[ad_1]
المثير أنه وبعدما قررت واشنطن التراجع -أو هكذا تدعي- أخذت تلوم من بدأ في إعادة تموضعه السياسي والأمني والاقتصادي؛ لأن حياة الأمم لا تتوقف على شراكة أو حلف مهما كانت.
رحلة العودة الأمريكية إلى مرابع الشرق الأوسط صاحبَها الكثير من الارتباك والتردد والخشونة والصدام مع حلفاء وشركاء وأصدقاء.. ليظهر على سطح الشرق الأوسط الساخن سؤال مهم رافق تلك العودة، يقول: هل نجحت أم فشلت واشنطن في اختبار العودة؟؟ على الأقل أمام حلفائها وشركائها.
لو فككنا الخريطة السياسية في المنطقة ما قبل 2010 وما بعدها سنرى التالي:
كان لدى واشنطن حلفاء تقليديون (السعودية، دول الخليج، مصر، الأردن، المغرب) إضافة إلى حلفاء إقليميين (تركيا، إسرائيل).
بعد 2010 تغيرت الخريطة، وابتعدت أمريكا عن أهم حلفائها التقليديين الكبار؛ السعودية ومصر، وعززت علاقاتها مع (ميليشيات متناثرة) واحتفظت بعلاقات مع الأردن وبعض دول الخليج، كذلك ابتعدت قليلاً عن تركيا واستبدلتها بحلفاء إقليميين جدد (إيران، إسرائيل، إثيوبيا).
ليخرج لنا سؤال آخر: هل العودة صادقة أم أنها مجرد مناورات لا أكثر، لكسب الوقت ولهدف بعيد تريد تحقيقه قبل الرحيل؟؟
فأمريكا التي نعرفها ماتت على يدي الرئيس الأسبق باراك أوباما، وما نراه اليوم أمريكا أخرى غير أخلاقية، وغير ملتزمة، وغير متفهمة، تريد المغادرة، ولكن في الوقت نفسه تريد تدمير المنطقة من ورائها، ولا تريد لأحدٍ أن يحل مكانها في هذه البقعة الحيوية من العالم، وهو ما يبدو أنه رأي سائد ومفضل في واشنطن.
حرب غزة الأخيرة أكدت بما يدع مجالاً للشك فشل العودة الأمريكية للمنطقة، فلم تعد أمريكا قادرة -أو لا تريد- على ضبط ردود الأفعال وكبح جماح الغضب، ولم تعد تلك الدولة التي تستنفر طاقاتها لتخفيض التوترات -كما فعلت مع السعوديين في حرب بيروت 1982-، وكأنها تريد للمنطقة أن تنفجر بالاحتجاجات والفوضى، مستعيدة ربيع باراك أوباما 2010.
الفشل الآخر جاء في الحفاظ على أمن إمدادات الطاقة والتجارة العالمية التي تمر بمضيق باب المندب على ساحل البحر الأحمر الذي رفضت يوماً ما المساهمة في أمنه، وها هي اليوم تسوّق لعملية أمنية انتقائية تهدف إلى الحفاظ على المقاول مع السيطرة على التجارة القادمة من الشرق لا أكثر.
لقد تحول التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط، من شراكة حقيقية وصداقة ومنافع متبادلة، إلى وجود أمني يمكّن أمريكا من السيطرة على المضائق والممرات المائية المهمة في العالم، دون التفات لتنمية أو حياة سكان المنطقة.
تبدو خيارات واشنطن في الحفاظ على الميليشيات كبديل لحكومات المنطقة واضحة، ولذلك لم تترك لإسرائيل حرية الضرب في اليمن لأنها لا تريد أن تفقد تلك الميليشيات، وهو ينطبق تماماً على حزب الله والميليشيات العراقية.
السلوك الأمريكي لم ينجح في إقناع الدول العربية الكبرى بعودتها كشريك حقيقي، وعلى واشنطن التعامل مع المنطقة التي تغيرت تماماً إلى مفهوم آخر غير التذاكي، واللعب على الوقت ومحاولة تسييل المنطقة، ولا أدل من امتناع الدول المركزية من المشاركة في تحالف غامض بلا هدف ولا خطة واضحة.
[ad_2]
Source link