أمامكم الفرَص كلها.. والميادين جميعه

أمامكم الفرَص كلها.. والميادين جميعه

[ad_1]

دعا الجميع إلى السعي للحصول على اللقاحات للوقاية من الفيروس

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، المسلمين بتقوى الله, مبيناً أَنَّ التقوى نور القلوب وَمِشْكَاتهَا، وَسَبِيل مَحَبَّة الله وَمِرْقَاتهَا وَبرْهَان رَهْبَتِهِ وَدَلاَلاَتها, مستشهداً بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).

وقال في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام: عقيدتنا سمحة صافية، حيث روى الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله قال: “بعثت بالحنيفية السمحة”، وسبيل النجاة والفكاك الحذر من سبل الإلحاد والإشراك، فإنها تورد موارد العطب والهلاك، وكذا البدع والمُخَالَفَات والمحدثات المُخَالِفَات ومسالك الخرافة والشعوذة والخزعبلات، ولما استبدل بعض الناس في أعقاب الزمن بنور الوحيين سواهما استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فأعرض فئام عن منهج النبوة والصحابة والسلف الصالح خير القرون، وابتُلُوا بالفِرَق والاختلافات، والطوائف والانقسامات، واعتقد بعضهم بالأنواء والأيام والشهور والأعوام، وقد أجمع المحققون ومنهم الحافظ ابن حجر، وابن رجب، وشيخ الإسلام، والشوكاني وغيرهم على أنه لم يثبت في شهر رجب حديث صحيح ولا ضعيف يصلح للحجة، وإنما حديث شديد الضعف أو موضوع ولم يصح، فلا يشرع إحداث عبادة ليس عليها دليل من الكتاب والسنة، أو عمل سلف الأمة، وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر من ابتداع من خلف”.

وأكد “السديس” أنه ليس بخافٍ على أولي الألباب أنَّ حياة الإنسان ما هي إلا مراحل، وعُمره فيها منازل، وإن مما قررته المدنية الحديثة، والنظام العالمي المعاصر؛ تلك النُظُم الوظيفية، والقواعد التنظيمية للأعمال والوظائف، مشيراً إلى أن الإنسان يتقلب في مراحل حياته بين الأعمال ودرجاتها، والوظائف وترقياتها، حتى يبلغ درجة التقاعد؛ وتلك قضية آنِيَّةٌ مهمة لفئة عزيزة غالية قدمت زهرة شبابها، ولُبَاب أعمارها في خدمة دينها ووطنها ومجتمعها، تكدح في أعمالها ثم تترجل عنها؛ لتتيح المجال الوظيفي لغيرها من الشباب الصاعد، وهكذا تمضي الحياة في تقلباتها وتنقلاتها، مستشهداً بقوله تعالى (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).

وأشار إلى أن هذا التصنيف الوظيفي -متقاعد/ غير متقاعد- ليس نهاية المطاف، وليس حُكمًا على الإنسان بالموت الزُّعاف، وليس منعًا للمتقاعدين من مزيد العطاء في خدمة دينهم ووطنهم وولاة أمرهم ومجتمعهم في ميادين أخرى، فهذاً تصنيفٌ لا يصلح أن يسري أبدًا على بقية حياة المتقاعد، لكن المتقاعد قد وُلِدَ ولادةً جديدة، مؤكداً أن صاحبُ الهمة العالية إذا بلغ هدفًا بحَث عن هدفٍ آخر مثله أو أَسمى منه ليصل إِليه، ولا يوقفه عن استباقه لمجد الدنيا والآخرة إلا توقُّفُ نَفَسِه أو ضَعْفُ ذاته.

ووجّه رسالة إلى المتقاعدين قائلاً: “قد زادت مسؤولياتكم بعد أن كان النِّطاق الحكومي يُحَدِّدها في مجال اختصاصكم وعملكم فقط، أما اليوم فأمامكم الفُرَص والدنيا بأسرها، والأعمالُ كلها، والميادين جميعها، فمسؤوليتكم ليست عن أُسَركم أو حيِّكم أو مدينتكم فقط، بل أنتم مسؤولون عن كلِّ مسلم بالتوجيه والنصح والإرشاد والتوعية، ولقد أَحسن وأجاد من قال: “لا تقاعُدَ لمن أراد أن يعيش في أمَّة جديرة بالحضارة والتقدُّم”، ونحن أمة الحضارة والتقدم منذ الأزل، لذا كان السلف يكرهون أن يكون الرجل فارغا من العمـل، قال الفاروق عمر بن الخطاب “إني لأكره أن أرى أحدكم فارغاً سَبَهْلَلاً، لا في عمل دنياه ولا في عمل آخرته”، والسَّبَهْلَلُ: الذي يجيء ويذهب في غير شيء، فنحن أمة العمل والعبادة قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).

