[ad_1]
24 ديسمبر 2021 – 20 جمادى الأول 1443
02:32 PM
حثّ المسلمين على العمل بالتقوى في أنفسهم وأهليهم وأموالهم وأولادهم ومعاملتهم
خطيب الحرم المكي: التقوى هي سياج الأمان من كل رذيلة والملاذ من نزغات الشيطان
أوصى إمام وخطيب الحرم المكي الشريف الشيخ الدكتور عبدالله الجهني؛ المسلمين، بتقوى الله تعالى، وتوحيده وإفراده بالعبادة دون ما سواه، والتمسك بدينه والثبات عليه، فقد وعد مَن اتقاه بالعز والتمكين، وبالذل والحرمان للعصاة الظالمين.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: طَالب الله وَالدَّار الْآخِرَة لَا يَسْتَقِيم لَهُ سيره وَطَلَبه إِلَّا بحبسين، حبس قلبه فِي طلبه ومطلوبه، وحبسه عَن الِالْتِفَات إِلَى غَيره، وَحبس لِسَانه عَمَّا لَا يُفِيد، وحبسه على ذكر الله وَمَا يزِيد فِي إيمَانه ومعرفته، وَحبس جوارحه عَن الْمعاصِي والشهوات وحبسها على الْوَاجِبَات والمندوبات، فَلَا يُفَارق الْحَبْس حَتَّى يلقى ربه، فيخلصه من السجْن إِلَى أوسع فضاء وأطيبه، وَمَتى لم يصبر على هذَيْن الحبسين وفر مِنْهُمَا إِلَى فضاء الشَّهَوَات أعقبه ذَلِك الْحَبْس الفظيع عِنْد خُرُوجه من الدُّنْيَا، فَكل خَارج من الدُّنْيَا إِمَّا متخلص من الْحَبْس وَإِمَّا ذَاهِب إِلَى الْحَبْس.
وبيّن أن من رحمة الله -سبحانه وتعالى- بعبده الإنسان أنه لم يتركه سدى؛ بل جعل له نوراً يهتدي به، وقوة يرتكز عليها، وسلاحاً يدافع به، فأرسل أنبياءه ورسله مبشرين ومنذرين، وأمره بالاعتصام بالله والاستعانة به، وحثه على التقوى التي تدفع كل سوء، والتقوى شعور يقع في قلب المؤمن تظهر آثاره على الجوارح، تحمله على الرغبة فيما عند الله والعمل لتحصيله، وتورث الخشية من الله ومن سخطه، فيبتعد عن معاصي الله، فالتقوى إيمان راسخ وقوة نفسية لا ترضى الوقوع في معاصي الله ولا التكاسل عن أداء الواجب لله، تسير بالمؤمن على صراط مستقيم، ومنهج سليم، حتى يصل إلى دار القرار والنعيم؛ موضحاً أن الله -سبحانه وتعالى- أوصى جميع خلقه الأولين والآخرين بأن يتقوه، وخصّ المؤمنين بوصية التقوى قال تعالى :((وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ)) قال أهل العلم: هذه الآية هي رحى آي القرآن كله، لأن جميعه يدور عليها، فما من خيرٍ عاجلٍ ولا آجلٍ، ظاهرٍ ولا باطنٍ إلا وتقوى الله سبيل موصل إليه ووسيلة مبلّغة له، وما من شرٍ عاجلٍ ولا ظاهرٍ ولا آجلٍ ولا باطنٍ إلا وتقوى الله عز وجل حرز متين وحصن حصين للسلامة منه والنجاة من ضرره؛ مؤكداً أن تقوى الله -سبحانه وتعالى-، هي عبادته، بفعل الأوامر وترك النواهي عن خوف من الله وعن رغبة فيما عنده، وعن خشية له سبحانه، وعن تعظيم لحرماته، وعن محبة صادقة له سبحانه ولرسوله.
وأفاد “الجهني”؛ أن التقوى ذكرت في كتاب الله في أكثر من مائتين وخمسين موضعاً، بل إنه قد تكرر الأمر بالتقوى في الآية الواحدة مرتين أو ثلاثاً قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)) وقال تعالى: ((لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوٓاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَّءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ ثُمَّ ٱتَّقَواْ وَّءَامَنُواْ ثُمَّ ٱتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ)).
وأضاف: وقد كان هذا دأب الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام- مع أُممهم بالوصية بتقوى الله -عزّ وجلّ-، فنوح -عليه الصلاة والسلام- أولهم قال تعالى: ((كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ) وبعده عاد -عليه الصلاة والسلام- قال تعالى: ((كَذّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتّقُونَ)) وصالح -عليه الصلاة والسلام- مع قومه قال تعالى: ((كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُون)) ولوطٌ -عليه الصلاة والسلام- مع قومه قال تعالى (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ)) وشعيب -عليه الصلاة والسلام- مع أصحاب الأيكة، قال تعالى: ((كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ)) لافتاً النظر إلى أنه لو أمعن النظر في بعض قضايا التشريع لوجد التقوى في مقدمتها تهيئة لها أو نتيجة عنها، وفي مقدمة ذلك قضية الربا قال تعالى:(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ)).
وأردف خطيب الحرم المكي: وتقوى الله تعالى هي سياج الأمان من كل رذيلة، والملاذ من نزغات الشيطان، قال تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ))، والتقوى في الدنيا مجلبة لبركات السماء والأرض ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا …….))، وفي أعظم المواقف وأخطرها في الآخرة حين يجمع الله الخلائق ولم يبق إلا السوق إما إلى الجنة وإما إلى النار، في يوم يجعل الولدان فيه شيباً، ويفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه نجد مساق المتقين كما قال تعالى: ((وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ ……..)).
وأشار إلى أنه لعظم أمر التقوى كانت وصية رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في آخر حياته بتقوى الله تعالى والسمع والطاعة لولاة الأمور، كما جاء في حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه-، “… وفيه أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم يرى بعدي اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وإن كل بدعة ضلالة”. خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي، وقال حديث حسن صحيح.
وحثّ “الجهني”؛ المسلمين على العمل بالتقوى في أنفسهم وأهليهم وأموالهم وأولادهم ومعاملتهم ومن تحت أيديهم، وفي ما اُئتمنوا عليه من مصالح المسلمين، وفي كل مجال من مجالاتهم العامة والخاصة ليفوزوا ويفلحوا.
[ad_2]
Source link