[ad_1]
ويأتي مشروع إعادة تأهيل الكورنيش بتمويل من الدولة الألمانية عبر بنك الإنماء الألماني، وبتنفيذ من مكتب منظمة العمل الدولية الإقليمي للدول العربية، وبالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي نفذ المشروع في طرابلس، بالإضافة إلى الوزارات المختصة في لبنان بما فيها وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية.
وعلى هامش زيارة أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى لبنان وإلى هذا المشروع بتحديد في كانون الأول/ديسمبر، جالت أخبار الأمم المتحدة عليه وتحدثت مع أبرز المسؤولين عن تنفيذه، بمن فيهم السيدة إيمان الرافعي، أمينة سر عام محافظة الشمال والقائمة بأعمال بلدية الميناء.
مدينة الميناء تاريخ وعراقة
السيدة إيمان قالت إن مدينة الميناء الساحلية تعتبر من أقدم المدن الفينيقية على ساحل البحر المتوسط، موضحة أنها “مدينة تاريخية عمرها أكثر من ثلاثة آلاف سنة”.
كما لفتت الانتباه إلى الأبنية التراثية التي تحويها بما فيها برج برسباي المملوكي الذي بناه الأمير برسباي بن عبد الله الناصري بين عامي 1439و1447م، وخان التماثيلي المملوكي الذي جُدد في العصر العثماني والمدرسة الماردانية من عصر المماليك التي بناها الأمير أيدغمش المارداني عام 1307م، وعدد من الكنائس والمساجد القديمة.
وبحسب القائمة بأعمال رئيس البلدية، يبلغ عدد سكان مدينة الميناء حوالي مئة ألف نسمة، مشيرة إلى ارتفاع الكثافة السكانية مع احتضان المدينة للنازحين السوريين في الآونة الأخيرة.
السيدة إيمان أشارت إلى علاقة أبناء المدينة والمنطقة الوطيدة بهذا الكورنيش وأهمية تأهيله الذي عاد بالنفع على سكان المدينة والنازحين السوريين على حد سواء.
وأعربت عن شكرها للمساهمين في هذا المشروع قائلة إنه “بدأ بمبادرة من المجتمع المحلي، ولكن تم بدعم من بلدية الميناء. وخلال وقت التنفيذ، شكلت البلدية لجان متخصصة لمتابعة ومواكبة كل الصعوبات التي كانت تعترض التنفيذ الذي تولاه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.”
أبناء الميناء يستحقون الدعم والعناية
هذه المرحلة التي أنجزت رغم التأخير، وشملت تأهيل رصيف الكورنيش وإنشاء روضات وسطية ووضع كراسي وسور حديدي، تعتبر إنجازا بالنسبة لمدينة الميناء التي لطالما كان ينتظر ابناؤها هذا النوع من المشاريع التي تساهم في تحسين صورتها وتساعدها على استقطاب المزيد من الزوار الذين يتوافدون إليها من مختلف المناطق، كما يقول آلان شاطري، مدير منطقة الشمال في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان.
وكما يعلم الجميع، لبنان تعرض لأزمة جراء تدفق النازحين السوريين، بالإضافة إلى الأزمات الأخرى التي يعاني منها أصلا، مما شكل ضغطا كبيرا على البنى التحتية. “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كان في خضم الأزمة وخضم المواجهة وأنشأ برامج ومشاريع لمواجهة هذه الأزمة طبعا لدعم المجتمعات المضيفة”، بحسب ما أوضح لنا آلان شاطري مشيرا إلى أن هذا المشروع موجود على الأراضي اللبنانية، ويستهدف بالدرجة الأولى المجتمع المضيف.
وشرح مدير منطقة الشمال ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه وفريقه اتجهوا إلى “المؤسسات والشركات التي قدمت على المناقصات لتنفيذ هذا المشروع من خلال شراكة مع منظمة العمل الدولية ضمن مشروعها ’برنامج التوظيف المكثف والبنية التحتية في لبنان‘ لنبلور ونحوّل التصاميم التي وضعناها لهذا المشروع إلى عمل يستطيع أن يشرك أكبر عدد من العمال اللبنانيين والسوريين.”
السؤال الأول الذي كان يدور في بال الكثيرين بحسب شاطري هو “هل سيعمل في هذا المشروع عدد أكبر من السوريين أم عدد أكبر من اللبنانيين؟ ولكن ما اكتشفناه أنه عندما بدأنا في العمل، اقتنع الجميع أنه ينبغي أن نضع أيدينا في أيدي بعضنا البعض من لبنانيين ونازحين لتنفيذ هذا المشروع لكي يصبح كما ترونه الآن.”
إشراك النساء وذوي الاحتياجات الخاصة
ويعد ’برنامج التوظيف المكثف‘ ركنا أساسيا بمنظمة العمل الدولية في العالم، وهي أول منظمة تأسست في الأمم المتحدة مباشرة ما بعد الحرب العالمية الأولى بهدف خلق فرص عمل تنتج مجتمعا سليما ضمن أمن اجتماعي معين، مما يؤدي إلى السلام العالمي.
