصلنا لمرحلة أن يشارك بالرغم من عدم تأقلمه على الأجواء كما يرضيني كمدرب. وبالفعل اضطررت لتسجيله ضمن سباق على مسافة 1600م التي لم تكن تناسب قدراته مطلقًا، وحقق الفوز على أرضية ثقيلة جدًّا بسبب الأمطار، وبفارق بسيط عن الخيل المنافسة”.

ويضيف: “لحظتها لم أكن قلقًا على المستوى الذي قدمه لإدراكي التام بأن (وراد) لم يصل للجاهزية المطلوبة، وسوف يكون في المعدل الذي يلبي رغباتي بعد هذه المشاركة، وهذا ما تحقق في بقية سباقاته، التي كانت علامات فارقة وصورًا فريدة بميدان الملز؛ إذ كان لا يرضى (وراد) بأقل من (عشرة أطوال) عن بقية المنافسين؛ ولذلك اكتسب هذا البطل شهرة واسعة وذكريات خالدة حتى من خارج الوسط الفروسي، وبقيت حتى وقتنا الحاضر”.

مميزات وصفات “وراد”

وبطبيعة الحال للجواد البطل مميزات وصفات خاصة، وعنها يذكر المدرب سعد بن مطلق: “الجواد وراد فيه الصفات الطيبة كافة التي يتمناها المدرب؛ إذ كان فيه هدوء عجيب، يدل على ثقته وإحساسه بأنه بطل، فإذا شاهده شخص غير ملم بالخيل يعتقد أنه حصان (كسول) أو أنه يشعر بأمر ما، لكن إذا تم وضع السرج عليه، ودخل الميدان، انتفض وتبدل حاله الهادئ إلى تأهب وترقب، حتى في جهاز الانطلاق تجده متوثبًا ومستعدًّا بقوائمه الأربع لفتح البوابة”.

وأضاف: “كان يكمل وجباته الغذائية بسرعة هائلة، ويعرف في يوم السباق بأنه سيشارك فتجده يقف على باب غرفته طوال اليوم متأهبًا. صفات ومميزات كثيرة لهذا البطل تجعله في ذاكرتي ما حييت”.

الجواد “وراد” انتهت مسيرته في السباقات بعد فوزه الثاني بكأس الملك، وتحول بعدها لمزرعة “جو” للأمير بدر بن عبدالعزيز لإنتاج الخيول، لكن لم يكتب لها أن تستمر طويلاً بعد وفاته؛ لتعرضه لـ “مغص الخيل المعقد” تاركًا للساحة مهرًا واحدًا فقط، هو الجواد “شبل وراد” الذي حقق الفوز مرة واحدة من أصل خمس مشاركات فقط.

وراد.. حقائق وأرقام

وفي الوقت الذي يعد فيه الجواد “وراد” من أبرز الجياد التي توشحت شعار إسطبل الأمير بدر بن عبدالعزيز، وحقق معه 8 انتصارات، منها ثلاث بطولات كبرى، إلا أنه يملك سجلاً مميزًا في السباقات قبل وصوله للأراضي السعودية؛ إذ كان يشارك باسم “نمين” في 14 مرة، حقق خلالها 3 انتصارات، كان أبرزها في شوط “البلاندفورد” للفئة الثانية “GR2″في إيرلندا، وحقق الوصافة في شوط “التاتير سيلز جولد كب ستيكس” للفئة الثانية “GR2”. أيضًا سجل حضورًا مميزًا في شوط كلاسيكي بسباق “السانت ليجير” البريطاني للفئة الأولى”GR1″ ، وحل بالمركز الرابع خلف الفرس الشهيرة “أو سو شارب” عام 1985م.

تجدر الإشارة إلى أن الجواد “وراد” يعود لأبيه الفحل “الليجيد” الذي فاز بأقوى سباقات العالم “الآرك” الفرنسي مرتين، ويعد أحد أبرز جياد القرن العشرين، ولم يهزم طوال مسيرته في السباقات التي بلغت 10 مرات إلا مرة واحدة في شوط “السانت ليجر” عام 1977م، حينما حل ثانيًا خلف الجواد “دونفيرملاين” لملكة بريطانيا إليزابيث، وساهم في بناء قاعدة إنتاجية مميزة، وفاز بلقب “فحل العام” في 1998م بفرنسا لفئة “أفضل فحل منتج للأمهات”.