وأضاف: “أيها المترجلون عن صهوة جواد الدوام النظامي؛ إنَّ أعماركم رؤوس أموالكم، ورصيدكم الذي ينفعكم في الدنيا والآخرة، فاغتنموها بالأعمال الصالحة قبل فواتها، وكما أن الإنسان مسؤولٌ عن عمره، فهو أيضًا مسؤولٌ عن عِلْمِهِ وخِبْرَتِهِ، فينقل خِبْرَتَهُ للأجيال اللاحقة، ولا يبخل عليهم بالرأي والمشورة، والتوجيه والنصيحة، كونوا المِرْآة العاكسة لِجَمال الشريعةِ ومَبادِئها العِظام، وخيْرِيّتِها عن سائر الأنام، وتلك هي المَدَاميك التي تُحَقِّق الطّموحات ذات العزيمة، وتشمَخِرُّ عنها المجتمعات المترَاصّة الكريمة، لا تركن أيها المتقاعد إلى الكسل والوهن، وانْبَعِثْ في الخَيْرِ ومَيَادِينِه، وتنسَّم شذى رَيَاحِينه، مهما تنوعت أشكاله، وتعددت مجالاته، عِلميّة أو خيرية، إيمانية أو طِبِّيّة، إنسانِيّة أو عُمْرانِيّة: أَغِثْ مَلهوفَا، ابْذُلْ معروفَا، آسِ مكلومًا، انْصُر مظلومًا، صِلْ محرومًا، كن مفتاحًا للخير إيجابياً في حب الخير للناس، ولاسيما الأهل والأقارب والجيران، والحذر من الزراية بهم، فلا خير فيمن لا يعرف للسابق فضله، والأمم والمجتمعات الراقية جعلت لهم مؤسسات وجمعيات تعنى بشؤونهم وتتكفل بحقوقهم وتحقق خدماتهم وتفيد منهم في إثراء تجاربهم كبيوت خبرة ومكاتب استشارية متنقلة تستثمر في العقول وتفيد من التجارب.

وحث إمام المسجد الحرام الموظفين على أن يكونوا قدوةً في المحافظة على الأمانة والمسؤولية، والنزاهة ومكافحة الفساد، والانضباطِ في الحضور والانصراف والإنتاجية، وحُسن معاملة المراجعين، وعدمِ استغلال سُلْطَةِ الوظيفة، والحفاظِ على الأموال العامة ومقدَّرات البلدان ومكتسبات الأوطان، كونهم اليوم قدوة للشباب، وحثهم أيضًا على إعطائهم من الخبرة التي يمتلكونها كما أخذوها من خبرة غيرهم، مبيناً أن الدين الإسلامي دين العمل والعبادة، فلا رهبانية فيه ولا تواكل.

وأكد “السديس” أن الواجب على العبد أن يكون قدوة في طاعة الله تعالى، وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر، خاصة في ظل الأزمات والنوازل والجوائح، التي تحتاج إلى تكاتف وتعاون الجميع، ولا يزال التذكير مستمراً بأهمية التقيد بالإجراءات الاحترازية، والتدابير الوقائية، والاشتراطات الصحية، حرصًا على صحة وسلامة الجميع، مشيراً إلى أن الإجراءات والاحترازات من الأخذ بالأسباب التي جاءت بها الشريعة الغرَّاء تحقيقًا لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)، لاسيما مع انتشار الموجة المتجددة والسلالة المتحورة من الجائحة؛ مما يتطلب الحذر والجدية في تطبيق الاحترازات، خاصة التباعد الجسدي، وعدم التجمعات، ولبس الكمامات، والحرص على غسل اليدين وتعقيمهما، وأن تكون المصافحة في القلوب.

وأشاد بالوعي المجتمعي في تحقيق الإجراءات، معرجاً على الأشخاص غير الملتزمين بالإجراءات الوقائية قائلاً: “إن في الناس متهاونين غير مبالين، يجرون لأنفسهم ولمجتمعهم أسباب العدوى وانتشار الوباء، ولهذا فإن الحزم مع هؤلاء هو الأجدى، ولولي الأمر سَنُّ التعزيرات والأنظمة الصارمة في الأخذ على أيدي هؤلاء وردعهم حتى لا يجروا الضرر لأنفسهم وغيرهم، ويُؤثِّروا على مُقَدَّراتِ ومُكْتَسبات أوطانهم ومجتمعاتهم.

