[ad_1]
«قرية تونس» على ضفاف بحيرة قارون في الفيوم… متعة خاصة بميزانية متواضعة
صحراء وماء وخضرة وفنون
الخميس – 22 جمادى الأولى 1444 هـ – 15 ديسمبر 2022 مـ رقم العدد [
16088]
طبيعة ساحرة (صفحة سفاري – حساب مصطفى رحيم على «فيسبوك»)
القاهرة: نادية عبد الحليم
رغم رغبة كثير من السياح في قضاء عطلة ممتعة ذات طابع خاص بعيداً عن الشواطئ في الخريف، فإن الميزانية قد تقف عقبة حقيقية أمام تحقيق هذه الأمنية. لكن وقبل أن تتراجع وتصرف النظر عن حلمك بدعوى أنك لا تملك المال اللازم لقضاء عطلة لا تُنسى، عليك أن تعرف أن هناك وجهات في مصر تنتظرك في متناول كل الأذواق والميزانيات، ومن أهمها «قرية تونس» على ضفاف بحيرة قارون في الفيوم (شمال صعيد مصر).
يمكن للمسافرين في كثير من الأحيان الاستمتاع برحلات رخيصة نسبياً حين يتمتع المكان بتنوع المقومات السياحية، وذلك ما تتميز به القرية، منذ أن تأخذ قراراً لزيارتها أثناء وجودك في مصر، لن يتطلب منك الأمر حجز خطوط طيران إقليمية، لأنها قريبة من القاهرة، فهي على مقربة نحو ساعتين من ميدان الرماية بجوار أهرامات الجيزة.
لذلك يمكنك أن تستأجر سيارة خاصة أو تختار حافلة، وبمجرد وصولك إلى هناك ستجد كثيراً من الفنادق والبيوت الخاصة والمعسكرات والأنشطة الرخيصة، التي تقدم خيارات شاملة للجميع وستعثر على ما تبحث عنه من غرف نظيفة ومريحة ومطاعم.
تعد «قرية تونس» قبلة للسياح الباحثين عن الهدوء والاستجمام، وفي الوقت نفسه هي مقصد للراغبين في أجواء المغامرة وممارسة نشاطات مختلفة فيها ستستمتع بتحقيقها لمعادلة صعبة، وهي الجمع بين الخضرة والماء والصحراء والسكون التام والحركة والحيوية في مكان واحد، فضلاً عن متعة معايشة سكانها البسطاء الذين ستجدهم يرحبون بك كما لو كنت أحد أفراد عائلتهم.
حكاية إيفلين السويسرية مع القرية
هذه التوليفة الخاصة صنعها تاريخ القرية التي كانت حتى سنوات ليست طويلة مجرد قطعة جميلة من الريف المصري، تستمد سحرها من الطبيعة الخلابة إلى أن تغيرت وأصبحت وجهة سياحية مع الاحتفاظ بطابعها البيئي، وذلك حين زارها زوجان فوقعا في غرام المكان وفكرا من فرط جماله وهدوئه في الاستقرار به، وهما الشاعر سيد حجاب وزوجته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه المولعة بالخزف والتي ازدادت عشقاً له بعدما شاهدت السكان يحترفون صناعة الخزف والفخار على الطريقة المصرية القديمة، وكانت هذه هي نقطة تحول القرية.
على يديها اتخذت قرية تونس خصوصيتها الحالية وشهرتها الواسعة، حين قامت وزوجها ببناء بيت لهما هناك على طريقة القباب والأبواب السائدة بالقرية القريبة من طراز بيوت تونس العتيقة التي تحيط بها الخضرة من كل جانب، وحتى عندما انفصلت عن زوجها، قررت الاستمرار في الإقامة بها، وتأسيس أول مدرسة لتعليم وتصنيع الخزف والفخار والسجاد اليدوي في المنطقة، وبالتدريج أصبحت القرية المجهولة مركزاً عالمياً للفن والسياحة ترتاده شتى الجنسيات، ومعرضاً دائماً للفنون اليدوية تقام له مهرجانات سنوية دولية، بل أُطلق عليها اسم «عاصمة للفنون في الريف المصري».
