[ad_1]
جاءت دعوة الأمين العام أنطونيو غوتيريش، في مشاركته عبر رسالة بالفيديو، في الجزء رفيع المستوى لافتتاح الدورة السادسة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.
أشار الأمين العام إلى “دعوة العمل” التي أطلقها أمام المجلس قبل عام لتعزيز المساواة وتخفيف المعاناة في كل مكان. ودعا إلى فعل المزيد، وبشكل ملح، لتحقيق أهداف الدعوة في جميع المجالات، من التنمية المستدامة وحماية الحريات الأساسية إلى المساواة بين الجنسين وحماية مجال العمل المدني وضمان أن تكون التكنولوجيا الرقمية قوة من أجل الخير.
استغلال الجائحة لتقييد حقوق الإنسان
وقال غوتيريش إن جائحة كوفيد-19 أكدت ترابط الأسرة البشرية، كما عمـّقت الانقسامات القائمة ومواطن الضعف وانعدام المساواة، وتسببت في انقسامات جديدة وتصدعات في حقوق الإنسان.
وأشار إلى عدم التكافؤ في جهود التطعيم ضد كوفيد-19، وقال إنه مدعاة لإثارة الغضب من منطلق أخلاقي.
وفي هذا السياق جدد القول إن 10 دول فقط قامت بإعطاء 75% من جرعات لقاحات كوفيد-19، فيما لم تتلقَ أكثر من 130 دولة جرعة واحدة من اللقاح. وشدد على ضرورة أن تصب اللقاحات في الصالح العام على المستوى الدولي، وأن تتوفر للجميع بأسعار معقولة.
وقال أنطونيو غوتيريش إن الفيروس يصيب أيضا الحقوق السياسية والمدنية ويُقلص مساحة العمل المدني. وأشار إلى أن سلطات بعض الدول تستخدم الجائحة كذريعة، فتلجأ إلى تدابير أمنية وإجراءات طارئة للقضاء على المعارضة وتجريم الحقوق الأساسية وإسكات المعلومات المستقلة وتقويض أنشطة المنظمات غير الحكومية.
وأضاف أن المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمحامين والناشطين السياسيين، وحتى المهنيين الطبيين، يتعرضون للاعتقال والاضطهاد والتخويف والمراقبة، بسبب انتقادهم للاستجابات الحكومية للجائحة أو لغياب تلك الاستجابات.
وأشار في هذا السياق أيضا إلى جائحة أخرى وهي التضليل ونشر المعلومات الزائفة عن كوفيد-19. وقال إن مكتبة هائلة من المعلومات تُطـَور عن كل شخص منا، إلا أننا لا نملك مفاتيح هذه المكتبة ولا نعلم كيف تُستخدم هذه المعلومات.
واستطرد قائلا إن هذه البيانات تستخدم تجاريا للإعلان والتسويق، كما أصبحت أنماط السلوك على الإنترنت سلعا تُباع وتُشترى. “وتُستخدم بياناتنا لتكوين تصوراتنا أو التلاعب بها، بدون أن ندرك ذلك. ويمكن للحكومات استغلال هذه البيانات للسيطرة على سلوكيات مواطنيها وانتهاك حقوق الإنسان لأفراد أو مجموعات. كل ذلك ليس خيالا علميا، ولكنه واقع يحدث الآن، يتطلب مناقشة حقيقية”.
وأشار في هذا الإطار إلى خارطة الطريق للتعاون الرقمي التي تم تطويرها، وحث كل الدول الأعضاء بالأمم المتحدة على وضع حقوق الإنسان في قلب أطر العمل التنظيمية والتشريعية المتعلقة بتطوير واستخدام التكنولوجيات الرقمية.
وشدد على الحاجة إلى إيجاد مستقبل رقمي آمن ومتكافئ ومنفتح، لا ينتهك الخصوصية أو الكرامة.
العنصرية والتمييز وكراهية الأجانب
يرى الأمين العام أن تأجيج نيران العنصرية ومعاداة السامية وكراهية المسلمين والعنف ضد بعض مجتمعات الأقليات المسيحية وكراهية المثليين جنسيا وكره الأجانب ودونية التعامل مع النساء، كل هذا ليس جديدا. ولكن الجديد أن هذه الانتهاكات أصبحت أكثر علانية وعالمية.
ورحب غوتيريش بالصحوة الجديدة في الكفاح العالمي من أجل العدالة العرقية التي غالبا ما يقودها الشباب والنساء.
وأشاد بقرار مجلس حقوق الإنسان بشأن الإبلاغ عن العنصرية المنهجية، والمساءلة والتعويض وكيفية التعامل مع المظاهرات السلمية المناهضة للعنصرية.
