المسلم إذا فقد اعتزازه بالدين ضعفت إرادته

المسلم إذا فقد اعتزازه بالدين ضعفت إرادته

[ad_1]

06 أغسطس 2021 – 27 ذو الحجة 1442
02:43 PM

أكّد أن كل انحراف عن منهج الله سببه عدم تعظيم العبد لربه

خطيب الحرم المكي: المسلم إذا فقد اعتزازه بالدين ضعفت إرادته

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل غزاوي؛ المسلمين، بتقوى الله -جل شأنه-.

وقال في خطبة الجمعة اليوم: إن للمسلم الصادق سماتٍ رائدة وخصائصَ فريدة تميزه عن غيره وتتوافق مع فطرته السوية، حري بكل مسلم أن يكون لها ذاكراً وبها متمسكاً؛ لينعم بتحصيل ثمارها وجني قطافها، ويحيا حياة طيبة، ويحققَ السعادة في الدارين.

وأضاف: وتمثلت تلك السمات في أبهى صورها وأكمل معانيها في مجتمع الجيل الأول من سلف هذه الأمة الذين تمسكوا بدين الله واستقاموا كما أمروا وثبتوا على الحق فأفلحوا وأنجحوا وسادوا وشادوا، فمن سمات المسلم التي يتصف بها: اعتزازه بالله، (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعً)، فيوقن أن عزة الله تعالى هي مصدر عزته وقوته ونصرته (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ويستشعرُ إكرام الله له في هدايته للدين الحنيف فهو مصدر شرفه ومنعته.

وأردف أن المسلم إذا فقد اعتزازه بدين الله ضعفت إرادته وخارت قواه وشعر بالنقص والضعف والانهزام النفسي وقد ينساق مقلداً متشبهاً دون تمييز ولا بصيرة، مبيناً أن من سمات المسلم تعظيمه شعائرَ الله وعدمُ انتهاك الحرمات وعدم الاستهانة بما شرع الله (ذلك وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه، لأن تعظيمها، تابع لتعظيم الله وإجلاله.

وشدد “غزاوي”؛ على أن تعظيم الله حقٌّ على كل أحدٍ، فمَن لم يعظمِ اللهَ لم يُقِمْ حدوده ولم يمتثل شرعه، ومن لم يعظم الله لم يَقْدُره حق قدره ولم يخش الوقوف بين يديه فلم يبادر إلى طاعته، بل يستخف بأمره وينتهك حرماته، وتعظيم العبد لله يمنعه من أن يحتقر شيئاً من المحرمات أو يستصغر شيئاً من السيئات كما قيل “لا تنظُرْ إلى صِغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة مَن عصيت” فلينظر العبد إلى عِظم مَن عصى، إنه الله الجليل ذو الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة وكلما ضعف الإيمان وقلت خشية الله في قلب العبد وغابت رقابته ضعفت عظمة الله في نفسه واستهان بالمعاصي، فعن أنس -رضي الله عنه قال-: “إنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أعْمالًا، هي أدَقُّ في أعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إنْ كُنَّا لَنَعُدُّها علَى عَهْدِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- مِنَ المُوبِقاتِ”.

وتابع بالقول إنَّ كل فساد في الدنيا، وكل انحراف عن منهج الله هو ناشئ عن عدم تعظيم العبد لربه لذلك قال -جل وعلا- (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِه ِ) وقال عز ثناؤه (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا) ما الذي يمنعكم أن تعظموه جلَّ في علاه حق تعظيمه وأن تُجِلُّوه حق إجلاله، مشيراً إلى أن من سمات المسلم سعيه في طلب رضوان الله كما قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) فهؤلاء هم الموفقون الذين باعوا أنفسهم وأرخصوها وبذلوها طلبا لمرضاة الله وإعلاءً لكلمته ورجاءً لثوابه.

وأوضح “غزاوي”؛ أن مما يتبع ذلك تجرد هؤلاء الصفوةِ للحق، فالمؤمن لا يتبع الهوى ولا يُعجب برأيه ولا يؤثر رغباته وشهواته على ما جاءه من البينات ولا يعارض الحجج والبراهين بأقوال ومذاهب تخالف شرع الله كما أنه موصوف بكونه أواباً منيباً لا يصر على الخطأ ولا البقاء على الذنب كما وصف الله المتقين بقوله (وَالَّذينَ إِذا فَعَلوا فاحِشَةً أَو ظَلَموا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللَّهَ فَاستَغفَروا لِذُنوبِهِم وَمَن يَغفِرُ الذُّنوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَم يُصِرّوا عَلى ما فَعَلوا وَهُم يَعلَمونَ).

