صدر يوم الخميس الماضي الأمر الملكي الكريم بأن يكون يوم 22 فبراير ذكرى ليوم تأسيس الدولة السعودية كمناسبة وطنية تستجد هذا العام للاحتفاء بأكثر من ثلاثة قرون من وجود هذه الدولة عبر مراحلها الثلاث التي وصلت إلى توحيد الشتات وتأسيس المملكة العربية السعودية كأهم كيان موحد في العصر الحديث على يد الموحد التأريخي الملك عبدالعزيز رحمه الله.

إنها لمحة عبقرية ولفتة عظيمة لا تأتي إلا من عبقري عظيم كالملك سلمان أطال الله عمره، فهو رجل تأريخ شغوف به، وضليع بتفاصيله ومعانيه ودلالاته، يعرف عنه ذلك المؤرخون وكل المثقفين الذين عرفوه وحضروا مجلسه منذ كان أميراً لمنطقة الرياض، ولو عدنا الى حواراته ولقاءاته السابقة في التلفاز والصحافة لوجدناها مليئة بالاستشهادات التأريخية فيما يختص بالجزيرة العربية وخارجها في المحيط العربي وتأريخ الدول والشعوب.

هذه الذكرى تعيد صياغة علاقة المواطن بوطنه إلى ما هو أبعد من تأريخ الكيان الحديث الذي نعيش فيه الآن. هي ذكرى انبثاق النور في الجزيرة العربية بعد ظلام دامس وطويل امتد لمئات السنين، ونضال لا يعرف الكلل لاستمرار الدولة السعودية بعد كل عارض تمر به، ففي كل مرحلة يقيض الله أحد أبنائها النُجب لاستعادتها رغم المصاعب الهائلة والظروف القاهرة التي واجهتهم، حتى انتهى بها الأمر إلى هذه الدولة التي ترعى وطناً أصبح مضرب المثل للأوطان الآمنة المستقرة المزدهرة التي تثب في طريق المستقبل كل يوم وتتفوق على دول سبقتها في التحديث والتطور.

إن هذا اليوم هو تأكيد على أن هذه الدولة ليست جديدة على التأريخ، وأن هذا الوطن العظيم ليس نتيجة كفاح قصير وإنما ثمرة زمن طويل من البناء لأبطال سجلوا أسماءهم بحروف من نور في سطور التأريخ.