[ad_1]
المطلع على التاريخ يدرك أن مدينة الدرعية التي أسسها الأمير مانع المريدي في عام (850هـ/ 1446)، وهو الجد الثاني عشر للملك عبدالعزيز، تأسست بمفهوم دولة المدينة city state ، وهو مفهوم يوناني كلاسيكي، يعود إلى ما يقرب من خمسمائة سنة قبل الميلاد.
فقد كانت شبه جزيرة اليونان مشكَّلة من مدن ودول عدة، أبرزها: أثينا وإسبرطه ومقدونيا، وكانت كل واحدة من هذه المدن تشكِّل كيانًا سياسيًّا مستقلاً، وربما قامت بينها الحروب والنزاعات؛ فالمدينة الإغريقية كناية عن دويلة صغيرة مستقلة، نواتها مدينة، وتتبعها القرى المجاورة لها، وتحيط بها أراضي الفلاحة والريف والمراعي، وقد تحصنها الأسوار المنيعة؛ بمعنى أنها ليست مجرد تجمُّع عمراني، وإنما كيان يشكِّل وحدة سياسية، تمارس حكومتها السيادة الكاملة على أراضيها وما جاورها.
ومن هنا فالزائر لمدينة الدرعية يلاحظ أنها مدينة متوسطة الحجم بمفهوم المدن تلك الأيام، ولها مركز حضري، يتألف من نسبة كبيرة من السكان، ومكتفية ذاتيًّا من الناحية الاقتصادية لوقوعها على مفترق طرق تجارية، ولكونها منطقة زراعية نظرًا لوقوعها على وادي حنيفة؛ فتكثر فيها المزارع التي يفيض إنتاجها عن حاجة سكانها؛ فيقومون بتصديرها للمدن الأخرى في منطقة نجد، مثل العيينة وحريملاء وغيرهما. وتولى مانع المريدي وأبناؤه وأحفاده من بعده حكم “الدرعية”، وتوفير أسباب الحماية، وممارسة التجارة والسيطرة على الطرق التجارية لتأمين أسباب العيش لسكانها.
ولدولة المدينة تاريخ عريق في الجزيرة العربية؛ إذ كانت يثرب في بداية هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- إليها مثالاً واضحًا لدولة المدينة.
وحين نتأمل في الموقع الجغرافي لمدينة الدرعية يتضح لنا أنه موقع استراتيجي لعاصمة دولة كبرى. ومن أبرز المقومات لذلك وقوعها على واحد من أهم الأودية في نجد، هو وادي حنيفة، عدا أنها تقع على أحد أهم الطرق التجارية القديمة، ذلك الطريق الذي تعد الدرعية في قلبه، ويأتي من جنوب شبه الجزيرة العربية مرورًا بنجران، ثم يتجه شمالاً إلى اليمامة ثم الدرعية؛ إذ يتجه إلى الشمال نحو دومة الجندل، وإلى الشرق نحو العراق، وإلى الغرب نحو الحجاز.
ويُعدُّ هذا الطريق طريق الحجاج القادمين من فارس والعراق ووسط آسيا، الذين كانوا يواصلون سيرهم عبر الدرعية إلى مكة المكرمة. وازدادت أهمية هذا الطريق بعد قيام إدارة الدرعية على يد مانع المريدي الذي سعى وأبناؤه وأحفاده إلى تأمينه وخدمته.
وبتأسيس الإمام محمد بن سعود للدولة السعودية الأولى أصبح هذا الطريق من أبرز الطرق التي تمرُّ بها قوافل التجارة والحج نتيجة لسياسة الإمام محمد بن سعود بتأمين هذا الطريق، والارتباط بعلاقات مع القبائل التي يمر من خلال مناطقها، والاتفاق معها على ضبط الأمن وتقديم الخدمة اللازمة للمستفيدين منه.