وذكر خطيب الحرم المكي، أن من أعظم سمات المسلم توحيده لله وإقراره بربوبيته فلا يشوب عقيدتَه شيء من الشرك والأباطيل والبدع والخرافات، بل قلبه معلق بربه متوكل عليه، يعلم أن الله وحده مالك النفع والضر والعطاء والمنع؛ فلا يأتي شيئاً يخالف منهج التوحيد ولا يرتكب أمراً ينافي الاعتقاد الصحيح وهو حذر فطن لا يرضى ما يفسد عقيدته ويلوث فطرته، ولذلك فهو لا ينخدع بما يُرَوَّجُ له من قوانين قائمة على اعتقادات وتصورات باطلة .

وأضاف: من باب ما يلزم المسلم لأخيه من النصيحة والشفقة عليه، وحرصاً على حماية جناب التوحيد، وسداً لكل طريق موصل إلى الشرك، وتحذيراً من الوقوع في الانحراف العقدي بشتى أنواعه وصوره، فحين جاء ذلك الرجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: ما شاء الله وشِئْتَ، أنكر عليه -صلى الله عليه وسلم- أن جعله شريكاً مساوياً له، فقال: (أجعلتني لله نِدًّا؟ ما شاء اللهُ وَحْدَه)، ففيه التحذير مِن جعل المخلوق مساوياً للخالق باللفظ في المشيئة أو التعظيم، وإن لم يعتقد قائلها ذلك بقلبه، فكيف بمَن يعتقد في المخلوق شيئاً مما هو من خصائص ربوبية الله”.

وأردف: التحذير جاء أيضاً من الاغترار بالمشعوذين والدجالين والأفاكين، في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ) ولا عذر لمَن يتعاطى مثل تلك الأسباب غير المأذون فيها شرعاً بقصد العلاج ويقول: نحن لا نعتقد هذه العقائد الفاسدة، فنيتنا حسنة نريد الخير، ومقصدنا الاستشفاء والتداوي فكلامه مردود عليه؛ إذ قرر النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يَرُدُّ هذه الدعوى ويدحضُ مثلَ هذه الحجة بقوله: إنَّ اللهَ لم يجعلْ شفاءَكم فيما حَرَّم عليكم. فكيف إذا كان هذا العلاج مشوباً بما يُضاد التوحيد وينافيه.

وتابع: من سمات المسلم استزادته من العلم النافع كما قال تعالى (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) وبذلك تفتح له أبواب العلوم والمعارف ويدفع الجهل عن نفسه ويعمل على بصيرة؛ فلا بد للعبد مِن قوة علمية تبصره وتهديه، حتى يجمع بين العلم النافع والعمل الصالح، وهو لا ينفك عن سؤال ربه أن ينفعه بما علمه، ويعلمه ما ينفعه؛ فكلما ازداد العبد علماً بالله كان أكثر صلة به وأقوى إيماناً وأصلب عقيدة وأبعد عن الشكوك والوساوس والأوهام، وأن من سمات المسلم أيضاً ثباته على الدين فلا ينقلب على عقبيه ولا يغير ولا يبدل شيئاً مما عاهد الله عليه، بل يوفِى بعهده أكمل وفاء.. ومن الواجب أن يجتهد كل مسلم في تحقيق سمات المسلم الحق، كما أن من الواجب المنوط بالآباء والمربين والمعلمين أن يصرفوا هممهم وعزائمهم إلى ترسيخ تلك السمات فيمن يربونهم بغرس وتعزيز الوازع الإيماني في نفوسهم؛ فكلما كان بناء المرء سليماً كان بناء المجتمع والأمة قوياً ثابتاً، وفي ذلك وقاية للأفراد والمجتمع من أي خلل عقدي وغلو ديني وانحلال خلقي وانحراف سلوكي”.

وقال “غزاوي”؛ إن من علامة القبول ثبات المؤمن على دوام المسارعة إلى مرضاة الله بجليل الطاعات وعظيم القربات واغتنام الفرص والأوقات والتعرض للنفحات ونحن في ميدان سباق ومضمار عمل في هذه الحياة، فلا يتوقف المرء عن العمل ولا ينقطع عن العبادة حتى الممات (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) فلا تنحصر العبادة في وقت ولا مكان ولا حال فها هي الأعوام والشهور تمضي والأيام والساعات تنقضي، وكم في ذلك من تذكرة وعبرة وليس الاعتبار بأن يعمر المرء ويطول بقاؤه في الدنيا، بل بإحسان العمل فخير الناس مَن طال عمره وحسن عمله، وشر الناس مَن طال عمره وساء عمله، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply