عيد السعودية والعروبة والإسلام – أخبار السعودية

عيد السعودية والعروبة والإسلام – أخبار السعودية

[ad_1]

ما من وطن أقام مؤسسوه بنيانه، وأعلوا كيانه لينهدم؛ وما من جغرافية سلّمت أمرها لزعيم ليمزقها ويشتت شملها، وما من تاريخ منح مصباحه لفارس ليحرقه، وما من شعب آمن بقدرات رمز ليضعف قواه، ويُشقي حياته، ومن أخلاق الأوطان، أنها لا تخون مَنْ كان بها وفياً حفيّاً، ولا تبخل على من كان لها معطاءً سخياً، وتعلي مكانةَ من كان معها كريماً أبياً. فتفخر الأوطانُ بقيادتها وشعوبها مثل ما تفخر الشعوب والقياداتُ بأوطانها، وكما تفخر الشعوب بقادتها والقيادة بشعبها.

وإنّ أعظم مظاهر فخر الوطن السعودي أنه حفظ قيمة وحدتنا التي ألّفت بين قلوب القادة والمواطنين، ورفع مقام كل وفيٍّ، بكى له، ولم يضحك عليه، وحمى مؤسساته من خائنيه وشانئيه، وأتاح ما فيه من الخيرات للمغرمين به، وعاشقيه.

تحضر عبر التاريخ، مواعيد لا تُخلف ساعتها ولا يومها، وإن كانت بعضُ القيادات جاءت في غير موعدها، فإن بعض الأوطان لم تحتفِ كما يجب بزعامات جاءتها في وقتها، فيما توافت المواعيد ووفت الأقدار في مملكة السعود، واكتملت عناصر الوفاء زماناً ومكاناً وإنساناً.

صدق (الملك عبدالعزيز طيّب الله ثراه) الله ما عاهده عليه، فنصر الله عبده، وأنجزه وعده، وأمات كل مغارس الشرّ والفُرقة، وأحيا منابت الخير والألفة، وسار الكرام البررة على نهج راسخ، وحافظوا على البناء شامخاً، إلى أن أكرمنا الله بالعيش في عهد عيد الأعياد، الذي صحح الاعتقاد، وعزز الأمجاد، وقدح الزناد، ورفد الإيراد، وقمع الباطل والفساد، وكان للمتربصين بالمرصاد، فتولى زمام المهام من هو أهل لها، فشيدت بلادي في كل ناحيةٍ جديداً، وأعد الشعب لكل منجز عيداً.

ليس عيدنا مظهراً طقوسياً عارياً من المعاني، ولا شعيرة تعبديّة مُفرغة من قِيَم ومبادئ التسامي، ولا مناسبةً شكلانية خالية من استشعار ما نحن فيه من أمن ورخاء، ونعمةٍ مكّنت الصوّام والقوّام من إقامة وتعظيم شعائر الله طيلة ثلاثين يوماً دون عكننة ولا تعكير صفو، وآلاف الجنود من الرجال والنساء المجندين لخدمة المواطنين والمقيمين من الحرمين الشريفين، إلى كافة أرجاء الوطن، فشكراً لمن جعل عيدنا مكيناً، وليس عيداً عابراً ولا متنكراً ولا متجرداً من مزيد طموحات وتطلعات، ولا مجافياً لفرحة الفرد والمجموع؛ الكيان والإنسان؛ المعنى والمبنى.

ومن حق الوطن علينا أن لا تقتصر فرحتنا فيه على لبس الجديد، وترديد النشيد، واستنفاد الرصيد، بل تتجاوز دائرة الفردية، وتستحضر بكل الفخر ما أُعتمد من قرارات، وما تبنى من مبادرات، وما ابتدر من مصالحات، فغدت عواصمنا مقصداً للأشقاء والأصدقاء والأوفياء.

