[ad_1]
أما الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط؛ الذي قال منذ البداية إن الطائرة بعد ساعات من هذا المؤتمر مستعجلاً المغادرة إلى القاهرة، فبدا أكثر تفاؤلاً وارتياحاً وهو يستعرض الحدث الأهم والأبرز في هذه القمة؛ وهو عودة سورية إلى الجامعة العربية ومشاركة رئيسها بشار الأسد بعد انقطاع دام 12 عاماً.
كان هذا بالنسبة إلى الجامعة العربية والدول العربية خطوة كبيرة، خصوصاً أنها بداية مسار في العلاقات العربية السورية، كما وصف أبو الغيط، مضيفاً أنه يحتاج إلى خطوة مقابل خطوة بين الجامعة ودمشق للوصول إلى تسوية كاملة وشاملة وطي صفحة سورية من قائمة الأزمات العربية والدولية.
نعم الجامعة العربية في كثير من الأحيان غير قادرة على حلّ كل المشكلات العربية، وليست لديها القدرة أيضاً على فرض الحلول على الدول العربية، لكن مثل هذه اللقاءات السنوية في ظل الظروف الاستثنائية التي يعاني منها العالم العربي خصوصاً بعد 2011، بكل تأكيد ستكون مسألة تسهم في التهدئة؛ سواء فيما يتعلق بالأطراف المتنازعة في العالم العربي أو فيما يتعلق بالمشكلات العالقة بين بعض الدول، والحقيقة أن هذه اللقاءات في كثير من الحالات تسهم في حلحلة التوتر، وصحيح أن هذا لا يكفي لجعل العالم العربي أكثر أمناً واستقراراً، لكنه مفيد وأفضل من لا شيء.
ما يميز قمة جدة أنها كانت أكثر شفافية في الطرح الواضح والصريح لما يعانيه العالم العربي من أزمات، ولأن العرب بدأوا يدركون أن حجم المشكلات المتناثرة على الأرض العربية يتطلب جهوداً متناسقة بين كل هذه الدول، ولا يقتصر هذا الإدراك على المسائل السياسية والأمنية فقط، بل تجاوز ذلك إلى أهمية النظر إلى التواصل الحضاري والتنمية المستدامة وحتى الاهتمام باللغة العربية وضرورة تعليمها للجيل الثاني والثالث من أبناء المهاجرين العرب، بالفعل كانت لغة إعلان جدة مختلفة إلى حد كبير مع البيانات السابقة.
إن النقاط الـ12 في إعلان جدة تضمنت بنوداً جديدة من التنمية المستدامة إلى الاهتمام باللغة العربية كلغة حاملة للتواصل الحضاري، وصولاً إلى إنشاء مراكز أبحاث في الاستدامة والتنمية الاقتصادية.
من خلال اللقاء مع العديد من المسؤولين العرب، خصوصاً العاملين في الجامعة العربية، الكل يتحدث بذات الهواجس والطموحات المطلوبة من الجامعة، وبالفعل ليست هناك فجوة بين دوائر القرار العربي والشارع العربي، خصوصاً في ظل وسائل التواصل الحديثة التي باتت لا تحتاج إلى أقنية إعلامية رسمية، فالعالم اليوم على مستوى واحد من الانتشار الإعلامي من دون قيود أو حواجز، لكن بكل صراحة وواقعية تحتاج القمم العربية وبياناتها إلى قليل من الإرادة والمتابعة، وهذا هو المرجو من قمة جدة.
لا يستطيع المرء الإفراط في التفاؤل، وفي نفس الوقت لا حاجة للتشاؤم، ربما الوصفة ليست معقدة إلى حد كبير، لكن المطلوب فقط من الدول العربية متابعة هذا التفاؤل الذي أشاعته قمة جدة، وفي حال توفرت الإرادة العربية فإن الكثير يمكن إنجازه على مستوى الحكومات وأيضاً على مستوى الشعوب.
ولعل الإعلام له جزء كبير من إنجاح هذه القمم، والدور الأبرز هو التذكير الدائم بالأولويات العربية في أضعف الأحوال، لا يجب أن يضخ الإعلام العربي بكل مستوياته ساعات طويلة خلال انعقاد القمة العربية ومن ثم ينفض عن مثل هذه اللقاءات العربية، فالتأثير الإعلامي يجب أن يبقى مستمراً والحرص على البيانات العربية والتذكير بها، ليس فقط خلال القمة وإنما أيضاً بعد القمة.
إن الوقت اليوم مناسب أكثر من أي وقت مضى لكي يقوم الكل بمسؤولياته تجاه أمن واستقرار وتطوير وتنمية العالم العربي، فالإعلانات والبيانات ليست المقصد النهائي إطلاقاً، ما بعد هذه البيانات والإعلانات هو الأكثر أهمية.
إعلان جدة الصادر في نهاية أعمال القمة العربية في 19 مارس، لا يحتاج سوى إلى إرادات التطبيق لكل بند ورد فيه، وفي حال توفرت الإرادات لتنفيذ هذا الإعلان فبكل تأكيد ستكون القمة العربية القادمة نقطة تحول لإعلان وبيان جديد يبني على ما سبق، دون ذلك سنبقى في دائرة إصدار البيانات فقط، وهذا لا نتمناه ولا يحتاجه العالم العربي في هذه المرحلة الحرجة من التحولات الدولية.
[ad_2]
Source link