ودعا الجميع إلى السعي للحصول على اللقاحات في حينها، والمشاركة في التطبيقات والمنصات المخصصة لذلك، وقال: “ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله” رواه البخاري، وقال عليه الصلاة والسلام: “تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام” رواه أحمد وأبو داود، محذراً من التشكيك والتشغيب على الجهات المعنية ونشر الشائعات المغرضة، والافتراءات الكاذبة، عن هذه اللقاحات المأمونة وغيرها، متعجباً ممن يُسْلِمُونَ عقولهم ويسلسلون أفكارهم لكل شائعة ويصدقون كل ذائعة دون تثبت وروية، حيث أضحت تلك الحملات المغرضة المجندة والممنهجة والمؤدلجة حرباً سافرة غير خافية على كل ذي لُبّ، ضد ديننا ووطننا وقياداتنا، مما يتطلب الوقوف صفًّا واحدًا.

خطبة الجمعة
مكة المكرمة
المسجد الحرام

خطيب الحرم المكي للمتقاعدين: أمامكم الفرَص كلها.. والميادين جميعها


سبق

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، المسلمين بتقوى الله, مبيناً أَنَّ التقوى نور القلوب وَمِشْكَاتهَا، وَسَبِيل مَحَبَّة الله وَمِرْقَاتهَا وَبرْهَان رَهْبَتِهِ وَدَلاَلاَتها, مستشهداً بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).

وقال في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام: عقيدتنا سمحة صافية، حيث روى الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله قال: “بعثت بالحنيفية السمحة”، وسبيل النجاة والفكاك الحذر من سبل الإلحاد والإشراك، فإنها تورد موارد العطب والهلاك، وكذا البدع والمُخَالَفَات والمحدثات المُخَالِفَات ومسالك الخرافة والشعوذة والخزعبلات، ولما استبدل بعض الناس في أعقاب الزمن بنور الوحيين سواهما استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فأعرض فئام عن منهج النبوة والصحابة والسلف الصالح خير القرون، وابتُلُوا بالفِرَق والاختلافات، والطوائف والانقسامات، واعتقد بعضهم بالأنواء والأيام والشهور والأعوام، وقد أجمع المحققون ومنهم الحافظ ابن حجر، وابن رجب، وشيخ الإسلام، والشوكاني وغيرهم على أنه لم يثبت في شهر رجب حديث صحيح ولا ضعيف يصلح للحجة، وإنما حديث شديد الضعف أو موضوع ولم يصح، فلا يشرع إحداث عبادة ليس عليها دليل من الكتاب والسنة، أو عمل سلف الأمة، وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر من ابتداع من خلف”.

وأكد “السديس” أنه ليس بخافٍ على أولي الألباب أنَّ حياة الإنسان ما هي إلا مراحل، وعُمره فيها منازل، وإن مما قررته المدنية الحديثة، والنظام العالمي المعاصر؛ تلك النُظُم الوظيفية، والقواعد التنظيمية للأعمال والوظائف، مشيراً إلى أن الإنسان يتقلب في مراحل حياته بين الأعمال ودرجاتها، والوظائف وترقياتها، حتى يبلغ درجة التقاعد؛ وتلك قضية آنِيَّةٌ مهمة لفئة عزيزة غالية قدمت زهرة شبابها، ولُبَاب أعمارها في خدمة دينها ووطنها ومجتمعها، تكدح في أعمالها ثم تترجل عنها؛ لتتيح المجال الوظيفي لغيرها من الشباب الصاعد، وهكذا تمضي الحياة في تقلباتها وتنقلاتها، مستشهداً بقوله تعالى (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).

وأشار إلى أن هذا التصنيف الوظيفي -متقاعد/ غير متقاعد- ليس نهاية المطاف، وليس حُكمًا على الإنسان بالموت الزُّعاف، وليس منعًا للمتقاعدين من مزيد العطاء في خدمة دينهم ووطنهم وولاة أمرهم ومجتمعهم في ميادين أخرى، فهذاً تصنيفٌ لا يصلح أن يسري أبدًا على بقية حياة المتقاعد، لكن المتقاعد قد وُلِدَ ولادةً جديدة، مؤكداً أن صاحبُ الهمة العالية إذا بلغ هدفًا بحَث عن هدفٍ آخر مثله أو أَسمى منه ليصل إِليه، ولا يوقفه عن استباقه لمجد الدنيا والآخرة إلا توقُّفُ نَفَسِه أو ضَعْفُ ذاته.

ووجّه رسالة إلى المتقاعدين قائلاً: “قد زادت مسؤولياتكم بعد أن كان النِّطاق الحكومي يُحَدِّدها في مجال اختصاصكم وعملكم فقط، أما اليوم فأمامكم الفُرَص والدنيا بأسرها، والأعمالُ كلها، والميادين جميعها، فمسؤوليتكم ليست عن أُسَركم أو حيِّكم أو مدينتكم فقط، بل أنتم مسؤولون عن كلِّ مسلم بالتوجيه والنصح والإرشاد والتوعية، ولقد أَحسن وأجاد من قال: “لا تقاعُدَ لمن أراد أن يعيش في أمَّة جديرة بالحضارة والتقدُّم”، ونحن أمة الحضارة والتقدم منذ الأزل، لذا كان السلف يكرهون أن يكون الرجل فارغا من العمـل، قال الفاروق عمر بن الخطاب “إني لأكره أن أرى أحدكم فارغاً سَبَهْلَلاً، لا في عمل دنياه ولا في عمل آخرته”، والسَّبَهْلَلُ: الذي يجيء ويذهب في غير شيء، فنحن أمة العمل والعبادة قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).