كيف لا ووطننا أخٌ (يُشد به أزر) العروبة، علماً بأن نواة الوحدة العربية غُرست حالمةً ونبتت نزقةً، وربما شعاراتية، ومراهقة، لكنها اليوم أكثر نضجاً كونها أكثر استفادةً من تجارب الماضي، ودروس الحاضر، والعروبة؛ ليست عنصرية، ولا مطامع، بل مشاعر شعب خرج من عباءة تاريخ واحد، وتكلم بذات اللغة، وهو في هذا العيد يفخر برمز معاصر يزيل التلوث من محيطه، ويقوّض السدود الوهمية بين أوطاننا، ويمد جسور التواصل والتكامل، ونتشرف أن المملكة تستعيد دفة مركب الجوار والحوار؛ ليبحر لشواطئ الأمان، بعيداً عن كل ما حدث، وجميع من أحدث.

كما أن سفينة الإسلام والسلام تعود من غياهب الأمواج المتلاطمة، والأخطار المحدقة، التي أدخلها فيها بعض المنتسبين للمسلمين، فغدا ديننا النقي على أيديهم؛ أمشاجاً متغايرة، وأدياناً متنافرة، ومذاهب متشاجرة، وطوائف متناحرة، وها هي الجهود الخيرة، لدولتنا الوطنية تعيده لمساره الصحيح.

كم من أعوام مرت علينا فيها أعياد (باردة) وخالية من الحميمية التي كنا نعهدها في أزمنة مضت، فوطننا العربي منذ نكبات 2010 وما تلاها؛ تشظّى، واستحال الجسد أعضاء منبتةٍ لا يمكنها القيام بالدور الحيوي للجسد المتكاملة أعضاؤه.

غاب صوت جامعتنا العربية، لأن اللسان العربي المبين اعترته عُجمة، والصدر العروبي الذي كان فيه قلب واحد نابض بالشعور الأخوي، والمودة الصافية، أصبح أفرغ من فؤاد أم موسى صدراً ممزق الأضلاع، وحلّت محل القلب الطبيعي قلوب اصطناعية.

يحمّل البعض ما حدث السياسات الخاطئة، وهذا وارد، ويعزو البعض الأزمات إلى الخيانات؛ وذلك محتمل، فيما يوجه البعض أصابع الاتهامات إلى المؤامرات، وهذا ليس ببعيد ولا جديد، وإذا كان البعض أساء التدبير فإن الأغلبية أساءت التقدير.

ليس من الملائم في يوم كهذا أن ننكأ الجراح، ولا من المناسب حرق فرحة لم الشمل، فالعراقُ بيننا، وسورية عادت إلينا وعُدنا إليها، واليمن استعاد حكمته المشهودة والمعهودة، وإيران غلّبت صوت العقل على جنوح العاطفة، وجاء الموفّقون للخير لكي يوقظوننا من كابوس جثم علينا عقداً كاملاً، وأكثر، وكاد يفقدنا أملنا في يقظة عربية إسلامية تجعل الآخر إن لم يهابك فعلى الأقل يحترمك، صحيح كانت الإشكالات كُبرى، إلا أن النوايا الحسنة صغّرتها وحجّمتها لدرجة التلاشي.

أشعر بصدق أن هذا العيد جديد، وأن أكثر من ثلاثمائة مليون عربي، وأكثر من مليار ونصف المليار مسلم يشعرون بذات الشعور، فالدين لله، والمذهب لصاحبه، والطائفة للعالقين فيها، والمتعلقين بها، ولكن الوطن للجميع.

انفتحت آفاق أوسع للتقارب والتعايش والسلام، والمنافسون والخصومُ لم يكونوا أقوى منا، إلا أنهم استأسدوا علينا عندما توهمنا أننا ضعفاء، والعروبة بالإسلام حازت المجد من أطرافه، وإن كان العرب مادة الإسلام، فذاك نُبلٌ إضافي ومصدر اعتداد، تجلّى في يوميات العرب وفي معاركهم وحروبهم.

أشعر بمزيد فخر واعتزاز بوطني السعودي الذي أسهم بحضارية في رسم صورةٍ أجمل لعيدنا هذا العام (عيد السعودية والعروبة والإسلام). شكراً وطني، وكل عام وأنت الأعزّ الأحنّ الأبقى.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply