[ad_1]
28 يناير 2022 – 25 جمادى الآخر 1443
04:28 PM
لم تكن كيانًا لأسرة أو قبيلة.. وانفتحت على العرب واقتصرت عليهم دون سواهم
ما المزايا الجغرافية والسياسية والاقتصادية التي أهلت الدرعية لتكون دولة؟
حظيت مدينة الدرعية منذ أسسها الأمير مانع المريدي في عام 1446م بمكانة “الدولة المدينة”، على شاكلة المدن، التي تأسست في اليونان قبل الميلاد مثل أثينا وأسبرطة، وكانت كل مدينة منها تشكل كياناً سياسياً مستقلاً عما جاورها من مدن، ولم تتحول الدرعية إلى دولة مصغرة مركزة في مدينة، دون أسباب جعلتها ترقى إلى مرتبة الدولة المدينة، فقد كانت الدرعية تمتلك مزايا جغرافية واقتصادية وسياسية أهلتها للتحول إلى الدولة المدينة على امتداد نحو ثلاثة قرون، ثم الاتساع والامتداد في عهد الإمام محمد بن سعود لتصبح دولة تمتلك كل مقومات الدولة الحديثة، بداية من تولى الإمام محمد بن سعود حكمها عام 1727م.
فمن ناحية الأهمية الجغرافية، امتلكت الدرعية موقعاً استراتيجياً مهماً؛ نظراً لوقوعها على أحد أهم الطرق التجارية القديمة، وكان يبدأ من جنوب شبه الجزيرة العربية، ويمر بنجران، ويتجه شمالاً إلى اليمامة، ثم الدرعية، ومنها إلى الشمال نحو دومة الجندل وإلى الشرق نحو العراق، وإلى الغرب نحو الحجاز، فبفضل هذا الموقع المركزي في الطريق كانت الدرعية بمثابة المحطة الأساسية لاتجاه القوافل نحو الشمال والشرق والغرب والعكس في القدوم منها إلى الجنوب، وقد كان هذا الطريق، هو طريق الحجاج القادمين من فارس والعراق ووسط آسيا، الذين كانوا يتجهون إلى مكة المكرمة عبر الدرعية، وقد تضاعفت أهمية هذا الطريق – وتلك ميزة سياسية – مع اهتمام الأمير مانع المريدي وأبنائه وأحفاده من بعده بتأمينه وتوفير الخدمات اللازمة للقوافل، وقد تطور هذا الاهتمام في عهد الإمام محمد بن سعود بتأسيسه الدولة السعودية الأولى.
ومن الناحية الاقتصادية، كانت الدرعية مكتفية ذاتياً، فوقوعها على وادي حنفية، وهو من المزايا الجغرافية، جعلها مركزاً زراعياً لإنتاج المنتجات الزراعية، وقد كانت مزارعها الكثيرة تصدر الفائض عن حاجة السكان إلى المدن الأخرى في منطقة نجد، ومنها العيينة وحريملاء، كما شكل وقوع الدرعية في قلب الطريق التجاري مورداً اقتصادياً أساسياً في ضوء الأنشطة الاقتصادية المتنوعة، التي كان يزاولها بعض سكانها في التجارة مع القوافل وتوفير متطلباتها، وقد كان من العوامل القوية، التي أدت إلى الاكتفاء الاقتصادي للدرعية وتوفير أسباب العيش لسكانها، استتباب الأمن والاستقرار وهما من المزايا السياسية للمدينة.
وعلى الصعيد السياسي، اتسمت الدرعية في نظامها السياسي بتوفر فكرة الدولة في حكمها وإدارتها، فقد أسسها الأمير مانع المريدي على نمط المدينة الدولة، وحكمها وذريته من بعده وفق مفهوم المدينة الدولة، لكنها لم تكن دولة أو مدينة أو كياناً لأسرة أو قبيلة، وإنما انفتحت على العنصر العربي، ورحب حكامها بانتماء أي عربي إليها، وقد اقتصر هذا الانفتاح على العرب، ولم يسمح لغيرهم من الفرس أو الترك بالعيش فيها، وقد حظيت فكرة الدولة بوضعية مركزية في تطلعات حكام الدرعية دائماً، فلم يحصروا رؤيتهم للدولة في نطاق الدرعية، وإنما ظلت أبعاد الدولة الحقيقية قائمة في رؤيتهم على أساس التمدد والتوسع والتوحيد السياسي لرقعة شبه الجزيرة، التي كانت مقسمة بين حكام شتى، وفي ضوء ذلك ظلت الدرعية قابلة للتوسع، وهو ما حدث تماماً في الدولة السعودية الأولى، والدولة السعودية الثانية، واكتمل في المملكة العربية السعودية.
[ad_2]
Source link