ولبنان من بين الدول التي يُنفذ بها ’برنامج التوظيف المكثف‘، وفق ما أوضحه لنا السيد طارق جابر، المستشار الفني للشؤون الهندسية ببرنامج التوظيف المكثف والبنية التحتية في لبنان بمنظمة العمل الدولية.
وخلال هذا المشروع الذي انطلق في عام 2017 وحتى الآن، استطاعت منظمة العمل الدولية في لبنان أن تخلق حوالي نصف مليون يوم عمل، و6,000 فرصة عمل قصيرة الأمد (40 يوما تقريبا).
“وهناك 14,00 عامل مستفيد بشكل مباشر من نساء ورجال وأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة،” كما ذكر طارق جابر مشيرا إلى بذل جهود كبيرة من أجل أن “تبلغ نسبة النساء العاملات في المشروع 22 في المائة”، قائلا بفخر إن “هذه النسبة بلغت في السنة الماضية 28 في المائة، وهو أمر ممتاز وغير تقليدي”.
أما نسبة المستفيدين من ذوي الاحتياجات الخاصة فتخطت النسبة 2 في المائة.
وكان هدف المشروع الأساسي “مساعدة البيئة الحاضنة والنازحين السوريين: 50 في المائة من المستفيدين لبنانيون و50 في المائة نازحون سوريون.”
منال المصري: هذا المشروع منحني الجرأة والثقة
منال خالد المصري، إحدى سيدات مدينة الميناء كانت من بين المساهمات في مشروع إعادة تأهيل الكورنيش والمستفيدات منه.
منال تحدثت إلينا عن الدور الذي لعبته هي وزميلاتها من سيدات الميناء والنازحات السوريات ضمن هذا المشروع، كما أشارت إلى تأثيره الإيجابي عليها وعلى أبناء مدينتها، بما في ذلك تبادل الخبرات واكتساب معنويات ومهارات جديدة للعمل خارج المنزل.
فمنال، ربة منزل، كانت تشعر ببعض الإحراج في سوق العمل، أصبحت الآن من مستعدة للمساهمة مع الرجل في تنفيذ هكذا مشاريع إنمائية تعود بالنفع على الجميع.
وعن ذلك تقول منال: “استفدت معنويا وماديا، واقتصاديا. أنا لم أكن أعمل، كنت ربة منزل. من خلال المشروع خرجت إلى مجتمع قوىَّ شخصيتي، أصبحت أختلط بالناس، أصبح لدي جرأة، قوة، وثقة بالنفس. واكتسبتُ اقتصاديا لأنه لم يكن لدي مدخول. هذا (المشروع) أعطاني الدعم وأعطاني الثقة بأنني أستطيع أن أعمل، أستطيع أن أكسب المال، أن أنتج وأن أعطي من أجلي ومن أجل عائلتي.”
مشاريع مستقبلية؟
وتعد مدينة الميناء وشطها الواجهة الساحلية لعاصمة الشمال، طرابلس. ويلتف حولها هذا الكورنيش البحري المعروف أيضاً بجادة رفيق الحريري والذي يعتبر من أهم المنتزهات في المنطقة.
من هذا الميناء تنطلق المراكب السياحية إلى الجزر السبع المقابلة لها والمتناثرة وسط البحر، والتي تم إعلان ثلاث منها محميات طبيعية عقب إصدار مجلس النواب اللبناني القانون رقم 121 الذي قضى بتحويل جزر الأرانب والرامكين والسننة إلى محميات طبيعية، بحسب ما أفادت به السيدة إيمان الرافعي.
من هذا الميناء أيضاً يتسنى للمرء أن يتمتع برؤية مدينة طرابلس المنبسطة والجبال المرتفعة وراءها والسواحل المحيطة بها؛ كما تنتشر على أطراف الكورنيش فنادق صغيرة ومقاهٍ ومطاعم يقدم أكثرها وجبات السمك. ويعتبر ميناء طرابلس أحد أهم مواقع المدينة التي لا يسع السائح أو ابن البلد تفويت زيارتها.
وعن المشاريع التي تتمنى تحقيقها القائمة بأعمال بلدية الميناء، وتتمنى أن يتم تمويلها ودعمها من المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة:
- أولا، استكمال إعادة تأهيل الكورنيش البحري.
“فالمشروع المعد حاليا والذي نفذ هو حوالي 2 كم، غير أن طول الكورنيش يبلغ 7 كم”، كما شرحت لنا السيدة إيمان. وكما هو معلوم فأن مدينة الميناء هي مدينة متداخلة في البحر والكورنيش هو دائري على طول المدينة الساحلية. “وإذ استكمل تأهيله وتجميله، فهو يعد أطول كورنيش بحري في لبنان” يتم دعم استدامته.
- ثانيا، مشروع تأهيل المحميات.
- ثالثا، تأهيل الأبنية التراثية والأحياء القديمة في الميناء.
“لدينا أبنية تتميز بالجمالية التراثية التي نتمنى كذلك أن يتم تأهيلها”، تقول السيدة إيمان، متمنية أن يفتح أفق الميناء أبواب الفرج على أبناء المدينة وأن تمحو أمواج شاطئها الصعوبات الحالية.
[ad_2]
Source link