[ad_1]
أهل لندن: الحياة صارت لا تطاق
الغلاء يثير السخط… والإضرابات والجفاف يفاقمانه
الجمعة – 21 محرم 1444 هـ – 19 أغسطس 2022 مـ رقم العدد [
15970]
رجل بلا مأوى يجلس في شارع أكسفورد بالعاصمة البريطانية لندن (رويترز)
القاهرة: لمياء نبيل
حين سمعت باتريشيا جونز الأخبار الصباحية التي تحذر أهل العاصمة البريطانية لندن من أحدث إضراب في قطاع النقل، تمتمت في خفوت «يا إلهي… الحياة في هذا البلد صارت لا تطاق!».
وعانى ركاب السكك الحديدية والمترو والحافلات في لندن من فوضى جديدة اعتباراً من الخميس، حيث نظم عشرات الآلاف من العاملين في قطاع النقل إضرابات بسبب خلافات طويلة الأمد حول الأجور والوظائف وظروف العمل.
باتريشيا (45 عاماً)، التي تعمل في وظيفة إدارية بإحدى الشركات الكبرى في منطقة نايتس بريدج الراقية وسط لندن، وتضطر للانتقال خمسة أيام أسبوعياً من منزلها المستأجر في منطقة هونسلو غرب العاصمة إلى مقر عملها، لم تكن الوحيدة التي ترى الوضع كارثياً.
حيث شاركها بالرأي عدد آخر من سكان العاصمة تواصلت معهم «الشرق الأوسط» عبر مجموعة للأصدقاء على تطبيق التواصل الاجتماعي «واتساب».
«غروب الواتساب» الذي يضم نحو 70 اسماً من زملاء الجامعة السابقين، امتلأ باللعنات والألفاظ الخارجة تعبيراً عن الغضب فور مشاركة باتريشيا لخبر «بي بي سي» حول الإضراب.
سيلفيا، التي تعمل في أحد المطاعم بوسط العاصمة، علقت قائلة «لقد تركنا جونسون للطوفان… ليحتفل بزواجه. عسى أن يكون القادم أفضل». وجونسون المعني بالطبع هو بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني المستقيل حديثاً إثر عدد كبير من الفضائح التي طالته هو وإدارته، لتدفعه دفعاً إلى الاستقالة من الحكومة ورئاسة حزب المحافظين معاً رغماً عنه، مع بقائه سياسياً لإدارة الحكومة لحين تولي خليفته… لكنه بدلاً من محاولة إدارة الأوضاع الملتهبة وإصلاح ما يمكن إصلاحه، ترك الحكومة ودوائرها للاحتفال بزواجه وقضاء «شهر العسل»؛ ما جلب عليه لعنات المواطنين والسياسيين معاً.
ولا يعلم جيمس بلانك، وهو أحد الأصدقاء على مجموعة الـ«واتساب» المذكورة أعلاه، إذا كان من الأفضل أن يتمنى فوز ليز تراس أو ريشي سوناك بقيادة حزب المحافظين… فكلاهما – كما يقول – سيضيف ضغوطاً على المواطنين في رحلته لإصلاح الوضع المتردي.
وتمحورت المناظرات الحادّة التي شهدتها الأسابيع الأخيرة بين المرشحَين لخلافة جونسون، حول الوضعين الاقتصادي والاجتماعي المتوتّريم، حيث تجاوز التضخّم العشرة في المائة في حين شهدت العديد من القطاعات إضرابات في مواجهة تآكل القدرة الشرائية.
وفي أحدث تعليق على مقترحات الإنقاذ، التي شملت ضخ أموال إضافية للدعم، قال سوناك «إنه خطير حقاً أن تقترض الحكومة أموالاً هائلة وتضخها في الاقتصاد… هذا لن يؤدي لشيء إلا لمفاقمة التضخم، إنه يشبه صب الزيت على النار»، مؤكداً ضرورة المحافظة على التشدد المالي وتخفيف ضغط الأسعار أولاً… بينما تخطط تراس لميزانية طوارئ لخفض الضرائب ومراجعة تفويض بنك إنجلترا المستقل لمكافحة التضخم.
ولا تقتصر مشكلات سكان لندن مع المواصلات على الإضراب؛ إذ قالت فرقة الإطفاء في لندن، إن نحو 70 من رجالها كافحوا حريقاً في أحد جسور السكك الحديدية في ساوثوارك بوسط العاصمة البريطانية يوم الأربعاء. وتسبب الحريق في توقف القطارات بالمنطقة وإخلاء العديد من المباني.
ومن جهة أخرى، اعتباراً من 24 أغسطس (آب)، ستعتمد لندن قيوداً على استخدام المياه نتيجة موجة الجفاف الحالية، وفق ما أعلن أكبر مزوّد للمياه في البلد «تايمز ووتر». وبموجب هذا القرار، سيتعذّر على نحو 15 مليون شخص في العاصمة ومنطقة أكسفورد ري حدائقهم وملء أحواض السباحة التابعة لهم، كبيرة كانت أم صغيرة، وتنظيف السيارات والزجاج والباحات الداخلية باستخدام خراطيم المياه، وفق ما أفادت «تايمز ووتر». وهي المرّة الأولى منذ عشر سنوات تشهد لندن الرازحة تحت وطأة جفاف شديد قيوداً على استخدام المياه.
هذه المشكلات تتزامن مع بلوغ التضخم البريطاني أعلى مستوياته منذ 40 عاماً في يوليو (تموز) بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية خصوصاً، وفق ما أظهرت بيانات رسمية الأربعاء، ما يفاقم أزمة غلاء المعيشة فيما تواجه البلاد احتمال حدوث ركود. وقال مكتب الإحصاءات الوطني، إن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع إلى 10.1 في المائة الشهر الماضي، بعدما كان 9.4 في المائة في يونيو (حزيران).
وفي تعليق على الوضع المعيشي، تشير خولة الزيدي، وهي ربة منزل بريطانية من أصول عراقية، إلى أن الأمور صارت سيئة إلى حد لا يطاق، فراتب زوجها البالغ 2500 جنيه إسترليني شهرياً «لا يمكن أن يغطي الحاجات الأساسية… والمدخرات على وشك النفاذ».
وتقول الزيدي، إنها تخصص 1000 إسترليني قيمة إيجار المسكن (على أطراف العاصمة)، ونحو 400 جنيه لفواتير الكهرباء (التي زادت وحدها بنحو 50 في المائة على أساس سنوي) والغاز والمياه والاتصالات، إضافة إلى 400 أخرى للانتقالات الخاصة بها وبزوجها وبناتها… «ولا يتبقى سوى 700 جنيه لكل التفاصيل الباقية، التي تشمل أكل وشرب 4 أفراد بينهم أطفال، وكساءً وترفيهاً (إذا كان ذلك ممكناً)».
وتصرخ خولة في حديثها عبر الهاتف مع «الشرق الأوسط» قائلة «عبوة اللبن زنة لتر (2 pint) صار سعرها نحو 1.5 جنيه، أي أنها زادت الثلث عن العام الماضي. كنت أهتم بشرب بناتي لعبوة يومياً، الآن صرت أحاول استهلاك العبوة على مدار يومين لتقليص فجوة المصروفات».
وفي استطلاع سريع للأسواق قامت به «الشرق الأوسط»، فقد ارتفعت أسعار الزبد بنحو 27.1 في المائة، والبيض 14.6 في المائة، والأرز 6.7 في المائة، والسكر 5.1 في المائة على مدار عام، في حين ارتفع سعر المياه المعبأة بنحو 22 في المائة.
وأظهرت دراسة جديدة لجامعة يورك الكندية، أن ثلثي الأسر البريطانية سيكونون محاصرين بما يعرف بـ«فقر الوقود»، وهو أن تتخطى تكلفة الوقود 10 في المائة من صافي دخل الأسر، بحلول يناير (كانون الثاني) المقبل، وهو الأمر الذي سينعكس على الأسر ذات الدخل المتوسط؛ مما سيجعلها تكافح لدفع فواتيرها، برغم خطط الحكومة المخطط لها للدعم.
وأفادت الدراسة، بأن 18 مليون أسرة، أي ما يعادل 45 مليون شخص سيجاهدون لدفع فواتيرهم بعد الزيادات المتوقعة في سقف أسعار الطاقة بداية من أكتوبر (تشرين الأول) وحتى يناير.
أيضاً، وحتى فبراير (شباط) 2022، كان معدل الرهن العقاري الثابت لمدة 10 سنوات بأدنى مستوياته عند 2.2 في المائة. ومنذ عام 2009 كانت معدلات الرهن العقاري في المملكة المتحدة في اتجاه هبوطي، وهو خبر سار لمشتري المنازل لأول مرة وأولئك الذين يعيدون رهن ممتلكاتهم.
لكن مع زيادة التضخم، بدأ بنك إنجلترا في زيادة سعر الفائدة تدريجياً في البنك منذ الربيع الماضي؛ مما أدى إلى ارتفاع معدلات الرهن العقاري. وعلى الرغم من أن الارتفاع يؤثر سلباً على تكاليف الاقتراض، فإنه من المرجح أيضاً أن يحد من الطلب على الإسكان ويبطئ ارتفاع أسعار المساكن الذي لوحظ منذ بداية الوباء
المملكة المتحدة
أخبار المملكة المتحدة
[ad_2]
Source link