“الدرعية” و”المدينة الإغريقية”.. سمات مشتركة يتحدث عنها المؤرخون
بدر الجبل
سبق
2022-01-28
المطلع على التاريخ يدرك أن مدينة الدرعية التي أسسها الأمير مانع المريدي في عام (850هـ/ 1446)، وهو الجد الثاني عشر للملك عبدالعزيز، تأسست بمفهوم دولة المدينة city state ، وهو مفهوم يوناني كلاسيكي، يعود إلى ما يقرب من خمسمائة سنة قبل الميلاد.
فقد كانت شبه جزيرة اليونان مشكَّلة من مدن ودول عدة، أبرزها: أثينا وإسبرطه ومقدونيا، وكانت كل واحدة من هذه المدن تشكِّل كيانًا سياسيًّا مستقلاً، وربما قامت بينها الحروب والنزاعات؛ فالمدينة الإغريقية كناية عن دويلة صغيرة مستقلة، نواتها مدينة، وتتبعها القرى المجاورة لها، وتحيط بها أراضي الفلاحة والريف والمراعي، وقد تحصنها الأسوار المنيعة؛ بمعنى أنها ليست مجرد تجمُّع عمراني، وإنما كيان يشكِّل وحدة سياسية، تمارس حكومتها السيادة الكاملة على أراضيها وما جاورها.
ومن هنا فالزائر لمدينة الدرعية يلاحظ أنها مدينة متوسطة الحجم بمفهوم المدن تلك الأيام، ولها مركز حضري، يتألف من نسبة كبيرة من السكان، ومكتفية ذاتيًّا من الناحية الاقتصادية لوقوعها على مفترق طرق تجارية، ولكونها منطقة زراعية نظرًا لوقوعها على وادي حنيفة؛ فتكثر فيها المزارع التي يفيض إنتاجها عن حاجة سكانها؛ فيقومون بتصديرها للمدن الأخرى في منطقة نجد، مثل العيينة وحريملاء وغيرهما. وتولى مانع المريدي وأبناؤه وأحفاده من بعده حكم “الدرعية”، وتوفير أسباب الحماية، وممارسة التجارة والسيطرة على الطرق التجارية لتأمين أسباب العيش لسكانها.
ولدولة المدينة تاريخ عريق في الجزيرة العربية؛ إذ كانت يثرب في بداية هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- إليها مثالاً واضحًا لدولة المدينة.
وحين نتأمل في الموقع الجغرافي لمدينة الدرعية يتضح لنا أنه موقع استراتيجي لعاصمة دولة كبرى. ومن أبرز المقومات لذلك وقوعها على واحد من أهم الأودية في نجد، هو وادي حنيفة، عدا أنها تقع على أحد أهم الطرق التجارية القديمة، ذلك الطريق الذي تعد الدرعية في قلبه، ويأتي من جنوب شبه الجزيرة العربية مرورًا بنجران، ثم يتجه شمالاً إلى اليمامة ثم الدرعية؛ إذ يتجه إلى الشمال نحو دومة الجندل، وإلى الشرق نحو العراق، وإلى الغرب نحو الحجاز.
ويُعدُّ هذا الطريق طريق الحجاج القادمين من فارس والعراق ووسط آسيا، الذين كانوا يواصلون سيرهم عبر الدرعية إلى مكة المكرمة. وازدادت أهمية هذا الطريق بعد قيام إدارة الدرعية على يد مانع المريدي الذي سعى وأبناؤه وأحفاده إلى تأمينه وخدمته.
وبتأسيس الإمام محمد بن سعود للدولة السعودية الأولى أصبح هذا الطريق من أبرز الطرق التي تمرُّ بها قوافل التجارة والحج نتيجة لسياسة الإمام محمد بن سعود بتأمين هذا الطريق، والارتباط بعلاقات مع القبائل التي يمر من خلال مناطقها، والاتفاق معها على ضبط الأمن وتقديم الخدمة اللازمة للمستفيدين منه.
28 يناير 2022 – 25 جمادى الآخر 1443
09:12 PM
المطلع على التاريخ يدرك أن مدينة الدرعية التي أسسها الأمير مانع المريدي في عام (850هـ/ 1446)، وهو الجد الثاني عشر للملك عبدالعزيز، تأسست بمفهوم دولة المدينة city state ، وهو مفهوم يوناني كلاسيكي، يعود إلى ما يقرب من خمسمائة سنة قبل الميلاد.
