[ad_1]
فمع أي حالة أو ظاهرة، أو فقد، أو (مصيبة) اجتماعية أو ثقافية، نسكب مداد الكلمات المدلوقة على ما نحن فيه، أو ما قد حدث.
نحن نستلهم جدرنا الأولى، وهو البكاء على الأطلال.
بكينا فقد الأدب الساخر، وبكينا جفاف أدب الرحلات، وبكينا على غروب زمن الصحف، وسوف نبكي على فقدان التلفزيون والإذاعة، وقريباً سنبكي الواقع الحقيقي أمام الذكاء الاصطناعي.
ويقيني التام بأن الحياة لا تفرط في أدواتها، وإنما تحولها تحولاً يلائم مسيرتها، إلا أن البكاء سمة متأصلة في الإنسان يتناقلها عبر مرور الأزمان، ولم نستطع فهم تحولات السنن وعدم اختفائها حتى إن لم تكن متواجدة يكفيها أنها مسجلة في صفحات التاريخ أو في ذكريات من عاش وكتب، فمع التغيرات تصنع الحياة لنفسها مخزناً تضع فيه ما لم يعد مستخدماً.
و(أدب الشوارع) مصطلح حديث، وله أصول بدأت من زمن رجل الكهف، وأول فعل فعله الإنسان للتعبير عن ذاته هي الكتابة سواء رسماً أو حرفاً.. ومع الانتقال إلى العمران تحولت الجدران إلى بريد ينشر فيه الإنسان رسائله في الهواء الطلق.
وهذه الكتابة هي وسيلة أوجدتها الحياة لتذكرنا بأول إشارة تعبيرية للإنسان.
وأجد نفسي شكاء من عدم تدوين (أدب الشوارع) وبعض نصوصه يمتلك مقدرة إبداعية متقدمة، لاختزال رسالة عميقة في سطر واحد، كتب على جدار هالك!
وبكائي هنا لعدم الاهتمام الكافي في المحافظة على هذا الأدب، ويزداد البكاء حين توصم الكتابة على الجدران بأنها فعل مناف للواجهة الحضارية، وهو قول صائب إلا أنه مفرط لهذا الأدب (الشوارعي)، وبين الحالتين يظل البكاء حاضراً؛ حاضراً لتشويه جنبات البيوت، وحاضراً لتغيب هذا الأدب، ربما تنبه البعض لجمال ذلك الأدب، فتم تخصيص مكان محدد للكتابة عليه، إلا أن ذلك لا يتسق مع من يرغب بتجسيد لحظة إبداعية أو رسالة خاصة تكتب على جدار بعينه، هذه اللحظة لا تتسق مع الانتقال إلى الجدار المخصص لذلك.
لم أنته من عرض الفكرة كما تدور في خلدي، ولذا يكفى أن أقول إنني رجل طلالي كثير البكاء على ما تتم مواراته من حياتي التي ألفت كل ما عشت به.
للموضوع عودة أكثر تركيزاً.
[ad_2]
Source link