وشدد على ضرورة عمل المزيد لمكافحة عودة ظهور النازية الجديدة، ودعوات تفوق العنصر الأبيض والإرهاب المدفوع بأسباب عرقية وعنصرية.
وحذر من أن مخاطر هذه الحركات المدفوعة بالكراهية تتزايد يوما بعد الآخر، ودعا إلى تسمية تلك الانتهاكات بمسمياتها الحقيقية. وقال إن حركات المناداة بتفوق البيض والنازية الجديدة، أكبر من أن تكون تهديدات إرهابية محلية إذ تتحول إلى تهديد عابر للدول.
واستغلت تلك الحركات، والجماعات الأخرى، جائحة كـوفيد-19 لتعزيز صفوفها عبر الاستقطاب الاجتماعي والتلاعب السياسي والثقافي كما قال الأمين العام، الذي يرى أن هذه الحركات المتطرفة تمثل في الوقت الراهن التهديد الأمني الأول في عدد من الدول.
وأضاف أن جماعات الكراهية هذه غالبا ما تتمتع بتشجيع أشخاص يشغلون مناصب مسؤولة، بشكل لم يكن من الممكن تخيله في الماضي القريب. ودعا أمين عام الأمم المتحدة إلى القيام بعمل دولي مُنسق لهزيمة هذا الخطر المتنامي الجسيم.
وشدد غوتيريش، في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان، على ضرورة التركيز بشكل خاص على حماية حقوق الأقليات التي يعيش الكثير منها تحت التهديد بأنحاء العالم.
وقال: “مجتمعات الأقليات هي جزء من ثراء نسيجنا الثقافي والاجتماعي. وكما يُعد التنوع البيولوجي أساسيا لرفاه البشر، فإن تنوع المجتمعات أساسي للبشرية”. وأشار الأمين العام إلى أن تلك المجتمعات لا تتعرض فقط للتمييز ولكن أيضا لسياسات تسعى إلى محو هويتها الثقافية والدينية. وشدد على ضرورة الضغط من أجل وضع سياسات تحترم بشكل كامل حقوق الإنسان والهويات الدينية والثقافية والإنسانية الفريدة.
انعدام المساواة بين الجنسين
وقال الأمين العام إن انعدام المساواة بين الجنسين أوسع آفات حقوق الإنسان انتشارا. وأضاف أن جائحة كوفيد-19 فاقمت التمييز المترسخ ضد النساء والفتيات. وقال في هذا السياق:
- غالبية العاملين على الخطوط الأمامية من النساء، وتنتمي الكثيرات منهن إلى جماعات عرقية مُهمشة وفي قاع السُلم الاقتصادي.
- تتحمل النساء معظم الأعباء المتزايدة في المنزل.
- تعاظم العنف بشكل هائل ضد النساء والفتيات بمختلف الصور، من المضايقات على شبكة الإنترنت إلى العنف الأسري والاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي وتزويج الأطفال.
- عانت النساء بصورة أكبر من فقدان الوظائف، ودُفعت أعداد أكبر منهن إلى براثن الفقر.
يأتي كل ذلك، كما قال الأمين العام، بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية-الاجتماعية الهشة للنساء بسبب الفجوة في الأجور، وعدم توفر الفرص والموارد المتساوية والحماية لهن.
كل هذه الأمور ليست من قبيل الصدفة، ولكنها نتيجة الاستبعاد على مر الأجيال وفق أمين عام الأمم المتحدة الذي قال إن “العالم الذي يهيمن عليه الذكور والثقافة التي يهيمن عليها الذكور سيؤديان إلى نتائج يهيمن عليها الذكور”. وفي نفس الوقت أظهرت الاستجابة لجائحة كوفيد-19 قوة وفعالية قيادة النساء.
وواصفا نفسه بأنه مدافع فخور عن حقوق النساء، قال الأمين العام إنه أوفى بتعهده بجعل التكافؤ بين الجنسين حقيقة في قيادة الأمم المتحدة، وأولوية للمنظمة بأسرها.
وذكر أنطونيو غوتيريش أن كفالة حق المرأة في المشاركة والتمثيل في كل القطاعات وعلى كل المستويات، يعود بالفائدة على الجميع.
التعافي والتغيير
واختتم غوتيريش كلمته، أمام مجلس حقوق الإنسان، بالقول “إن الناس في أنحاء العالم يعتمدون علينا لتأمين وحماية حقوقهم، وفيما تسلط الجائحة الضوء على حقوق الإنسان، يعطينا التعافي منها فرصة لتوليد الزخم من أجل التغيير”.
وأضاف أن الوقت قد حان لإعادة البناء والتعافي بشكل أفضل، بالاسترشاد بحقوق الإنسان والكرامة للجميع.
[ad_2]
Source link