[ad_1]
الأزمة المالية تهدّد الأمن الصحي للبنانيين
السبت – 24 شوال 1442 هـ – 05 يونيو 2021 مـ رقم العدد [
15530]
بيروت: إيناس شري
بين سعر الدولار الرسمي الثابت على الـ1500 ليرة وسعره في السوق السوداء الذي تجاوز الـ13 ألفاً، تعيش مستشفيات لبنان حالاً من الفوضى في تسعير المراجعات والعمليات الجراحية، يدفع ثمنها المواطن على شكل فروقات تعريفة الجهات الضامنة أو شركات التأمين، فروقات تسعّر على أساس دولار السوق فتتجاوز قيمتها أضعاف التكلفة الكاملة التي تغطيها الجهات الضامنة.
«كان عليّ أن أدفع 1500 دولار بدل فروقات ضمان كلفة عملية جراحية لوالدتي، مع العلم أنّ فاتورة المستشفى الكاملة هي 1660 دولاراً والعملية مغطاة بالكامل من جهة ضامنة» يقول هادي، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ هذه الفروقات هي بسبب دخول ما تسمى مستلزمات طبية في العملية الجراحية، تغطي الجهة الضامنة 15% فقط من سعرها وعلى أساس السعر الرسمي بينما يؤكد القيمون على المستشفى أنّهم يشترون هذه المعدات على سعر سوق السوداء والمريض عليه أن يغطي الفروقات.
ولا يقتصر الأمر على المريض المسجّل عند إحدى الجهات الحكومية الضامنة، فشركات التأمين أيضاً باتت تحمّل المواطن فروقات سعر الدولار، إذ تقول إحدى المواطنات إنّ شركة التأمين رفضت تغطية عملية ولادتها في مستشفيين في لبنان بحجة أنّ هذين المستشفيين يسعرّان العمليات على أساس دولار وسطي أي 4000 ليرة. وتقول في حديث مع «الشرق الأوسط»: «لأنني دفعت تكاليف التأمين على أساس السعر الرسمي رفضوا تغطية عملية ولادتي في مستشفيين، وبعد المفاوضات عرضوا عليّ أن يعطوني 2000 دولار على أساس سعر الصرف الرسمي، أي ثلاثة ملايين من أصل 12 مليون ليرة، أي إنّ نسبة الـ90% التي تغطيها شركة التأمين تبلغ 3 ملايين ونسبة الـ10% التي عليّ أن أدفعها تبلغ 9 ملايين».
ولا ينفي عضو لجنة الصحة النيابية النائب فادي علامة، لجوء بعض المستشفيات إلى طلب فروقات الضمان على أساس سعر دولار السوق من المواطنين، ولو أنّ الأمر ليس رسمياً، موضحاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنَ بعض المستشفيات يطالب المرضى بدفع هذه الفروقات تحديداً في العمليات الجراحية التي يدخل فيها ما تسمّى المستلزمات الطبية، وذلك لأن المستوردين يشترطون دفع 50% من سعر هذه المستلزمات على أساس سعر الدولار في السوق السوداء أو دولار نقدي، في حين أنّ الجهات الضامنة تغطي على أساس سعر الدولار الرسمي. مضيفاً أنّ «هناك طرفاً سيتحمّل هذه الفروقات وللأسف يكون المواطن إن استطاع ذلك».
ويوضح علامة أنّ عدداً من المستشفيات وحتى لا تتحمل الفروقات ولا تحمّلها للمواطن عمدت إلى التوقف عن استقبال العمليات «الباردة» التي تدخل فيها المستلزمات الطبية، مشيراً إلى أنّ المواطن لا يستطيع تحمّل دفع الفروقات، فهو أصلاً لم يعد يراجع المستشفى إلا في حالات الضرورة القصوى، فنسبة إشغال أسرة المستشفيات تراجعت مؤخراً بحدود الـ50%. وكان عدد من المواطنين اشتكى من رفض بعض المستشفيات استقبال المرضى على حساب الجهات الضامنة الحكومية.
ولفت علامة إلى أنّ المواطن يضطّر أيضاً في بعض الأحيان إلى دفع فروقات الضمان عند إجراء عدد من الفحوص وذلك لأنّ هناك نقصاً كبيراً بالكواشف المخبرية، والمستوردون يبيعونها للمستشفيات على أساس سعر الدولار في السوق السوداء.
أمّا فيما خص دفع المواطن فروقات ضمان على أساس الدولار في باقي المراجعات الاستشفائية أو العمليات الجراحية، فيلفت علامة إلى أنّ بعض المستشفيات يبرّر الأمر بأنّ الكلفة التشغيليّة للمستشفيات ومع انهيار سعر الصرف باتت مرتفعة جداً، وما تغطيه الجهات الضامنة غير كافٍ. مضيفاً أن هذا الأمر واقعي، ولكن ليس من المفترض أن يدفع ثمنه المواطن، إلا أنّ المستشفيات تعاني أيضاً وبعضها لجأ إلى تخفيف الأعباء عبر إقفال أقسام كاملة.
ويشار إلى أنّ نقابة المستشفيات الخاصة تقدّمت بدراسة مفصلة للجهات المعنيّة تقارن التكاليف مع التعريفة المحددة من الوزارة على أساس ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة، فتبيّن أنّه إذا كان الدولار يساوي 9500 يكون الدولار الاستشفائي بـ4500، أي ما يقارب النصف، وهو ما يعني أنّ المستشفيات الخاصة تحتاج إلى رفع التعريفة الاستشفائية بما يقارب أربعة أضعاف حتى تستطيع الاستمرار.
وكان الضمان الاجتماعي قد رفع مؤخراً تعريفة الغرفة العادية وغرفة العناية الفائقة لمريض «كورونا»، وتعريفة جلسة غسل الكلى، مما سيكلفه 35 مليار ليرة إضافية سنوياً وذلك في وقت يعاني من مشكلات في التمويل تعود إلى تراجع رسوم الاشتراكات بسبب فترات السماح التي أقرتها الدولة، فضلاً عن عدم دفع الدولة اللبنانية ديونها للضمان البالغة 4 آلاف و500 مليار ليرة.
وأمام هذا الواقع شدّد علامة على أن الأمن الصحي كله في خطر ولا يوجد حل لموضوع وضع تعريفة عادلة للمستشفيات والمواطن في ظلّ عدم قدرة الجهات الضامنة على تمويل رفع التعريفة، إلا عبر الحصول على تمويل خارجي عبر البنك الدولي، ولكنّ هذا الأمر يحتاج إلى جهة رسمية تتواصل مع الجهات المانحة، وحالياً لا توجد حكومة في لبنان.
لبنان
لبنان أخبار
[ad_2]
Source link