[ad_1]
وقد حصلت الغالبية من الأقاليم التي كانت تحت نظامي الانتداب والوصاية هذين، على الاستقلال السياسي. حيث ساهم مجلس الوصاية في تحقيق ذلك الاستقلال.. ولم يعد لهذا المجلس أهمية تذكر، نظراً لمحدودية نطاق اختصاصه، في الوقت الحالي. لقد أضحى إلغاؤه ضرورياً، بانتهاء نظامي الوصاية والانتداب من العالم كله. وقد تتبادر للذهن هنا قضية فلسطين، وغيرها، باعتبارها أهم مخلفات نظام الانتداب. ولكن هذه القضية استبعدت من مجلس الوصاية منذ الخمسينيات. ويكاد التحالف الاستعماري – الصهيوني، أن يصفي هذه القضية تماماً لصالح الكيان الصهيوني، لولا بقية من مقاومة، ومطالبة.
****
ويتكون هذا المجلس من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي تتولى الوصاية على بعض الأقاليم، والدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن غير القائمة بالوصاية على أي منطقة، والعدد من أعضاء الأمم المتحدة الذي يكفل المساواة العددية بين مجموع الدول القائمة بالوصاية، والدول التي لا تمارس الوصاية. تقوم الجمعية العامة بانتخابهم لمدة 3 سنوات، قابلة للتجديد. وبهذا، يجمع مجلس الوصاية في عضويته، الدول التي تقوم بالإشراف على الأقاليم، وعدداً آخر مساوياً لعددها، من الدول التي لا تمارس مثل هذا الإشراف.. على أن يكون ضمن العدد الأخير الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، التي لا تشرف على أي إقليم. ويجتمع مجلس الوصاية مرتين في السنة، على الأقل. وتصدر قراراته بأغلبية الأعضاء الحاضرين المشاركين في التصويت.
****
وطالما لم يعد لهذا المجلس حاجة تذكر، فإن الدعوة إلى تعديل ميثاق الأمم المتحدة، التي ما زالت قائمة، يحسن أن تتضمن إلغاء هذا المجلس.. واستبداله بمجلس آخر، يحتاج إليه العالم، وبخاصة النامي، حاجة ماسة وأكيدة. أو إبقاء مجلس الوصاية، واستحداث مجلس (جهاز) سابع.. يشرف على مكافحة الفساد السياسي، بأنواعه، وضمان سلامة النظم السياسية، لدول العالم المختلفة. فمن المعروف أن عالم اليوم يشهد تحولاً مما تبقى من ديكتاتوريات عسكرية، وغيرها، إلى حكم الشعوب. ولكن هذا التحول كان – وما زال – يواجه عقبات كأداء كبيرة، يأتي في مقدمتها: استبداد بعض الحكام، وتزوير الانتخابات، أو عدم الحرص على نزاهتها، والتلاعب بالقوانين الدستورية. الأمر الذي يستوجب إنشاء جهاز أممي.. يتولى الإشراف على آليات ذلك الانتقال المأمول من قبل الشعوب، بما يضمن صحة الانتخابات، والإجراءات، ومن ثم تحقق الأهداف المتوخاة.
****
من المعروف أن الانتخابات غير السليمة لا تؤدي إلى النتيجة الصحيحة، بل إن هذه الانتخابات ينتج عنها تدعيم بعض الديكتاتوريات، أو استبدال ديكتاتورية بأخرى. لهذا، تتبرع بعض الجماعات والهيئات الدولية بمراقبة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تتم في بعض الدول النامية، من حين لآخر.. لضمان نزاهتها وسلامتها، وصحة الإجراءات المتعلقة بها، وبالتالي ضمان حصول التحول الفعلي المأمول.
وربما يكون من المناسب الآن أن تنشئ الأمم المتحدة مجلساً، أو جهازاً رئيساً آخر لها، مهمته: مكافحة الفساد السياسي، وفي مقدمته الاستبداد السياسي. إضافة إلى الرقابة على الانتخابات في بعض الدول النامية، وكل الدول التي تثبت حاجتها لمثل هذه الرقابة.. حتى يتحقق التحول النوعي المطلوب، بشكل فعلي.. ويسود البلاد المختلفة الاستقرار السياسي الحقيقي، الذي يسهم في استتباب الأمن والاستقرار الدوليين، وبما يحقق أهداف الأمم المتحدة، وما نص عليه ميثاقها. أو تعديل نظام مجلس الوصاية، ليتولى هذه المهمة.
****
والأمثلة على حاجة معظم الدول النامية إلى هذه الخدمات أكثر من أن تحصى.. إذ يكفي أن يتابع المرء ما يجري على يد المستبدين، وما يجرونه من انتخابات رئاسية أو تشريعية، في كثير من دول العالم، وخاصة النامي، ليرى كيف أن شعوباً تقهر، وأن أكثر الانتخابات صورية، ولا تسير على النحو السليم.. وكيف أن التزييف يتكرر، وتكثر التجاوزات الدستورية المعروفة. لذلك، فإن مجلساً للرقابة في هذا الشأن، تابعاً للأمم المتحدة، ومصمماً كي يحقق أهدافه الرئيسة، بما يكفل نزاهة الممارسة السياسية، يسهم في خدمة الشعوب، ويدعم أمنها وسلامها. لا يكفي قيام مؤسسات مجتمع مدني دولية عدة، محدودة الإمكانات، وغامضة الأهداف، بمهمة مراقبة بعض الانتخابات. فهي مهمة تحتاج إلى جهاز أممي قوي وفعال، وبإمكانات مناسبة لمهامه الجليلة.
وكما تمكن مجلس الوصاية من إنهاء الاستعمار القديم (المباشر) من بعض أرجاء العالم، فإن مجلس الرقابة المقترح هذا يمكن أن يحرر كثيراً من شعوب العالم من الفساد والتسلط (الناجمين عن استحكام بعض المصالح الخاصة، وتزييف الانتخابات).. اللذين هما السببان الرئيسان لتخلف تلك الدول، وتعثرها، وانتشار الاضطرابات والقلاقل فيها، أثناء وبعد الانتخابات، ومعظم ما تسفر عنه. إنها مهمة تستحق أن تكون من أولى مهمات الأمم المتحدة.
****
كثيرة هي، في الواقع، الإصلاحات المطلوب إدخالها على ميثاق هيئة الأمم المتحدة، وأسلوب عملها، واضطلاعها بنشاطها، كي تتحقق الأهداف النبيلة من إنشاء هذه المنظمة الأممية، التي يفترض أن تكون الوسيلة الأنجع لبسط السلم والأمن الدوليين، وتسهيل الرفاه لكل البشرية، بناء على التطبيق الفعلي – على الساحة الدولية – لمبادئ الحرية، والعدالة، والمساواة. وذلك يسهم في دعم محاولات التنمية السياسية الإيجابية، التي تتم في هذه الدولة، أو تلك. ومن تلك الإصلاحات ما ذكرناه هنا. فما زالت الإنسانية في أمس الحاجة لمثل هذا الجهاز. وتظل البشرية تضع على هذه المنظمة الكثير من الطموحات والآمال، رغم أن القوى الاستعمارية والعنصرية المهيمنة، تجعل هذه الطموحات مجرد تطلعات واهمة.
[ad_2]
Source link