أول ما سيلفت نظرك عند الوصول إلى القرية انتشار أشجار الزيتون والنخيل، ولن تجد مشقة في العثور على مكان إقامة مناسب، فبجانب الفنادق الكثيرة الموجودة في شارع إيفلين، وهو الشارع «الطويل» الرئيسي بالقرية، توجد عشرات الفلل والقصور الرائعة. وإذا كنت تبحث عن مزيد من الخصوصية فأنصحك أن تختار الإقامة في أحدها، لتستمتع بالهدوء المطلق وحمام سباحة خاص وطراز معماري يعتمد على القباب.
كما أنك حين تصعد إلى الشرفة فثمة مفاجأة تسر عينيك، حيث الإطلالة التي تسمح لك برؤية واسعة على مزيج نادر من المياه والخضرة، وتكون محظوظاً لو استطعت أن تجد فيلا في ذلك الوقت الذي تسافر فيه تطل على بحيرة قارون بمنظرها الخلاب، وحتى لو كانت كل البيوت المطلة على البحيرة غير متاحة، فثمة مناظر أخرى ساحرة تأخذك إلى بساطة الحياة والطبيعة مثل الأشجار المرتفعة والزهور المتنوعة، فضلاً عن البيوت العتيقة المبنية من الحجارة والرمل والطين على طريقة المعماري التاريخي حسن فتحي. وقد تكون أكثر حظاً إذا كان بيتك الذي استأجرته مجاوراً لأحد مشاهير الفن الذين يمتلكون فيلات وقصوراً هناك.
المدهش بحسب محمد سيد، منظم رحلات وصاحب كامب سياحي بالقرية، أن سعر استئجار هذه الفلل ثابت، لا يتغير بين المصريين والعرب أو الأجانب، عكس السائد في مصر. ويتراوح بين 3 آلاف و7 آلاف جنيه مصري، وهو رقم منخفض مقارنة بخصوصيتها وجمالها.
وتتوافر فيها كل مستلزمات المعيشة من أثاث ذي طابع ريفي إلى جانب حديقة خضراء قد تحتوي على مسبح خاص، وتستطيع أن تطلب كل ما تريده من طعام من أحد المطاعم المنتشرة هناك، لكن يلفت سيد إلى أنه لا يسمح لأي مستأجر بالتسبب في أي ضجيج، وهو شرط أساسي للإقامة بالمكان.
أما إذا كنت تفضل الإقامة في فندق بالمكان نفسه فستجد مجموعة متنوعة صديقة للبيئة، منها فندق «قصر التوت» أو«لازب إن ريزورت وسبا» أو «الواحة» أو «ذات المسافر»، وهناك ستستمتع بالطعام الريفي ذي المذاق الخاص، حيث الفطير المشلتت والعسل والمش والبيض المطهي في السمن البلدي صباحاً، والبط والحمام والرقاق أو الأسماك في الغذاء، كما تجد صالات للرياضة والنوادي الصحية ومنطقة ألعاب للأطفال.
طبيعة خلابة وتزحلق على الرمال
إذا كنت تفضل الاستمتاع بالمناظر الخلابة مع عدم الابتعاد كثيراً عن مكان إقامتك، فعليك بالتوجه إلى بحيرة قارون لتتناول الطعام في مكان هادئ بينما تنظر إليها وتتأمل اتساعها وترقب الطيور النادرة والمهاجرة في موسمها الذي يتوافق مع الشتاء، أو أن تقوم بتأجير مركب وخوض رحلة في البحيرة لتشاهد غروب الشمس بكل روعته هناك، أما إذا أردت أجواء رومانسية خاصة وتقضي شهر العسل فيمكنك ركوب خيل والسير به على الشاطئ لتخوض حديثاً طويلاً ممتعاً وسط الطبيعة مع شريكتك.
ورغم الهدوء الشديد فإنه لا شيء يقف أمام الراغبين في خوض مغامرة لا تُنسى أو ممارسة نشاطات مختلفة تلائم كل الأعمار ولا تجعل الملل يعرف طريقه إلى أي فرد من أفراد الأسرة أثناء زيارة القرية، على سبيل المثال، فإن «وادي الريان» وحده يمكن أن تنظم له عدة برامج سياحية من فرط ثرائه وفق محمد سيد: «على رأس هذه البرامج نشاط التزلج على الكثبان الرملية في محمية وادي الريان، وهي تُعد واحدة من أفضل مواقع هذه الهواية على مستوى العالم بسبب تمتعها بكثبان رملية ناعمة وعميقة. قم باستئجار سيارة رباعية أو انضم لفريق من المغامرين تم تكوينه من أحد منظمي الرحلات هناك لممارسة هذه الرياضة قريباً، خصوصاً أن أفضل فترة لها هي الخريف والشتاء بسبب الطقس».