27 يناير 2021 – 14 جمادى الآخر 1442

08:50 PM


مدربه يروي تفاصيل مثيرة حول قدراته

ارتبط اسمه بنشرات الأخبار الرياضية الرئيسية بالتلفزيون السعودي أواخر الثمانينيات الميلادية. عُرف بما كان يحققه من فارق كبير بينه وبين بقية المنافسين في السباقات، ولُقب بـ”ملك الأطوال”، كما ذاع صيته خارج الوسط الفروسي لاستعراضه الدائم في الخط المستقيم من مضمار السباق.

وما زالت مواصفات الجمال لديه من تجسيد ولون وقوام ممشوق عالقًا في الأذهان.. ولم ينسَ عشاق الخيل والمتابعون جملة “وبفارق بعيد من الأطول، وبدون أدنى منافسة” للمعلق علي ياسين –رحمه الله- وهو يعلق واصفًا سباقات البطل “وراد” للأمير بدر بن عبدالعزيز -رحمه الله- على ميدان الملز التاريخي في جميع سباقاته، التي من أهمها فوزه بــ”كأس ولي العهد” عام 1987م، و”كأس الملك” مرتين متتاليتين عامَي 1987م و1988م، إلى جانب أنه لم يخسر في الميدان السعودي سوى مرة واحدة بعد أن سقط في جهاز الانطلاق، وتعرض لإصابة أبعدته لفترة قصيرة حتى عودته وختامه مسيرته في السباقات.

كيف وصل “وراد” للميدان

باستثناء البطولات التي كان ينظمها نادي سباقات الخيل “ناي الفروسية سابقًا” على ميدان الملز التاريخي نتيجة حدث مهم للوطن، أو لزيارة ملك أو رئيس دولة ما، كان التنافس بين الإسطبلات آنذاك على أشده في بطولتين كبريين فقط، هما “كأسا الملك وولي العهد”؛ الأمر الذي وضع المُلاك حينها تحت ضغط كبير جدًّا، خاصة ما يتعلق باستقطاب الخيل من الخارج، الذي يعتمد على مصدرين مهمين، الأول مزاد “تاتيرسيلز” البريطاني، والآخر العلاقات الخارجية والمصادر الخاصة. والأخير كان محاطًا بسرية تامة بين مسؤولي الإسطبلات، تمامًا كما يحدث على مستوى التعاقدات بين لاعبي كرة القدم. وهذا ما يمكن استنتاجه من حديث المدرب القدير سعد بن مطلق، مدرب الجواد البطل “وراد”، وهو يروي قصة شراء هذا البطل بقوله: “طلب مني الأمير بدر بن عبدالعزيز -رحمه الله- شراء جواد قادر على تحقيق كأسَي الملك وولي العهد، على أن يكون أيضًا دعامة مهمة لإنتاج مزرعته. وكما يعرف الجميع، الأمير بدر كان صاحب نظرة فاحصة في الخيل، وعاشقًا كبيرًا لها؛ فكان من الصعب إقناعه بعروض محددة من بعض المختصين بالخارج؛ الأمر الذي أجبرني على السفر لأوروبا”.

وأضاف: “زرت دولاً عدة مهتمة بالخيل وتربيتها، حتى وصلت إلى إيرلندا، ومكثت فيها أكثر من شهرين في أواخر عام 1985م؛ لدراسة العروض المقدمة لنا، والوقوف عليها داخل الإسطبلات والتمارين الصباحية هناك، حتى استقر بي النظر على الجواد (نمين) الذي أسماه الأمير بدر بعد وصوله إلى السعودية (وراد). وشعرت لحظتها بتوفيق الله سبحانه وتعالى أن هذا الجواد سيرضي الأمير بدر”.

وتابع: “كان متكامل الأوصاف شكلاً وسلالة ومستوى؛ وهو ما أجبرني لحظتها على إنهاء الصفقة بأسرع وقت، ودون الدخول في مفاوضات طويلة؛ بسبب الخوف من انتقاله لمالك آخر. والأمر الثاني أن أخبار مفاوضاتنا قد تصل لمنافس آخر في السعودية؛ وبالتالي يرتفع سعره، وتضيع هذه الفرصة التي أتت بعد فترة انتظار طويلة ومتعبة بالنسبة لي على اعتبار أنني مدرب لجياد الأمير بدر في السعودية، وفي فترة غيابي لأكثر من شهرين ربما تتأثر جياده في سباقاتها؛ فكانت تلك المدة أعتبرها من أصعب الفترات التي مرت بحياتي المهنية مدربًا”.

وبدأ البطل في الظهور

ويستطرد المدرب القدير سعد بن مطلق في قصة البطل “وراد” حول بداية ظهوره في الميدان السعودي: “الأمير بدر شغوف بحب الخيل، وسعادته تكمل بمشاهدتها وهي تشارك في السباقات. وهذا الأمر وضعنا كجهاز فني آنذاك تحت ضغط كبير من ناحية مشاركة (وراد) منذ وصوله، حتى وصلنا لمرحلة أن يشارك بالرغم من عدم تأقلمه على الأجواء كما يرضيني كمدرب. وبالفعل اضطررت لتسجيله ضمن سباق على مسافة 1600م التي لم تكن تناسب قدراته مطلقًا، وحقق الفوز على أرضية ثقيلة جدًّا بسبب الأمطار، وبفارق بسيط عن الخيل المنافسة”.

ويضيف: “لحظتها لم أكن قلقًا على المستوى الذي قدمه لإدراكي التام بأن (وراد) لم يصل للجاهزية المطلوبة، وسوف يكون في المعدل الذي يلبي رغباتي بعد هذه المشاركة، وهذا ما تحقق في بقية سباقاته، التي كانت علامات فارقة وصورًا فريدة بميدان الملز؛ إذ كان لا يرضى (وراد) بأقل من (عشرة أطوال) عن بقية المنافسين؛ ولذلك اكتسب هذا البطل شهرة واسعة وذكريات خالدة حتى من خارج الوسط الفروسي، وبقيت حتى وقتنا الحاضر”.

مميزات وصفات “وراد”

وبطبيعة الحال للجواد البطل مميزات وصفات خاصة، وعنها يذكر المدرب سعد بن مطلق: “الجواد وراد فيه الصفات الطيبة كافة التي يتمناها المدرب؛ إذ كان فيه هدوء عجيب، يدل على ثقته وإحساسه بأنه بطل، فإذا شاهده شخص غير ملم بالخيل يعتقد أنه حصان (كسول) أو أنه يشعر بأمر ما، لكن إذا تم وضع السرج عليه، ودخل الميدان، انتفض وتبدل حاله الهادئ إلى تأهب وترقب، حتى في جهاز الانطلاق تجده متوثبًا ومستعدًّا بقوائمه الأربع لفتح البوابة”.

وأضاف: “كان يكمل وجباته الغذائية بسرعة هائلة، ويعرف في يوم السباق بأنه سيشارك فتجده يقف على باب غرفته طوال اليوم متأهبًا. صفات ومميزات كثيرة لهذا البطل تجعله في ذاكرتي ما حييت”.

الجواد “وراد” انتهت مسيرته في السباقات بعد فوزه الثاني بكأس الملك، وتحول بعدها لمزرعة “جو” للأمير بدر بن عبدالعزيز لإنتاج الخيول، لكن لم يكتب لها أن تستمر طويلاً بعد وفاته؛ لتعرضه لـ “مغص الخيل المعقد” تاركًا للساحة مهرًا واحدًا فقط، هو الجواد “شبل وراد” الذي حقق الفوز مرة واحدة من أصل خمس مشاركات فقط.

وراد.. حقائق وأرقام

وفي الوقت الذي يعد فيه الجواد “وراد” من أبرز الجياد التي توشحت شعار إسطبل الأمير بدر بن عبدالعزيز، وحقق معه 8 انتصارات، منها ثلاث بطولات كبرى، إلا أنه يملك سجلاً مميزًا في السباقات قبل وصوله للأراضي السعودية؛ إذ كان يشارك باسم “نمين” في 14 مرة، حقق خلالها 3 انتصارات، كان أبرزها في شوط “البلاندفورد” للفئة الثانية “GR2″في إيرلندا، وحقق الوصافة في شوط “التاتير سيلز جولد كب ستيكس” للفئة الثانية “GR2”. أيضًا سجل حضورًا مميزًا في شوط كلاسيكي بسباق “السانت ليجير” البريطاني للفئة الأولى”GR1″ ، وحل بالمركز الرابع خلف الفرس الشهيرة “أو سو شارب” عام 1985م.

تجدر الإشارة إلى أن الجواد “وراد” يعود لأبيه الفحل “الليجيد” الذي فاز بأقوى سباقات العالم “الآرك” الفرنسي مرتين، ويعد أحد أبرز جياد القرن العشرين، ولم يهزم طوال مسيرته في السباقات التي بلغت 10 مرات إلا مرة واحدة في شوط “السانت ليجر” عام 1977م، حينما حل ثانيًا خلف الجواد “دونفيرملاين” لملكة بريطانيا إليزابيث، وساهم في بناء قاعدة إنتاجية مميزة، وفاز بلقب “فحل العام” في 1998م بفرنسا لفئة “أفضل فحل منتج للأمهات”.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply