[ad_1]
ازدواجية معايير المناخ تعرقل عملية تحول واستدامة الطاقة
خبراء يؤكدون أنه لا يمكن الاستغناء عن استخدام منتجات البتروكيماويات في الحياة اليومية
الأحد – 12 شعبان 1444 هـ – 05 مارس 2023 مـ رقم العدد [
16168]
مبادرة السعودية الخضراء نموذج لتوجه دول المنطقة حيال التغير المناخي (الشرق الأوسط)
دبي: مساعد الزياني
منذ فترة قريبة أعلن الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي استثمار ما يصل إلى تريليون ريال (266.40 مليار دولار) في مجالات توليد الطاقة النظيفة، وفي أواخر العام الماضي، أعلنت دولة الإمارات عن استثمار 100 مليار دولار بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية لتنفيذ مشاريع طاقة نظيفة في البلدين ومختلف أنحاء العالم، الأمر الذي يعطي صورة واضحة عن توجه هذه الدول النفطية إلى تنويع اقتصاداتها ومصادر الطاقة فيها والقيام بدورها وواجبها في مواجهة انعكاسات تغير المناخ.
– مطالبة الإنتاج
وفي الوقت الذي تستعد فيه المنطقة لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ المعروف بـ«كوب 28» أواخر العام الحالي في دولة الإمارات، بدأت المطالبات التي تتهم قطاع النفط والغاز بالتسبب في مشكلات التغير المناخي، ووصلت تلك المطالبات للدعوة بوقف الإنتاج واستخدام تلك الموارد.
– تجاهل المسؤولية
يحمل النشطاء البيئيون فيما يتعلق بالتغير المناخي مجموعة من التناقضات والمعلومات الخاطئة، حيث تقوم دولهم بحرق الفحم الحجري على مدى قرون، وهو أكثر أنواع الوقود تسبباً بانبعاثات الكربون. وانتهت تلك الدول من إنجاز بنيتها التحتية الأساسية وتطوير اقتصاداتها، وبالرغم من ذلك يقوم بعض الناشطين البيئيين بالدعوة إلى وقف إنتاج النفط والغاز في دول نامية لا تزال تعمل على إنشاء بنيتها التحتية وبناء اقتصاداتها، حيث يمارس الناشطون البيئيون دعواتهم من خلال الوتر العاطفي في دعواتهم، متجاهلين عدم قدرة العالم على وقف إنتاج النفط والغاز بشكل فوري أو سريع دون أن يؤدي ذلك إلى انهيار عالمي شامل.
وقال الدكتور خالد باطرفي الأستاذ في جامعة الفيصل السعودية: «هناك من يعمل على تسييس القضية، والتربح من ورائها. ويلقي كل طرف بالمسؤولية على الآخرين، كما فعل الغرب بتحميل الدول المنتجة للنفط مسؤولية تلويث الكون، وبالتالي المطالبة بتعويض المتضررين. كما استخدم الساسة الشعارات لكسب الأصوات، ولم ينفذوا أكثر وعودهم، خصوصاً عندما تصطدم بالمصالح».
وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» حول ذلك: «التناقض أيضاً يتجلى في مطالبة البلدان المنتجة بتخفيض الإنتاج والأسعار في نفس الوقت الذي يرفعون فيه إنتاجهم، ويفرضون الضرائب العالية على المستهلك، وفي مطالبتنا بإنشاء بنى تحتية مكلفة بنفس الوقت الذي يتسببون فيه بتخفيض دخلنا القومي بدفع المنتج والسعر إلى الحضيض».
وتابع الدكتور باطرفي: «رغم أننا لم نتضرر حتى الآن من الاحتباس الحراري، كما تضررت دول النصف الشمالي من الكرة الأرضية، كما رأينا هذا العام في صيف أوروبا وأميركا، فإننا جزء من هذا العالم، وما يصيبه يصيبنا. ومع أننا في دائرة الاتهام، ظلماً وتعسفاً، لمجرد أننا ننتج النفط، وأنهم يتناسون أنهم أكثر المستهلكين له، والمتسببون في الانبعاثات الكربونية، فإننا نسابقهم في اكتشاف الحلول، وتطبيقها على أرض الواقع. كما تفعل السعودية من خلال مبادرتي الشرق الأوسط الأخضر والسعودية الخضراء ومشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، والأمونيا الزرقاء. وباعتماد الطاقة المتجددة في مدنها الجديدة كـ«نيوم»، وتطوير المدن القائمة والبنى التحتية، كمشاريع «الداون تاون» لأكثر من عشر مدن.
وأكد باطرفي: «الغرب يطالب ويحاضر، والسعودية تعمل وتحقق، والفارق كبير بين أصحاب الإنجاز وأصحاب الشعارات».
– منتجات الحياة
وبما أن النفط يتجاوز في الوقت نفسه كونه مصدراً للطاقة، فإنه لا يمكن الاستغناء عن استخدام منتجات البتروكيماويات، بما فيها استخدامات البلاستيك في الأدوات والمعدات الطبية، والتحول الذي أحدثه في القطاع الطبي، وعلى سبيل المثال كانت الحقن الطبية القديمة مصنوعة من الزجاج، ويتطلب استخدامها غليها لمدة عشر دقائق لتعقيمها، في حين تستخدم اليوم الحقن البلاستيكية المعقمة مسبقاً لمرة واحدة، وقد أسهمت في سرعة إيصال العلاج وإنقاذ الأرواح، حيث تمت معالجة الحفاظ على البيئة في هذا الجانب من خلال إعادة التدوير، وعدم رمي المخلفات البلاستيكية في مكبات النفايات أو البحار.
