[ad_1]
قد تكون الزيادة في الأرقام صادمة، بحسب لوكوك، لكن لا يمكن القول إنها مفاجئة.
فقد عانى الاقتصاد السوري الهش من صدمات متعددة خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية. وكان الانخفاض الكبير في قيمة الليرة السورية، التي فقدت أكثر من ثلاثة أرباع قيمتها خلال العام الماضي، أحد الآثار المرئية لارتفاع عدد المعوزين.
والنتيجة هي أن ملايين السوريين يلجأون إلى إجراءات يائسة من أجل البقاء على قيد الحياة.
يقول أكثر من 70 في المائة من السوريين إنهم استدانوا المال مجددا العام الماضي. كثير منهم يبيعون أصولهم وماشيتهم. ويأكل الأهل كميات أقل حتى يتمكنوا من إطعام أطفالهم، كما أنهم يرسلونهم للعمل بدلاً من المدرسة.
“أولئك الذين نفدت خياراتهم يعانون ببساطة من الجوع”، قال لوكوك، مشيرا إلى أن أكثر من نصف مليون طفل دون سن الخامسة في سوريا يعانون من التقزم نتيجة سوء التغذية المزمن، وفقا لآخر تقييم قام به مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، معربا عن خشيته من أن يزداد هذا العدد.
سوء التغذية أصبح أمرا طبيعيا لدى الأطفال
وقال وكيل الأمين العام إن هذه المشاكل تظهر في أجزاء كثيرة من البلاد ولكن الوضع سيء بشكل خاص في الشمال الغربي والشمال الشرقي، حيث تظهر بيانات مراقبة التغذية أن ما يصل إلى واحد من بين كل ثلاثة أطفال في بعض المناطق يعاني من التقزم. “تأثير ذلك على تطورهم وتعليمهم سيكون مدى الحياة ولا رجعة فيه”.
وذكر لوكوك أنه تحدث الأسبوع الماضي مع مجموعة من الأطباء السوريين. وقد أخبره طبيب يعمل في مستشفى للأطفال أنه من بين 80 سريرا للمرضى، يشغل نصفها أطفال يعانون من سوء التغذية. وقد لقي خمسة أطفال حتفهم في مستشفاه نتيجة لسوء التغذية في الشهرين الماضيين.
كما أخبرته طبيبة أطفال أخرى أنها تشخص سوء التغذية لدى ما يصل إلى 20 طفلاً في اليوم. لكن الأهالي يجلبون أطفالهم إليها لأسباب مختلفة تماما، غير مدركين أنهم يعانون من سوء التغذية.
وقالت إن “سوء التغذية أصبح أمرا طبيعيا لدرجة أن الأهالي لا يستطيعون اكتشاف علاماته لدى أطفالهم”.
بسمة تحلم بأن تصبح طبيبة لمعالجة والدتها المريضة
السيدة سونيا خوش، مديرة الاستجابة للوضع في سوريا بمؤسسة أنقذوا الأطفال، تحدثت مفصلا أمام مجلس الأمن اليوم عن وضع الأطفال، قائلة إن سوريا تواجه أزمة تعليمية غير مسبوقة، حيث أدى مزيج الصراع والنزوح والفقر والآن كـوفيد-19 إلى خلق ظروف تسرب فيها ملايين الأطفال من المدرسة.
وأوضحت مديرة الاستجابة القطرية أن الأبحاث التي أجرتها منظمة أنقذوا الأطفال في كانون الأول/ديسمبر الماضي وجدت على سبيل المثال أن طفلين من بين كل ثلاثة أطفال يتسربون من المدرسة في شمال سوريا.
ودعت ممثلة مؤسسة أنقذوا الطفولة إلى أن “تكون المدارس أماكن آمنة حيث يمكن للأطفال التعلم واللعب والحلم بما يريدون أن يصبحوا عندما يكبرون”.
“بدلاً من ذلك، بعد عشر سنوات ما زلنا نشهد الهجمات على المدارس، واستخدامها من قبل الجماعات المسلحة، وانتشار الذخائر غير المنفجرة في المدارس” بحسب سونيا خوش التي استشهدت بما أخبرتها به بسمة البالغة من العمر 11 عاما في مخيم الهول، مستذكرة الوقت الذي كانت فيه في الصف الثاني وسقطت قذيفة بالقرب من مدرستها. قالت لها: “كنا كلنا فتيات واختبأنا تحت المقاعد الدراسية في الصف. كان هناك دوي انفجارات وتطاير زجاج النوافذ في كل مكان”. ومع ذلك، لا تزال بسمة تحلم بأن تصبح طبيبة لعلاج والدتها المريضة.
ومن بين الآثار المباشرة للهجمات على المدرسة، الموت والإصابة وتدمير المبنى. ومع ذلك، على المدى الطويل، يمكن أن تؤدي الهجمات إلى انخفاض جودة التعليم، وفقدان المعلمين، وضعف النظم التعليمية، وخطر عدم عودة الأطفال إلى المدرسة أبدا.
وتحدثت سونيا خوش عن أزمة الحماية الخطيرة التي تواجه الأطفال في سوريا، بالإضافة إلى عمالة الأطفال وزواج القاصرات.
وشددت على أن إنهاء معاناة الأطفال في سوريا يتطلب “أولاً وقبل كل شيء وقف القتال. لا يمكن أن يكون هناك حل دائم لهذه الأزمة بدون سلام”.
دعوة لإتاحة جميع القنوات لمساعدة المحتاجين
ولفت وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية الانتباه إلى أن كافة المساعدات التي تدخل شمال غرب سوريا يتم تسليمها من خلال المعابر الحدودية. وهي تدعم 2.4 مليون شخص في المتوسط كل شهر ويتم تسليم غالبيتها من خلال عملية الأمم المتحدة الإنسانية.
