[ad_1]
في حالة العلاقات العربية – الغربية، لا بد (مثلاً) من كف الغرب المتنفذ عن التدخل السلبي في الشؤون الداخلية العربية – بشكل مباشر أو غير مباشر – مقابل التزام العرب بعدم التعرض بأذى لما يعتبر مصالح غربية بالمنطقة العربية. ولا بد (مثل آخر) من قيام الغرب بالضغط على إسرائيل لحل القضية الفلسطينية، حلاً يضمن الحد الأدنى -على الأقل- من الحقوق المشروعة للفلسطينيين، عبر إلزام إسرائيل بتنفيذ حل الدولتين. وعلى الجانب العربي (مثل ثالث) أن يحجم «الإسلاموية»، ويردعها، خاصة تلك التيارات التي تمارس الإرهاب وتضر بالعرب وغيرهم، وهكذا.
****
لكن، دون توفر قدر من الندية والتمثيل الحقيقي، يمسي كل ذلك غير ممكن. إذ تظل مكانة (وتحقيق مطالب) أي دولة، أو أي مجموعة من الدول المتجانسة، رهناً بمدى قوتها.. أي بمدى ما تملكه من عناصر القوة الستة المعروفة: الإدارة / السياسة، كم ونوع السكان، الموقع الجغرافي، الموارد الطبيعية، المهارات التقنية، القوة المسلحة، إضافة إلى قوة ناعمة مؤثرة. ولذلك، فإنه كلما قوي الجانب العربي ستكون علاقاته بالآخرين قريبة من الندية (والعدالة النسبية) وسيزيد تجاوب الآخرين مع مطالبه ورغباته. والعكس صحيح تماماً. فنظرياً وفعلياً، فإنه: كلما قوي الطرف الدولي، كلما كان أكثر قدرة على تحقيق أهدافه خارج حدوده، بل وداخلها.
وهناك «تداخل» وترابط وثيق وواضح في ما بين: سياسة الغرب المتنفذ نحو العرب، ووضع العرب الحالي ومدى قوتهم، وقضية الإصلاح في بلادهم، وبين مدى تضرر/ استفادة العرب من علاقاتهم مع الغرب، ومع غيره. والغرب، بالطبع، لا يساعد من يسعى لتحديه، أو يتطلع لأن يكون نداً (أو شبه ند) له، سواء كان عربياً أو صينياً، أو هندياً. الغرب يحترم فقط من يفرض احترامه، ويجبر الآخرين (بقوته) على أن تحقق علاقاته معهم مصالح مشتركة حقيقية. فللسيادة الحقة ثمن في هذا العالم.
****
إن العلاقات السليمة المنصفة في ما بين دول وأمم العالم تخدم السلم والأمن الدوليين. أما العلاقات التي يستفيد منها طرف دولي أكبر الاستفادة، ويستأثر فيها الأقوى بنصيب الأسد، بينما يكون للطرف الآخر الفتات، أو الضرر، فهي علاقات غير عادلة، وغير متوازنة.. وربما هي علاقة استعمارية، ليس إلا. وكثيراً ما تنتج عنها صراعات، وحروب لاحقة. صحيح، أن المتنافسين لا يساعدون بعضهم البعض. كيف لمتسابق (مثلاً) أن يسهم في تقوية متسابق منافس له ؟! ودول الغرب أبعد ما تكون عن «الخيرية»، أو كونها مؤسسات خيرية. ولكن خدمة «المصالح المشتركة» الحقيقية والإنسانية، دون غبن طرف لآخر، هي التي يجب أن تربط في ما بين الشعوب. وحيث يستفيد منها كل أطرافها، استفادة حقيقية.
وفكرة «الحوار» الموضوعي العربي- الغربي لا يمكن أن تقود إلى علاقات أفضل للطرفين المعنيين، إلا إن قامت على أساس التمثيل الحقيقي وما يشبه الندية، أو شيئاً منها. إذ يطرح فيه كل طرف مطالبه وتظلماته تجاه الطرف الآخر.. ومن ثم تتم مناقشة سبل خلق علاقات صحية مستقبلية أفضل بين الطرفين المعنيين، غالباً عبر: التزام كل طرف بتلبية مطالب الطرف الآخر العادلة الأهم، ما أمكن (التسوية، التوفيق، التنازلات المناسبة). ومن ثم بدء صفحة جديدة من التعاون السلمي السليم بين الجانبين.
****
الغرب المتنفذ يعرف ماذا تريد الشعوب العربية منه، وماذا يريد هو منها. ولكنه لن يستجيب طوعاً لمطالبها المشروعة في الأوضاع الحالية للطرفين. سيأخذ الغرب ما يريد.. ربما دون أن يضطر لإعطاء شيء قد يؤثر إعطاؤه بالسلب على ما يعتقد الغرب أنه مصلحته. وبالتالي، فإن الحوار– إن تم في مؤتمرات، أو غيرها- لن ينتج عنه مغنم يذكر للعرب، في ظل غياب الندية والتمثيل الصحيح. لن يستمع الغرب المتنفذ لأي طرف، طالما ذلك الطرف في موقف ضعيف جداً.
لذلك، ستبقى علاقات الغرب المتنفذ مع أغلب العرب مختلة، كما هي، طالما معظم العرب مستمرين على ما هم فيه من ضعف واستكانة. إنه «قانون الغاب» الذي ما زال يسيطر على الجانب الأكبر من العلاقات الدولية الراهنة. وتلك هي خلاصة معظم هذه العلاقات، التي تؤكدها الأحداث والوقائع، وتوثقها أدلة لا حصر لها.
كاتب سعودي
sfadil50@hotmail.com
[ad_2]
Source link