[ad_1]
وهناك من يعرف هذه الوسيلة بأنها: حركة سرية وخفية، تندس في صفوف الدولة، أو الدول المستهدفة، بهدف: إضعاف محاولات الدولة، أو الجهة المستهدفة، الدفاع عن نفسها، أو النضال من أجل حقوقها.
وبالطبع، تعتبر هذه «الوسيلة» خيانة قاصمة، وخسيسة، وتتواجد في أغلب البلدان، ولكن دورها حاسم أحياناً، في تحقيق الكثير من الأهداف المبتغاة. فكثيراً ما يلعب هذا «الطابور» الدور الأهم في تغليب طرف معادٍ على آخر. من ذلك، مثلاً: الدور الشهير الذي لعبته مجموعة «كويسلنج» (Quisling) العميلة للنازية في النرويج، أثناء الحصار الألماني على النرويج، سنه 1940م. فقد تمكنت تلك المجموعة من إفساد مقاومة النرويجيين، وتسهيل اختراقهم وهزيمتهم، على يد النازيين، الذين احتلوا تلك البلاد بيسر ملحوظ، بفضل تلك الجماعة. وقس على ذلك.
ويعود ظهور هذا اللفظ (أو الاصطلاح / الوسيلة) إلى الحرب الأهلية الإسبانية، التي نشبت في القرن الماضي، 1936-1939م. فقد هجم المتمردون، بقيادة الجنرال فرانسيسكو فرانكو، على العاصمة مدريد، من جهات عدة.. مستخدمين أربعة «طوابير (ألوية).. وكان هناك طابوراً «خامساً» خفياً، داخل مدريد نفسها، أسهم في إنجاح الهجوم.. وسقوط مدريد، في يد فرانكو وقواته.. وذلك «النصر» تم، في الواقع، بواسطة خمسة طوابير.. أربعة كانت ظاهرة، وخامس «خفي»… ظهر فيما بعد – عقب الانتصار. وقد لعب الطابور الخامس، الذي زرع سراً وخفية في قلب العاصمة (الجهة المستهدفة) دوراً حاسماً في تحقيق ذلك النصر؛ بسبب عدم علم «الأعداء» (المستهدفين) بوجوده، إلا فيما بعد.
****
غير أن استخدام مصطلح «الطابور الخامس» الآن، ينصرف إلى: مجموعة عميلة باعت وطنها… وسواء كانت مسلحة، أو غير مسلحة. فهذه «الوسيلة» أضحت عبارة عن أفراد وجماعات (عميلة غالباً) يعملون في كل مجال، تقريباً، خاصة في المجالات الفكرية والإعلامية والعسكرية. وهي وسيلة تستخدمها بعض الدول؛ للتأثير على سياسات وسلوكيات دول، أو جهات أخرى. ومن الامثلة القائمة والمعروفة بالمنطقة على ذلك: قيام إسرائيل النظام بإنشاء ودعم بعض الأفراد والجماعات، لتعمل كـ «طابور خامس» لصالح سياسات إسرائيل، في الدول المجاورة. كما أضحى بالإمكان استعمال هذا الاصطلاح للإشارة إلى: أي تحرك معادٍ، يفاجئ المستهدفين بغدره، أو طعنه إياهم من الخلف، وسواء من الداخل أو الخارج.
وفي حقيقية الأمر، أصبح استخدام هذه «الوسيلة» أيضاً، دليل مهارة استراتيجية وتجسسية، وتخطيط جهنمي، بل وحاذق، في السعي لتحقيق الأهداف المطلوبة، سواء كانت مشروعة، أو غير ذلك. أي: أن وسيلة «الطابور الخامس» ليست حكراً أو وقفاً على دول، أو جهات، معينة. فبإمكان المستهدفين بها استخدامها هم أيضاً إن استطاعوا. فالحرب خدعة، وكثيراً ما تلجأ بعض القوى، في الوقت الحاضر، لـ «تجنيد» أفراد أو جماعات تروّج لأفكار معينة، تخدم تلك القوى. وتهاجم الأفكار والتوجهات «الوطنية» المضادة المخلصة، وما إلى ذلك. وقد تلجأ القوى المستهدفة لعمل المثل. ويأخذ ذلك التجنيد صوراً مختلفة، ويتم بطرق متنوعة، لا تخفى. فلقد أمست وسيلة «الطابور الخامس» من أبرز ظواهر الصراع الدولي، في الوقت الحالي.
****
ويتفنن «الاستعمار» -قديمه وجديده_ في استخدام «وسائل» (خبيثة) عدة… للسيطرة على بعض البلدان والمناطق، وإخضاع شعوبها، والهيمنة على مقدراتها، وسلبها حقوقها الطبيعية المشروعة، بما فيها الاستقلال، وحق «تقرير المصير»، واتخاذ التوجه المستقبلي الذي تقره غالبيتها، بهدف: استغلال إمكانات هذه الشعوب ونهب ثرواتها ومواردها المختلفة، وجعلها ضعيفة ومستباحة، للعربدة الاستعمارية الظالمة. فالاستعمار -بأهدافه البشعة، ووسائله الرهيبة- هو: من أقسى «الاعتداءات» التي يمارسها الإنسان على آخرين، من بني جنسه. إنه، في الواقع، حرب استعباد واستغلال، وإهانة، ضد الشعوب، ومقدراتها.
إن من أهم «وسائل» الاستعمار الجديد، الذي يتزعمه الغرب المتنفذ، والنشط حالياً، هي «السيطرة السياسية»، غير المباشرة، التي تتجسد في آليات سياسية، يقيمها ذلك الاستعمار، لإخضاع شعوبٍ بأكملها لإرادته، ولصالح سياساته. وهناك «وسائل» أخرى عديدة، مترابطة مع الوسيلة الأساسية الأولى. حيث إن كل «الوسائل» تفعل؛ لتحقيق الأهداف الاستعمارية، قبل غيرها من الأهداف. وتظل وسيلة «الطابور الخامس» من أهم تلك الوسائل.
****
ويزداد نشاط هذا «الطابور» (المكون غالباً من أناس من أهل الجهة المستهدفة) أثناء الحروب، والاضطرابات، وفي حالات عدم الاستقرار، وتعرض المستهدفين لهجمات من القوى الخارجية المعادية. وكذلك في الدول «الفاشلة»، سياسياً.
والخلاصة، كثيراً ما تلجأ بعض القوى، في الوقت الحاضر، لاستخدام هذه الوسيلة، و«تجند» طابوراً، أو طوابير خاصة، تعمل لصالحها. وقد تلجأ القوى المستهدفة لعمل المثل. ويأخذ ذلك التجنيد صوراً مختلفة، ويتم بطرق متنوعة، لا تخفى على ذكاء القارئ.
[ad_2]
Source link