وقال لوكوك “بدون العمليات الإنسانية عبر الحدود، لن يتمكن الأطباء في شمال غرب سوريا، مثل بعض من تحدثتُ إليهم، من توفير الرعاية التي يحتاجها هؤلاء الأطفال للبقاء على قيد الحياة”، مشيرا إلى أن الموارد والإمدادات اللازمة للاستمرار في عملهم الحيوي ستنفد في غضون فترة زمنية قصيرة، وكما قالوا له، فإن الوضع سيتحول عندئذ “من مروع إلى كارثي”.
وفي هذا السياق، أكد لوكوك، على ما جاء في تقرير الأمين العام الأخير، موضحا أنه “عندما يتعلق الأمر بإيصال المساعدات المنقذة للحياة للأشخاص المحتاجين، ينبغي إتاحة جميع القنوات، وإبقاؤها مفتوحة”.
هذا وتواصل الأمم المتحدة جهودها لإجراء أول مهمة عبر خطوط المواجهات في شمال غرب سوريا. لا يتمثل الهدف في القيام بمهمة واحدة، ولكن القيام بمهام منتظمة عبر الخطوط تكمل العملية الجارية عبر الحدود.
ويجري وضع خطة تشغيلية جديدة لمراعاة مخاوف الأطراف المعنية. وأوضح وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية أن الاقتراح الجديد، الذي يجري تقديمه، يتوقع أن تعبر قافلة مساعدات الأمم المتحدة خطوط المواجهة، وتوزع المساعدات في أتارب بمشاركة مناسبة من المتطوعين المحليين والشركاء الآخرين ذوي الصلة، مشيرا إلى أن هناك حاجة للاتفاق بشكل دقيق على هؤلاء المتطوعين والشركاء.
وذكر أن الأمم المتحدة تواصل مناقشة هذا الأمر مع المعنيين ولكن لم تتوصل بعد إلى اتفاق مع جميع الأطراف. وبدون ذلك، لن تكون قادرة على القيام بالمهمة عبر الخطوط.
وقال لوكوك لأعضاء مجلس الأمن:
“اسمحوا لي أن أكون واضحا تماما: الأمم المتحدة جاهزة. لقد كنا مستعدين لفترة طويلة. ما نحتاجه الآن هو اتفاق أوسع حتى يمكن المضي قدماً في المهمة الأولى”.
المندوب السوري: ما كان للأمم المتحدة أن تحقق أي إنجاز لولا دعم سوريا
وفي هذا السياق أكد المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير بسام الصبّاغ، أن حكومة بلاده انخرطت على مدى سنوات الأزمة في تعاونٍ جديٍ وبنّاء مع الأمم المتحدة والدول الصديقة والشركاء الإنسانيين وفي مقدمتهم الهلال الأحمر العربي السوري، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأكثر من خمسين منظمةً أجنبية غير حكومية مرخص لها بالعمل في سوريا.
“وقد أسهم هذا التعاون والتسهيلات الكبيرة التي قدمتها الحكومة السورية في تحقيق إنجازات ملموسة لا يمكن إنكارها، وذلك على الرغم من التحديات الجسيمة التي فُرضت عليها، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب، والآثار السلبية للتدابير القسرية أحادية الجانب، وأعمال العدوان والاحتلال”.
وذكر الصبّاغ في أول إحاطة له أمام مجلس الأمن بعد استلام مهام منصبه، أن الحقيقة التي ستبقى ماثلة أمام الجميع مهما حاول البعض التعتيم عليها، هي: أنه ما كان للأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة تحقيق أي إنجازات في المجال الإنساني في سوريا لولا الدعم والتسهيلات الكبيرة التي توفرها لها الحكومة السورية.
وقال المندوب السوري إن التسييس البالغ لقضايا الشأن الإنساني في سوريا قد أدى عملياً إلى زيادة حجم المعاناة الإنسانية. وأضاف أن التقارير المقدمة إلى هذا المجلس التي لا تتفق مع معايير العمل الواجب اتباعها في الأمم المتحدة-حسب قوله- قد سمحت لبعض الدول الأعضاء باستخدام هذه التقارير كأداةٍ لتسييس الشأن الإنساني، ولحرف الانتباه عن التناول الجدي والموضوعي للعوامل المسببة لتراجع الوضع الإنساني في بلاده.
حماية المدنيين
ورسم وكيل الأمين العام مارك لوكوك صورة قاتمة لسلسلة من “التفجيرات المروعة” التي قتلت العشرات وجرحت كثيرين، بمن فيهم عامل في مجال الإغاثة أثناء مساعدة المتضررين من فيروس كورونا في 16 شباط/فبراير. كما تضرر مستشفى عندما أصاب صاروخ مبنى مجاورا.
قال السيد لوكوك إن العاملين في المجال الإنساني في سوريا يقدمون المساعدة كل يوم في ظل أصعب الظروف وفي ظل مخاطر شخصية كبيرة، مشددا على ضرورة حمايتهم.
وأبلغ المجلس أن المسودة الثالثة للإطار الاستراتيجي للأمم المتحدة للفترة 2021-2023، والتي تغطي الأنشطة التشغيلية المتفق عليها لفريق الأمم المتحدة القطري، تمضي قدما، وأشار إلى أن هذه الأنشطة مكملة لخطة الاستجابة الإنسانية “لإنقاذ الأرواح وتعزيز الحماية وزيادة المرونة والوصول إلى الخدمات”.
وخلص إلى أن “هذا أمر ضروري في وقت يستمر فيه الاقتصاد في التدهور الحاد، ويزداد الفقر والجوع، وتتزايد الاحتياجات الإنسانية أيضا”.
[ad_2]
Source link