فقد كانت شبه جزيرة اليونان مشكَّلة من مدن ودول عدة، أبرزها: أثينا وإسبرطه ومقدونيا، وكانت كل واحدة من هذه المدن تشكِّل كيانًا سياسيًّا مستقلاً، وربما قامت بينها الحروب والنزاعات؛ فالمدينة الإغريقية كناية عن دويلة صغيرة مستقلة، نواتها مدينة، وتتبعها القرى المجاورة لها، وتحيط بها أراضي الفلاحة والريف والمراعي، وقد تحصنها الأسوار المنيعة؛ بمعنى أنها ليست مجرد تجمُّع عمراني، وإنما كيان يشكِّل وحدة سياسية، تمارس حكومتها السيادة الكاملة على أراضيها وما جاورها.
ومن هنا فالزائر لمدينة الدرعية يلاحظ أنها مدينة متوسطة الحجم بمفهوم المدن تلك الأيام، ولها مركز حضري، يتألف من نسبة كبيرة من السكان، ومكتفية ذاتيًّا من الناحية الاقتصادية لوقوعها على مفترق طرق تجارية، ولكونها منطقة زراعية نظرًا لوقوعها على وادي حنيفة؛ فتكثر فيها المزارع التي يفيض إنتاجها عن حاجة سكانها؛ فيقومون بتصديرها للمدن الأخرى في منطقة نجد، مثل العيينة وحريملاء وغيرهما. وتولى مانع المريدي وأبناؤه وأحفاده من بعده حكم “الدرعية”، وتوفير أسباب الحماية، وممارسة التجارة والسيطرة على الطرق التجارية لتأمين أسباب العيش لسكانها.
ولدولة المدينة تاريخ عريق في الجزيرة العربية؛ إذ كانت يثرب في بداية هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- إليها مثالاً واضحًا لدولة المدينة.
وحين نتأمل في الموقع الجغرافي لمدينة الدرعية يتضح لنا أنه موقع استراتيجي لعاصمة دولة كبرى. ومن أبرز المقومات لذلك وقوعها على واحد من أهم الأودية في نجد، هو وادي حنيفة، عدا أنها تقع على أحد أهم الطرق التجارية القديمة، ذلك الطريق الذي تعد الدرعية في قلبه، ويأتي من جنوب شبه الجزيرة العربية مرورًا بنجران، ثم يتجه شمالاً إلى اليمامة ثم الدرعية؛ إذ يتجه إلى الشمال نحو دومة الجندل، وإلى الشرق نحو العراق، وإلى الغرب نحو الحجاز.
ويُعدُّ هذا الطريق طريق الحجاج القادمين من فارس والعراق ووسط آسيا، الذين كانوا يواصلون سيرهم عبر الدرعية إلى مكة المكرمة. وازدادت أهمية هذا الطريق بعد قيام إدارة الدرعية على يد مانع المريدي الذي سعى وأبناؤه وأحفاده إلى تأمينه وخدمته.
وبتأسيس الإمام محمد بن سعود للدولة السعودية الأولى أصبح هذا الطريق من أبرز الطرق التي تمرُّ بها قوافل التجارة والحج نتيجة لسياسة الإمام محمد بن سعود بتأمين هذا الطريق، والارتباط بعلاقات مع القبائل التي يمر من خلال مناطقها، والاتفاق معها على ضبط الأمن وتقديم الخدمة اللازمة للمستفيدين منه.
window.fbAsyncInit = function() { FB.init({ appId : 636292179804270, autoLogAppEvents : true, xfbml : true, version : 'v2.10' }); FB.AppEvents.logPageView(); };
(function(d, s, id){ var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0]; if (d.getElementById(id)) {return;} js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = "https://connect.facebook.net/en_US/sdk.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); }(document, 'script', 'facebook-jssdk'));
[ad_2]
Source link