[ad_1]
حين نقرأ المشهد الصيني بتمعن يتبين لنا أن الصين دولة نووية كبرى وتتكئ على اقتصاد متين ومؤثر وتاريخ عريق زاخر بثقافات مختلفة، وأرض شاسعة وقوة بشرية تخطت المليار والنصف مليار نسمة، ولكنها في الوقت ذاته لا تسعى إلى فرض سياستها بهذه الثقافات أو الشعارات الحقوقية والإنسانية كما يفعل الغرب، بل بسياسة «الصين الواحدة» والاقتصاد الذي أغرق أسواق العالم بالبضائع والسلع بما فيها الدول التي تسعى لتأجيج المجتمع الدولي ضد الصين وتغذية النزعات الانفصالية في داخلها، وبالتالي فصل عربة السياسة عن حصان الاقتصاد الجامح الذي جعل منها دولة عظمى، إذاً فالصين دولة لا تسعى للاستعمار أو التحالفات العسكرية أو بناء منظومات تسليحية بقدر اهتمامها بالهيمنة الاقتصادية التي يختزلها سلوكها من خلال المبادرة بمشروع الحزام والطريق المشابه إلى حد كبير لمشروع مارشال الأمريكي بنظريته الاقتصادية الرأسمالية من بعد الحرب العالمية الثانية الذي أنعش الاقتصاد الأمريكي وجعله يتصدر أقوى اقتصادات العالم حتى اليوم، ومشروع الحزام والطريق هو نسخة متجددة من طريق الحرير الصيني التجاري في القرن التاسع عشر ليواكب متغيرات العصر الآنية بتمرير البضائع الصينية وتبادلاتها التجارية من خلال الحزام البحري والطريق البري الذي تقوم عليه المبادرة بالاعتماد على ميزانية ضخمة تجاوزت التريليون دولار وقد تصل إلى 8 تريليونات دولار في المستقبل؛ أي عند نهاية آخر مراحل المشروع المقدرة في عام 2049م، وهذا التمويل الضخم تحقق بخطة اقتصادية اعتمدت فيها الصين على دمج عدد من البنوك المحلية في بنك الصادرات والاستيراد، وبنك التنمية الصيني، بهدف الانتقال من مرحلة الاقتصاد الثاني عالمياً بعد أمريكا إلى الاقتصاد الأول بلا منافس، علماً أن التبادل التجاري مع أمريكا يتجاوز 600 مليار دولار سنوياً؛ 500 مليار منها صادرات صينية لأمريكا مقابل 100 مليار دولار صادرات أمريكية داخل الصين، فشركة أمازون مثلاً؛ وهي أكبر الشركات الأمريكية لبيع السلع، تعتمد على البضائع الصينية بنسبة تتجاوز 85%!
ما ينقص الصين في واقع الأمر ليس القوة البشرية أو التكنولوجية بل تنقصها الطاقة التي تستورد منها أكثر من 10 ملايين برميل يومياً من عدة دول أهمها السعودية وروسيا وإيران، ولهذا السبب جاء احتياج الصين لعقد اتفاقية الـ25 مع إيران التي لم تتردد في قبول عرض ينتشلها من واقعها المنهار حتى لو كان الثمن تقديم أراضيها ومقدراتها ونفطها بأقل الأثمان؛ كونها تخضع لعقوبات أمريكية خانقة مرتبطة بنشاطها النووي وأزمة اقتصادية وسخط شعبي يتفجر بشكل مستمر، فالاتفاقية بسريتها وغموضها -حتى اليوم- تعتمد على النفط الإيراني المخفض بشكل كبير ولكن مقابل ماذا؟؟!
الأمر الذي تعيه المملكة ودول المنطقة جيداً أن إيران لن تلهيها أية اتفاقيات عن عبثها وإرهابها الإقليمي، بل قد يضاعف ذلك نشاطها التخريبي، وهذا يجعلنا نأخذ بالاعتبار أن الصين ضمن الدول الخمسة + واحد أو (P5+1) بمقعدها الدائم في مجلس الأمن والمسؤول ضمن الست دول عن الملف النووي الإيراني مع امتلاكها حق الفيتو في النقض لأي قرار ضد حليف الربع قرن!!
[ad_2]
Source link