[ad_1]
27 يناير 2022 – 24 جمادى الآخر 1443
09:22 PM
قال إن التأسيس يجب أن يكون من منظور تاريخي منطقي وهذا لا ينفي دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتأييد الإمام لها
أستاذ التاريخ السعودي لـ”سبق”: يوم التأسيس مفخرة سعودية.. وهذه المعلومات التاريخية التي يصححها
أوضح أستاذ التاريخ السعودي بجامعة الإمام محمد بن سعود الأستاذ الدكتور طلال بن خالد الطريفي لـ”سبق” أنه قبل التحدث عن أبرز المعلومات التاريخية حول التأسيس؛ فإننا يجب أن نُشير إلى أن السياق التاريخي أحياناً ما يتأثر بصياغة المؤرخين أو وجهات نظرهم، التي تتحول مع الوقت إلى مسلمات قد لا تكون هي المنطق الحقيقي للتاريخ، ومن ذلك تأسيس الدولة السعودية الأولى، التي تُعد بداية الدولة السعودية بمراحلها كافة.
وأضاف أن من ذلك أن كثيراً من المؤرخين حددوا التأسيس للدولة السعودية الأولى من منظور ديني لا من منظور تاريخي منطقي، فالمبايعة التاريخية التي نقلتها لنا المصادر التاريخية في الحوار الذي دار بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمهما الله – ما هو إلا تأييد من الإمام محمد بن سعود للإصلاح الديني بالدعوة وإلغاء الممارسات البدعية التي كانت سائدةً في ذلك الوقت.
وأشار إلى أنه بالتالي فإن سنة 1157هـ (1744) ليست تاريخ التأسيس، مع العلم أن ذلك لا ينفي الدور الذي قام به الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد ذلك بالدعوة التي أيده ودعمه فيها الإمام، وكانت الدعوة من معززات تأسيس الدولة السعودية الأولى حين قامت بواجبها الديني.
وأبان أنه لو عُدنا إلى المنطقية الحقيقية في التأسيس فإنها ستكون حتماً مع تولي الإمام محمد بن سعود الدرعية سنة 1139هـ (1727)، وكون أن بعض المؤرخين أغفل الفترة الأولى من حكم الإمام محمد وما قبلها منذ تأسيس الدرعية على يد مانع المريدي؛ فهذا لا يعني أننا لا نؤكد على إعادة قراءة الأحداث التاريخية وتحليلها باعتبار أن ذلك ظاهرة علمية تصحيحية، واجتهادات السابقين من المؤرخين محل تقدير بما قدموه من ثروة معرفية تاريخية، إلا أن إعادة القراءة والاستنتاج مطلب صحي ولا سيما إن كانت هذه القراءة أكثر منطقية واتساقاً.
وقال أستاذ التاريخ السعودي بجامعة الإمام محمد بن سعود إن تحديد يوم 22 فبراير يوماً للتأسيس لتوافقه مع يوم 30/6/1139هـ والذي يوافق ميلادياً يوم 22/2/1727م، وقد يحار البعض في مسألة دقة هذا اليوم تحديداً في تاريخ التأسيس، إلا أنه اليوم الذي يُمثل منتصف العام الهجري من سنة 1139هـ، لغياب التاريخ الدقيق الذي لم يعتن المؤرخون بتدوينه في بداية عهد الإمام محمد بن سعود، وهذا مما هو منطقي في الكتابات التاريخية الحولية، وعلى غرار ذلك عملت كثير من الدول في العالم لتحديد أيامها الوطنية، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية التي قاربت بعض التواريخ الوطنية لو لم تكن بدقة متناهية، ومنها يوم الرئيس.
وزاد أن الإمام محمد بن سعود أسس دولةً بالمعنى الحقيقي يوم توليه إمارة الدرعية 1139هـ (1727)، لأنه تولى الأمر بظروفٍ استثنائية في المنطقة عامةً والدرعية تحديداً، التي كانت تعاني الضعف والانقسام حالها حال البلدات والإمارات القريبة، كما أنها واجهت في تلك الفترة وباءً عاماً تمثل بانتشار الطاعون في الجزيرة العربية، ومع كل التحديات التي توافقت مع تولي الإمام محمد الإمارة، إلا أنه تغلب على كل التحديات وواجهها ونجح في ذلك، بعد أن وحَّد الدرعية تحت إمارته، ونشر الاستقرار والأمن ليس فقط في محيط الدرعية بل في إقليم العارض كافة حينها.
ونوه الأستاذ الدكتور طلال الطريفي إلى أن الإمام محمد نهج نهجاً سياسياً حكيماً وحصيفاً بتعاملاته وعلاقاته بالإمارات المجاورة له والعشائر القريبة منه، كما كان يتحلى بنظرة عميقة وثاقبة للأوضاع من حوله، وعلى وعي كامل بما يدور حوله وفي محيطه، لذا بدأ التخطيط منذ اللحظة الأولى التي تولى فيها لتغيير النمطية الفوضوية التي كانت تعيشها المنطقة سياسياً واجتماعياً ودينياً واقتصادياً.
وأبان أن الإمام محمد بن سعود أسس مسارات جديدة في تاريخ المنطقة، حيث زاد الجانب المعرفي والتعليمي باهتمامه ودعمه بنشر الثقافة، واجتماعياً تعززت القيم الاجتماعية وتعزز التواصل بين الأفراد والجماعات نتيجة الحالة الأمنية التي سعى لتحقيقها الإمام، والتي انعكست في الوقت نفسه على الجانب الاقتصادي، الذي كان يعاني انعدام الأمن في حركة القوافل والتجارة، بينما قام الإمام بفرض الأمن ما زاد من النشاط الاقتصادي وارتفعت التبادلات التجارية.
وبيّن أستاذ التاريخ السعودي بجامعة الإمام محمد بن سعود أن بداية عهد الإمام محمد بن سعود يُعد تأسيساً حقيقياً ومنطقياً لشموليته في النظرة لتأسيس الدولة، التي كان الإصلاح الديني جزءاً منها بدعم دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وفرض الوحدة السياسية للمنطقة المحيطة به في نجد ومنها إلى بقية الجزيرة العربية مما استُكمل بعد وفاة الإمام رحمه الله سنة 1179هـ (1765). كذلك القفزات الاقتصادية المهمة في المنطقة بزيادة الحراك ونشاط القوافل وأمنها، إذ حرص الإمام على هذا الأمر تحديداً لأنه يفرض منطق الدولة الذي غاب طويلاً عن الجزيرة العربية قبله.
وأضاف أن يوم 22 فبراير يُعد يوماً لبداية تأسيس الدولة السعودية ومرحلة تحول في التاريخ السعودي الذي يمتد قرابة ستة قرون من الزمن، حينما أسس مانع المريدي الدرعية، وهو الجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه.
وأشار “الطريفي” أن التحول التاريخي الذي حدث في عهد الإمام محمد بن سعود كان في تغير شكل الحكم من إمارة تمثل دولةً صغيرة إلى دولةٍ كبرى بكل تفاصيلها ومعطياتها حسب المفهوم التاريخي العميق. وحينما نقول الدولة المتمثلة بالدرعية أو ما يسمى دولة المدينة؛ فإن هذا مفهوم فلسفي تاريخي ممتد منذ فترات تاريخية قديمة كما هو الفلسفة اليونانية الكلاسيكية التي تحدد بخمسة قرون قبل الميلاد.
واختتم أن اليونان كانت مكونة من مدنٍ عدَّة أهمها أثينا وإسبرطة ومقدونيا، وكان كل مدينة تمثل دولةً بحد ذاتها ولها استقلاليتها، والدولة الكبرى دائماً ما تكون نواتها المدينة الدولة، وهذا ما حدث مع الإمام محمد بن سعود حين حوَّل الدرعية من المدينة الدولة إلى الدولة الكبرى المتمثلة بالدولة السعودية الأولى فالثانية والمملكة العربية السعودية.
[ad_2]
Source link