ومن السهل استئجار لوح التزحلق هناك، وأنصحك نظراً لنعومة الرمال وعمقها إذا كنت من المبتدئين أن تختاره من الخشب الخفيف، وتبلغ رسوم التزحلق على الرمال في وادي الريان نحو 100 جنيه مصري، بينما يبلغ تأجير «البورد» نحو 30 جنيهاً، لكن لو كنت لا تفضلها فيمكنك لعب كرة القدم أو كرة الطائرة أو الراكت أو كرة السرعة في أماكن مجهزة لها، كما أن زيارة الشلالات الواقعة على نحو 40 كيلومتراً من القرية بوادي الريان التي يفضلها الشباب متاحة، حيث المرح والبهجة، وفي المحمية تستطيع الاستمتاع بالبراشوت وسعره يبدأ من 60 جنيهاً لـ15 دقيقة.
وادي الحيتان
إذا كنت من هواة التاريخ والسياحة الثقافية فأمامك فرصة لا تُعوض لتشاهد آثاراً تعيدك إلى القدم، فلا يمكن أن يفوتك بحسب المغامر مصطفى رحيم، زيارة «وادي الحيتان» الذي يمثل وجهة سياحية متفردة ويضم كثيراً من هياكل كاملة لحيتان كانت تعيش في تلك المنطقة، وتقف عظام فك وأضلاع وفقرات الحوت الضخمة أفقية في الأرض وتمثل شكلاً مذهلاً سيثير دهشتك، واختارته اليونسكو واحداً من أفضل مناطق التراث العالمي.
إذ أردت أن تعيش أجواء الغموض والتشويق وفي الوقت نفسه تستمتع بالطبيعة، فعليك بزيارة «البحيرة المسحورة» التي تتغير ألوانها على مدار اليوم مع أشعة الشمس، وهو ما أكسبها اسمها، وفق كثير من الروايات، لكن لرحيم رواية أخرى؛ وهي أن هذه البحيرة الموجودة وسط الصحراء ومحاطة بالجبال من كل الاتجاهات غير معروف من أين تستمد مياهها المتجددة ذات المنسوب الثابت ذلك أن مصدرها مجهول للآن!
ويمكنك أن تشاهدها أيضاً بإطلالة خاصة من أعلى جبل المدورة الذي لا ينبغي أن تفوتك زيارته، إذا كنت من عشاق السياحة البيئية، حيث تظهر به الرواسب البحرية القديمة مثل كهوف الملائكة، ويرجع عمره إلى 45 مليون سنة.
تخييم ويوغا
من أروع ما يمكنك أن تفعله عند زيارة قرية تونس أن تنظم رحلات التخييم والرصد الفلكي ومتابعة رصد حركة الشهب وتساقطها مساء وحتى الشروق، ومن شدة طغيان روعة الطبيعة والهدوء هناك رياضات مثل اليوغا وممارسة التأمل وجلسات العلاج النفسي تنظمها بعض المعسكرات هناك، تحديداً شمال بحيرة قارون، وهناك حدث أسبوعي يضم هذه النشاطات في «قطراني كامب» الذي لا يبتعد كثيراً عن القرية.
وعند زيارة القرية أيضاً يمكنك المشاركة في كثير من النشاطات الأخرى المتوقع عودتها هذا الشتاء، بعد توقف سنتين بسبب جائحة «كورونا»، منها «مهرجان الخزف الدولي» و«مسابقة التزحلق على رمال البحيرة المسحورة»، و«مركز الفيوم للفنون» للفنان محمد عبلة، الذي يضم المتحف الوحيد من نوعه في الشرق الأوسط وهو «متحف الكاريكاتير»، وبالطبع تنتظرك مدرسة الخزف التي أقامتها الفنانة الراحلة إيفلين داخل القرية.
الطريف أن بعض منظمي الرحلات في القرية يتبعون أسلوب تسويق مصرياً أصيلاً، وهو رفع شعار «لا نحاسب الضيف إلا بعد انتهاء الرحلة، فلو أسعدته نأخذ نقودنا، ولو لم يحدث لا نحصل منه على أي مقابل مادي».
سفر و سياحة
[ad_2]
Source link