[ad_1]
استقر رحمن جان في مدينة شامان، حيث يعيش بعض أقاربه منذ حوالي 35 عاما. لكن إقامته خيم عليها الخوف طوال العامين الماضيين خشية ترحيله من باكستان. والآن تحول خوفه إلى يقين.
كان رحمن جان يدير متجر بيع بالتجزئة في أفغانستان. وكانت ابنته البالغة من العمر 11 عاما وابنه البالغ من العمر 8 سنوات ملتحقين بالمدرسة هناك.
ولكن بعد أن تولت طالبان الحكم في أفغانستان قبل عامين، شعرت أسرة رحمن جان بأن مستقبل تعليم أطفالها غير مؤكد، فكان قرار الهجرة.
والآن، يدرس طفلا رحمن في المدارس الخاصة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في منطقة غولدارا باغيتشا.
وزاد قلق رحمن بعد أن أصدرت الحكومة الباكستانية قرارا يطلب من اللاجئين مثله بمغادرة البلاد بحلول الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، فهو غير مسجل كمهاجر في باكستان ولا يحمل بطاقة الجنسية الأفغانية.
دوافع القرار
وكانت وزارة الداخلية الباكستانية أعلنت في 26 أيلول/سبتمبر 2023، القرار بشأن ترحيل الأجانب المقيمين بشكل غير قانوني، مشيرة إلى أن الغرض منه هو وضع وجود الأجانب في باكستان ضمن الإطار القانوني. ولهذا الغرض، تم أيضا إنشاء مراكز ترحيل في الأقاليم الباكستانية الأربعة.
ورغم أن سياسة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين تنطبق على جميع الرعايا الأجانب، إلا أن الأفغان هم الأكثر تضررا من حيث العدد.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن خطة الترحيل تلك تم وضعها بسبب التهديد المتزايد للإرهاب، والصلات المزعومة للأجانب بالأنشطة الإجرامية وما وُصِف بأنه “تأثير سلبي” لوجود المهاجرين على الاقتصاد. وتتهم الحكومة الباكستانية مواطنين أفغان بالتورط في هجمات إرهابية وبأنهم كانوا وراء 14 من أصل 24 تفجيرا انتحاريا في البلاد هذا العام.
مزيد من اللاجئين
قبل عام 2006، لم يكن اللاجئون الأفغان المقيمون في باكستان بحاجة إلى وثائق قانونية. وفي ذلك العام، بدأت الحكومة إصدار بطاقات إثبات التسجيل، والتي صانتهم من الترحيل والمضايقات حتى الآن. لكن تلك البطاقات لم يتم تجديدها بعد حزيران/يونيو 2023.
وفي عام 2017، بدأت الحكومة الباكستانية إصدار بطاقات الجنسية الأفغانية للأفغان غير المسجلين الذين يعيشون في البلاد، بغرض تسهيل معرفة السلطات المحلية بمن يعيش في مناطقها، فضلا عن توفير وثائق هوية لأكبر عدد ممكن من الأفغان.
وفقا للحكومة الباكستانية، هاجر ما يقدر بنحو 600 ألف مواطن أفغاني إضافي إلى باكستان بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان في آب/أغسطس 2021. ولم تسمح الحكومة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتسجيلهم، وبالتالي فإن إقامتهم في البلاد غير قانونية وقد يواجهون الاعتقال والسجن والترحيل.
وبحسب المفوضية، يبلغ عدد اللاجئين الأفغان المسجلين في باكستان 1.33 مليون لاجئ وفقا لأرقام المفوضية حتى 30 حزيران/يونيو 2023.
ويعيش حوالي ثلث هؤلاء الأشخاص في 54 مخيما مسجلا للاجئين الأفغان في جميع أنحاء البلاد، منها 43 مخيما في إقليم خيبر بختونخوا، و10 في إقليم بلوشستان، وواحد في إقليم البنجاب.
من هم اللاجئون النظاميون؟
ينقسم اللاجئون الأفغان المعترف بهم قانونيا في باكستان رسميا إلى ثلاث فئات:
- اللاجئون المؤقتون، وهم أولئك الذين يستمرون في القدوم إلى المناطق الحدودية الباكستانية مع أفغانستان ولديهم أقارب يعيشون في تلك المناطق أو في مخيمات اللاجئين.
- اللاجئون العابرون، وهم هؤلاء الأشخاص الراغبون في مغادرة أفغانستان والذين يتعين عليهم الذهاب إلى بلدان أخرى وتم السماح لهم بالبقاء في باكستان مؤقتا.
- الأفغان الذين يحملون تأشيرات إقامة.
ووفقا للحكومة الباكستانية، سيتم في المرحلة الأولى من خطة الترحيل إعادة الأشخاص غير المسجلين والذين تجاوزوا فترة إقامتهم.
أما الخطوة التالية، فستكون إعادة حاملي بطاقة الجنسية الأفغانية إلى وطنهم، بينما سيتم في المرحلة الثالثة إعادة الأفغان الذين يحملون بطاقات إثبات التسجيل إلى وطنهم.
عودة الآلاف
وتشير أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، إلى أن أكثر من 83 ألف لاجئ أفغاني عادوا إلى بلادهم عبر حدود إقليمي مدينة تورخام في إقليم خيبر بختونخوا، ومدينة تشامان في إقليم بلوشستان منذ الأول من كانون الثاني/يناير 2023.
وكان بين العائدين 88 في المائة من اللاجئين غير المسجلين، و9 في المائة ممن يحملون بطاقات إثبات التسجيل، و3 في المائة من حاملي بطاقات الجنسية الأفغانية.
وطبقا لاتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين والبروتوكول الخاص بوضع اللاجئين، لا يجوز إعادة اللاجئين قسرا إلى مكان تكون فيه حريتهم وحياتهم مهددة. لكن باكستان ليست طرفا في الاتفاقية أو البروتوكول الدوليين.
وحثت مفوضية اللاجئين باكستان على تعليق قرار إعادة المواطنين الأفغان قسرا، بغض النظر عن وضعهم القانوني.
وقال المتحدث باسم المفوضية في باكستان، قيصر خان أفريدي – في حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة – إن أفغانستان تواجه أزمة إنسانية خطيرة وهناك العديد من المشاكل، وخصوصا بالنسبة للنساء والفتيات، ولذلك فإن اللاجئين الأفغان المطرودين من باكستان قد يواجهون تهديدات عند عودتهم.
وقال إنه يجب أن نتذكر أيضا أن أولئك الذين يهاجرون بسبب الظروف السائدة في مكان ما لا يملكون عادة الوثائق اللازمة وتصاريح السفر. كما ينبغي أن تكون عودة اللاجئين طوعية ودون إكراه لضمان سلامة طالبي الحماية.
وقال قيصر أفريدي إن المفوضية عرضت مساعدة باكستان في التعامل مع اللاجئين القادمين إلى أراضيها ووضع إجراءات لتسجيلهم، وبهذه الطريقة ستكون لدى الحكومة معلومات دقيقة حول عدد القادمين إلى البلاد.
اعتقال اللاجئين
رشيد الله، مهاجر أفغاني يعيش في كراتشي، لديه بطاقة إثبات جنسية أفغانية، لكن الشرطة اعتقلته في الأيام الماضية.
ويقول سيد محمد، شقيق رشيد الله، إنه مقيم بشكل قانوني في باكستان، لكن السلطات أبلغته بأن البطاقة انتهت صلاحيتها.
ويعتقد طارق أفغان، المحامي لدى محكمة بيشاور العليا ومقدم الخدمات القانونية المتطوع فيما يتعلق بالمشاكل التي يواجهها اللاجئون الأفغان، أن هؤلاء اللاجئين جاءوا إلى باكستان ليس للحصول على وظائف، ولكن لإنقاذ حياتهم من الظروف السائدة في بلدهم.
وقال إنه إذا كان أي منهم متورطا في جرائم، فيجب على الحكومة اتخاذ إجراءات قانونية ضدهم، لكن ترحيل جميع اللاجئين هو أمر غير مسموح به بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
أمل في البقاء
وفي مخيم كوت تشاندنا للاجئين في مدينة ميانوالي الباكستانية، يبدو السوق الرئيسي هناك مهجورا هذه الأيام.
ويعد المخيم الذي يمتد على مساحة 2000 فدان، المخيم الرسمي الوحيد للاجئين الأفغان في إقليم البنجاب، والذي أنشئ عام 1980 عندما بدأ عدد كبير من اللاجئين الأفغان بالتوافد إلى باكستان بعد غزو أفغانستان من قبل الاتحاد السوفييتي السابق.
خايستا خان الذي يبلغ من العمر 68 عاما استقر في هذا المخيم منذ عام 1983، ويدير الآن متجرا لبيع الملابس في المخيم، وهو أب لولدين وبنتين، ولديه أيضا بطاقة تسجيل كلاجئ أفغاني.
ويقول إنه بعد أن أمرت الحكومة الباكستانية الأفغان بمغادرة البلاد، انتقل الكثير من الناس للالتحاق بأقاربهم في مدن أخرى، بعد أن أفادت تقارير بأن السلطات تعتقل أيضا اللاجئين المسجلين بغرض الترحيل.
ورغم ذلك، لا نية لدى خايستا خان لمغادرة المخيم أو باكستان، ويأمل هو وأقرانه من اللاجئين ألا يشملهم قرار الترحيل، وهو الأمل الذي يعيشون عليه في ذلك المخيم.
أما رحمان جان فلا أمل لديه في العثور على عمل ومواصلة تعليم طفليه وخاصة ابنته، في أفغانستان، حيث منعت حركة طالبان الفتيات من الحصول على أي تعليم ما بعد المرحلة الابتدائية.
وعلى الرغم من التطمينات التي تلقاها رحمن جان وغيره من اللاجئين الأفغان من أقاربهم في باكستان بأن الحكومة ستسحب قرارها، إلا أنهم أصيبوا بخيبة أمل لرؤية عشرات العائلات الأفغانية ترحل من باكستان في الأيام الأخيرة.
[ad_2]
Source link