ومن جانبه أكد المهندس عثمان الخويطر الخبير في مستقبل مصادر الطاقة أن البعض يحاولون التقليل من أهمية البترول، ويتنبؤون بقرب الاستغناء عنه. فأحياناً يمجدون ظهور ومستقبل المركبات الكهربائية، وأحيناً يباركون مصادر الطاقة المتجددة. ويغفلون الأهمية الكبرى للمواد الهيدروكربونية للصناعات البتروكيماوية التي تمد العالم بأنواع لا حصر لها من المنتجات الصناعية والاستهلاكية.
وقال المهنس الخويطر في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «معظم هياكل المركبات الكهربائية والتقليدية مصنوع من مواد بترولية، بالإضافة إلى تعبيد الطرق التي تسير عليها المركبات بالأسفلت البترولي».
– أين الحل؟
الوصول إلى حلول فعالة يتطلب تشخيصاً علمياً واقعياً للمشكلة، والواقع أن غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري وارتفاع درجة كوكب الأرض تشمل: الميثان، وثاني أكسيد الكربون، وأكسيد النيتروز، والهيدروكلور وفلوروكربونات… وغيرها، ولهذه الغازات مصادر كثيرة، منها أنشطة الزراعة وتربية المواشي (الميثان)، والأنشطة الصناعية والمنزلية (الكربون)… وغيرها. أما عندما يكون تركيز بعض الناشطين على نوع واحد من الغازات كالكربون، وعلى قطاع واحد كالنفط والغاز، فهذا يدفع للتساؤل عن النوايا الحقيقية.
وفي هذا الجانب فإن السيارات الكهربائية تحتاج إلى بطاريات قابلة لإعادة الشحن، وتصنيع هذه البطاريات يحتاج إلى معادن مثل الليثيوم، وتعدين هذه المعادن يتسبب بخروج كمية كبيرة من الانبعاثات، وهنا يجب الأخذ في الاعتبار مصدر الكهرباء التي سيتم بها شحن تلك السيارات، والذي يدفع إلى التفكير في الدورة الصناعية والاقتصادية التي ستنشأ وعن مدى تسببها بالانبعاثات، ومن سيكون المستفيد اقتصادياً منها، في الوقت التي يتم فيه الترحيب بكل الخيارات والحلول، حيث تدعو الدول النفطية للاستثمار فيها واختبارها وتجربتها واعتماد الناجح منها ليتم نشره وتطبيقه على نطاق واسع.
– مؤتمرات الأطراف
ومع كل هذه التحديات والطروحات فإن الأنظار الآن إلى مؤتمر الأطراف المقبل الذي ستستضيفه الإمارات نهاية العام، وهو قيام صورة لما تقوم به دولة نفطية في الإعداد لحوار عالمي منطقي وهادئ حول تغير المناخ، مع اختيار الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، لرئاسة تلك الدورة، والذي يمثل انعكاس للنظرة الواقعية، حيث يرأس الدكتور الجابر شركة النفط الوطنية في الإمارات (أدنوك)، حيث بدأ التركيز على خفض الانبعاثات في عمليات الإنتاج، كما أنه عمل على تأسيس شركة مصدر للطاقة المتجددة.
وكان الدكتور الجابر قد أكد في أكثر من مرة أن نظرة قيادة بلاده هي استثمار موارد قابلة للنضوب مثل النفط والغاز، بهدف بناء موارد مستدامة هي الطاقة المتجددة والنظيفة، وأن العالم يمر بمرحلة انتقالية تتطلب مزيجاً متنوعاً من مصادر الطاقة، وأنه يجب إنتاج المزيد من الطاقة بأقل انبعاثات ممكنة لضمان استمرار الحياة والنمو الاقتصادي والاجتماعي، وأن الإمارات تتبع منهجية الحوار والتعاون لتحقيق المصالح المشتركة.
واختيار الإمارات شخصية تعمل في دور فاعل ومؤثر في قطاعي النفط والطاقة المتجددة، هو اختيار هام لتقديم وجهة نظر بلدان الخليج العربي، وجميع الدول المنتجة للنفط حول العالم، لإثبات وجهة النظر بضرورة أن يكون النفط والغاز جزءاً من الحل في مجال العمل المناخي، مع رفع مستوى الوعي في الموضوعات المطروحة للنقاش في مؤتمرات الأطراف التي تقام تحت مظلة الأمم المتحدة.
وفي وسط كل هذه الحركات تظل المعادلة المتناقضة أصعب توازن يواجهه قطاع الطاقة العالمي، حيث تطلب الحكومات الغربية رفع إنتاج النفط والغاز لخفض الأسعار، وفي نفس الوقت يطالبون بوقف الإنتاج حفاظاً على البيئة.
السعودية
اتفاقية المناخ
الاقتصاد السعودي
[ad_2]
Source link