[ad_1]
بداية، لا بد أن ألفت نظر القراء إلى أنني حتى هذه اللحظة، لا أعرف سر إصرار بعض الصحف وبعض مسؤولي تحرير الصحف والمجلات على كتابة فيس بوك، وكأنها كلمتان، رغم أن أصحاب الكلمة والتسمية والشركة العملاقة، يكتبون فيسبوك كلمة وحدة. وما دمنا نحن في عالم الإنترنت، لا أعرف أيضاً سبب إصرار البعض على استعمال تعبير الشبكة العنكبوتية في تسمية «الويب» أو الحاسوب أثناء الإشارة إلى الكمبيوتر، وكلنا نعرف ماذا كان الحاسوب في زمن كان قد ولى ومضى. نعود إلى الفيسبوك لأحدثكم اليوم عن قصة السيدة التي أغلقت وسائل التواصل الاجتماعي بأمر الطبيب. تقول «كارول ويفر» من مدينة «دينفر» بولاية كولورادوا: إنها قررت إغلاق حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والاكتفاء بالواتس أب، والبعد عن «المجموعات»، وذلك بعد وصولها لمرحلة شديدة من الاكتئاب الشديد، جعلتها تتخذ قرار الاستقالة من العمل، والتفكير جديا في الطلاق من زوجها بعد علاقة دامت خمسة عشر عاما من الاستقرار، وذلك بسبب اطلاعها الدائم على مشاكل السيدات في مجموعتها. أصبحت كما تقول: «أصحو كل صباح على غيمة بيضاء، تحمل الكثير من الدموع، أشعر أن السماء ستبكي قريبا، وأنا أتتبعها، وأنني أول من يجب عليه أن يخفف دموعها. أصبحت أتأثر كثيراً بمشاكل السيدات على مجموعة الفيسبوك، وأنا أقرأ مشاكل؛ التي تعاني من بخل زوجها، وممن تشتكي من العنف والاغتصاب النفسي، ومن تشتكي من خيانة الزوج، ومن تشتكي من الانفصال الصامت. بدأت أرى نفسي مكان كل منهن، وأتخيل مشاعرهن وكيف يمكنني التصرف إذا وصلت -يوما ما- لمثل هذه المشاكل مع زوجي؟! كانت تلك المشاكل بركة ماء تتسع دوائرها وتكبر وتكبر، أكثر إلى ما لا نهاية كل صباح. تكبر الدوائر وتتسع همومي إلى ما لا نهاية، تأخذني الشفقة ويجتاحني الألم، أحياناً يعيدني هؤلاء المشتركون في المجموعات إلى ذكريات ابني الذي فقدته. ذكرى أليمة، أفشل بعد ترك الشاشة أن أسدل الستائر الثقيلة عليها، حيث قادتني المجموعة للشوق إليه من جديد، والتحسر على فقده، قال لي طبيبي النفسي -وبعد جلسات طويلة-: لا بد لك من وقفة حقيقية، قبل أن تسقطي من على الحافة التي تقفين عليها؛ حافة اليأس والاكتئاب. لا بد أن تبتعدي عن هذه العوالم الافتراضية المليئة بالمشاكل، ذات التأثير السلبي على مرتاديها». وبالفعل ألغت «كرول ويفر» الفيسبوك منذ أكثر من 7 أشهر، بدأت خلافاتها مع زوجها تتلاشى، وأصبحت أكثر هدوءاً وراحة، هكذا قصت «كرول ويفر» قصتها على المشاهدين، وهي تشرح السبب الذي دفع طبيبها للتدخل لإيقافها عن التورط أكثر في إدمان العالم الافتراضي الأزرق، الذي لا تنوي العودة إليه من جديد. تجربة «كرول ويفر» تبرز أهميتها في البعد عن الانسياق وراء الطاقة السلبية التي تنشرها الكثير من صفحات الفيسبوك، والمجموعات الخاصة، التي بدورها تجعل الشخص أحيانا يرى الحياة سوداوية، وتتمكن منه مشاعر اليأس والإحباط. فهذا العالم الوهمي الذي تتلوى فيه الأفكار والمعتقدات والأحاسيس كالأفاعي، بحيث تصبح معها كأنك لا شيء، لا شيء سوى دمية ترقص برشاقة على مسرح هذا الكون الوهمي ومواقعه. دمية مربوطة من أصبعها بخيوط شفافة، لا تعرف من الذي يحرك هذه الخيوط. ومع كل هذه الأحاسيس المختلفة التي تحتل كلا منا، يستمر كل منا في الرقص على حلبة هذه المواقع، دُمى يخلقها الحنين الأبدي والملتهب، لهذا العالم الافتراضي الأزرق، إلى التوق إلى شيء، إلى كل شيء. دُمى يخلقها حلمنا الأبله، لتحطمها أحيانا يقظتنا البلهاء. ونحن أشباح هذه المسرحية الشفافة التي تُدعى مواقع التواصل الاجتماعي، نصفق دون حس. وللأسف نستمر!
كاتب سعودي
Fouad5azab@gmail.com
[ad_2]
Source link