بعد نشر مقطع فيديو لها على تطبيق «تيك توك»، وتداوله على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، خلال الأيام القليلة الماضية، تقدمت الإعلامية المصرية سهير البدراوي، بشكوى لدى مجلس الوزراء ضد الشخص الذي صورها، مطالبة بحذف مقطع الفيديو، وموضحة أن الشخص صورها من دون علمها ومن دون الاتفاق على النشر؛ ما أثار نقاشاً واسعاً من جديد حول قضية «اختراق الخصوصية» للشخصيات العامة والمشاهير.
وكانت الإذاعية وممثلة الدوبلاج والتعليق الصوتي المعروفة سهير البدراوي تسير في أحد شوارع القاهرة بعد انتهائها من التسوق، حاملة كيس خضراوات حين استوقفها مصور الفيديو، وطلب منها ترديد بعض العبارات التي عرفها بها الجمهور من أعمالها بصوتها، وأخبرها أنه يريد التسجيل كي يتيح لأبنائه الاستماع بشكل خاص وحصري إلى صوتها الجميل وأدائها المميز الذي لطالما أسعدت به الأطفال عبر مشاركتها في أفلام سينمائية وأغان ومسلسلات للأطفال مثل صوت سعاد حسني في «صغيرة على الحب»، ومشاركتها في أغنية «صورة» لعبد الحليم حافظ، وشخصية «حسونة» في مسلسل الكارتون «بكار»، فضلاً عن دوبلاج مسلسلات أخرى مثل «مدام نفيخة» في «سبونج بوب» وعبارات يومية مسجلة بصوتها في مترو الأنفاق.
وقالت إنها تعرضت للخداع من شخص اتفق معها على التسجيل الصوتي فقط من أجل أبنائه، وفوجئت بتصويرها فيديو ونشره على المواقع دون علمها، وطلبت بحذف المقطع ومحاسبة المدون على ما فعله.
وعدّت الإعلامية المصرية ما حدث «انتهاكاً صارخاً لخصوصيتها يستدعي وقف بثه وعقوبة صاحبه».
ويقول علي فرجاني، الخبير الإعلامي والباحث في الفضاء السيبراني لـ«الشرق الأوسط»، «لا شك أن الموقف الذي تعرضت له الإعلامية القديرة سهير البدراوي غير مقبول، لكنه للأسف تحول إلى سلوك متكرر على منصات التواصل الاجتماعي، فيما يمكن وصفه بـ(السلوك السيبراني)؛ حيث بات مستخدمو الإنترنت يصنعون مجتمعاتهم انطلاقاً من خلفياتهم الثقافية وعاداتهم الاجتماعية، وأضحى لكل مستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي، هوية رقمية خاصة به التي يعدها كينونته المستمرة».
وتابع: «من حق الفرد أن يتحكم بهويته الرقمية أو حسابه الشخصي كيفما شاء لكن من دون المساس بمشاعر وخصوصية الآخرين، وفي كثير من البلدان يتم تنظيم هذه الإشكالية عن طريق القانون أو الجهات المختصة، التي تنص على موافقة المستخدم، بالبيانات التي تنشر عنه، والمبادئ التي تناسب كمية ونوع البيانات التي يمكن طلبها، وكيف يمكن معالجتها ونقلها».
ولفت: «لاشك أننا أصبحنا بحاجة ماسة في مجتمعاتنا العربية إلى التوعية باحترام خصوصيتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، وإلقاء الضوء على العلوم الاجتماعية الحديثة ذات الصلة، ومنها (علم نفس الإنترنت) كونه أصبح جزءاً من حياتنا الاجتماعية، مع تسليط الضوء على كيفية استخدام الخدمات المتعلقة بالإنترنت، ومراعاة عدم المساس بخصوصية الآخرين».
من جهته، أوضح الخبير القانونى أشرف عبد المنعم لـ«الشرق الأوسط»، أن «قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر برقم 175 لسنة 2018 قد نص على عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه لكل من انتهك حرمة الحياة الخاصة، أو أرسل رسائل لشخص بعينه دون موافقته أو نشر معلومات أو أخبار أو صور تخص أي مواطن دون الرجوع إليه مسبقاً».
ووفق المادة رقم 25 من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، فإنه يعاقَب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخباراً أو صوراً وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة.