[ad_1]
لقد كشفت الأعوام والأحداث السابقة أن التآمر الذي كانت تتورط إحدى دول المنطقة أكبر بكثير من وزنها السياسي والجيوسياسي في المنطقة وفي العالم، ومهما كانت الخزائن عامرة بالأموال إلا أن ذلك ليس كفيلا بتلبية أو تحقيق أي من تلك التطلعات غير الواعية ولا الواقعية التي تورط بها النظام وحولته في آخر الأمر إلى لعبة سياسية.
ثمة تيار واعٍ ومتجدد في المنطقة؛ إنه تيار الواقعية السياسية الذي يتجلى نموذجه الأبرز في السياسة السعودية وفي سياسات ما يمكن وصفه بمحور الاستقرار والواقعية الذي تقوده السعودية ويضم الإمارات ومصر والبحرين، هذا المحور بات اليوم واقعا حاضرا ومؤثرا في تشكيل الوجه السياسي والأمني والاقتصادي للإقليم ولاعبا أساسيا في مواجهة كل مشاريع الفوضى والتغيير والمؤامرات وداعما أول للدولة الوطنية المدنية في مواجهة الكيانات المارقة والدول التوسعية والجماعات الإرهابية.
الواقعية السياسية تنطلق من استيعاب ذاتك وقدراتك وقوتك وتتجلى في بناء ورسم خططك وأهدافك انطلاقا من كونك دولة وطنية حديثة مدنية، تتمحور أهدافك حول الاستقرار والتنمية والسلام والتطوير والتمكين. في مقابل محور توسعي تآمري يستهدف الأمن والاستقرار ويهدد الدولة الوطنية في المنطقة. وهنا وقعت المواجهة.
الدول التوسعية والأنظمة التي ترعى الإرهاب في المنطقة دخلنا معها في مواجهة مفتوحة منذ أربعة عقود وما زلنا، إنها أنظمة ثيوقراطية كهنوتية ذات أجندة معلنة وواضحة ومع أنها تشترك معنا جغرافياً، إلا أنها ليست جزءا من نسيجنا وتحالفنا الذي يمثله المجلس، ولذلك بقيت المواجهة مع بعض الحكومات مؤجلة حفاظا على نسيج الكيان الخليجي.
في ذات الوقت كانت خطورته أكثر من خطورة تلك الأنظمة ذات العداء الواضح، هذا ما جعل موقف الرباعية: السعودية والإمارات ومصر والبحرين موقفا حاسما ونوعيا وتاريخيا، واللحظة التي تمت فيها مواجهة هذا اللاعب المستتر، ولقد مثل العقد الماضي وما شهدته المنطقة من أحداث ودور كبير تورط في تلك الأحداث، مثلت الدافع الأبرز لتلك الدول لكي تتخذ بقيادة السعودية هذا الموقف الصارم.
قائمة طويلة من المؤامرت والكوارث والأخطاء التي تورط بها ذلك النظام، وأصبحت تعكس الأزمة الكبرى التي بات يمثلها للأمن الإقليمي وكيف بات مهددا حقيقيا لاستقرار المنطقة.
الواقعية السياسية في المنطقة هي التي تمثل الخلفية الفكرية المعرفية لقرار المقاطعة؛ لقد واصل النظام مشاريعه وبرامجه التآمرية وأصبح يمثل اختراقا لهذه المنظومة وعنصر تهديد للدولة الوطنية في المنطقة.
أكثر من ثلاث سنوات هي عمر قرار «الرباعية»، مقاطعة ذلك النظام وفي الواقع أنها أكثر الفترات استقرارا وهدوءا في المنطقة، لقد أقفلنا الباب، وحوصر الأذى المباشر الذي ظل يصل منه لسنوات.
لا شك أن انتهاء هذا الملف أمر إيجابي للمنطقة لكن ما تحقق في سنوات المقاطعة للدول الأربع وللإقليم كان إيجابيا أيضا، وبالتالي فإن أي تأخير في الحل سيكون امتدادا للواقع الإيجابي الذي أنتجته المقاطعة بالنسبة للدول الأربع وامتدادا للخسائر المستمرة التي يعيشها ذلك النظام.
انتهاء الخلاف الخليجي لا يجب أصلا أن نصفه بالمصالحة، ولا بطي صفحة الخلاف، إنه أبعد من ذلك تماما، فالقضية ليست خصومة ولا خلافا عابرا إنه تباين في المشاريع والرؤى والأهداف بين نظام تحول إلى جهاز متورط وشريك في مشاريع الفوضى والتطرف وتقويض الدولة الوطنية وبين محور واقعي مستقر يسعى لتعزيز أمن المنطقة والشراكة مع العالم وبناء الأمن والاستقرار والمدنية. ولذا فإن بإمكان المنطقة والعالم أن تعيش مع نظام معزول دون أدنى تأثير، بخلاف النظام هذا النظام بالطبع.
إن أي إنهاء لقضية المقاطعة يجب أن يكون وفق ما تراه الدول الأربع بقيادة السعودية، لأن كل السيناريوهات الأخرى ليست ضرورية على الإطلاق. إما أن يمتثل النظام بالكامل أو أن يستمر الواقع كما هو، هذا الواقع مقبول وإيجابي لدول المنطقة لكنه خطير وكارثي لذلك النظام. وعليه أن يختار!
كاتب سعودي
yahyaalameer@
[ad_2]
Source link