وأضاف: “أيها المترجلون عن صهوة جواد الدوام النظامي؛ إنَّ أعماركم رؤوس أموالكم، ورصيدكم الذي ينفعكم في الدنيا والآخرة، فاغتنموها بالأعمال الصالحة قبل فواتها، وكما أن الإنسان مسؤولٌ عن عمره، فهو أيضًا مسؤولٌ عن عِلْمِهِ وخِبْرَتِهِ، فينقل خِبْرَتَهُ للأجيال اللاحقة، ولا يبخل عليهم بالرأي والمشورة، والتوجيه والنصيحة، كونوا المِرْآة العاكسة لِجَمال الشريعةِ ومَبادِئها العِظام، وخيْرِيّتِها عن سائر الأنام، وتلك هي المَدَاميك التي تُحَقِّق الطّموحات ذات العزيمة، وتشمَخِرُّ عنها المجتمعات المترَاصّة الكريمة، لا تركن أيها المتقاعد إلى الكسل والوهن، وانْبَعِثْ في الخَيْرِ ومَيَادِينِه، وتنسَّم شذى رَيَاحِينه، مهما تنوعت أشكاله، وتعددت مجالاته، عِلميّة أو خيرية، إيمانية أو طِبِّيّة، إنسانِيّة أو عُمْرانِيّة: أَغِثْ مَلهوفَا، ابْذُلْ معروفَا، آسِ مكلومًا، انْصُر مظلومًا، صِلْ محرومًا، كن مفتاحًا للخير إيجابياً في حب الخير للناس، ولاسيما الأهل والأقارب والجيران، والحذر من الزراية بهم، فلا خير فيمن لا يعرف للسابق فضله، والأمم والمجتمعات الراقية جعلت لهم مؤسسات وجمعيات تعنى بشؤونهم وتتكفل بحقوقهم وتحقق خدماتهم وتفيد منهم في إثراء تجاربهم كبيوت خبرة ومكاتب استشارية متنقلة تستثمر في العقول وتفيد من التجارب.

وحث إمام المسجد الحرام الموظفين على أن يكونوا قدوةً في المحافظة على الأمانة والمسؤولية، والنزاهة ومكافحة الفساد، والانضباطِ في الحضور والانصراف والإنتاجية، وحُسن معاملة المراجعين، وعدمِ استغلال سُلْطَةِ الوظيفة، والحفاظِ على الأموال العامة ومقدَّرات البلدان ومكتسبات الأوطان، كونهم اليوم قدوة للشباب، وحثهم أيضًا على إعطائهم من الخبرة التي يمتلكونها كما أخذوها من خبرة غيرهم، مبيناً أن الدين الإسلامي دين العمل والعبادة، فلا رهبانية فيه ولا تواكل.

وأكد “السديس” أن الواجب على العبد أن يكون قدوة في طاعة الله تعالى، وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر، خاصة في ظل الأزمات والنوازل والجوائح، التي تحتاج إلى تكاتف وتعاون الجميع، ولا يزال التذكير مستمراً بأهمية التقيد بالإجراءات الاحترازية، والتدابير الوقائية، والاشتراطات الصحية، حرصًا على صحة وسلامة الجميع، مشيراً إلى أن الإجراءات والاحترازات من الأخذ بالأسباب التي جاءت بها الشريعة الغرَّاء تحقيقًا لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)، لاسيما مع انتشار الموجة المتجددة والسلالة المتحورة من الجائحة؛ مما يتطلب الحذر والجدية في تطبيق الاحترازات، خاصة التباعد الجسدي، وعدم التجمعات، ولبس الكمامات، والحرص على غسل اليدين وتعقيمهما، وأن تكون المصافحة في القلوب.

وأشاد بالوعي المجتمعي في تحقيق الإجراءات، معرجاً على الأشخاص غير الملتزمين بالإجراءات الوقائية قائلاً: “إن في الناس متهاونين غير مبالين، يجرون لأنفسهم ولمجتمعهم أسباب العدوى وانتشار الوباء، ولهذا فإن الحزم مع هؤلاء هو الأجدى، ولولي الأمر سَنُّ التعزيرات والأنظمة الصارمة في الأخذ على أيدي هؤلاء وردعهم حتى لا يجروا الضرر لأنفسهم وغيرهم، ويُؤثِّروا على مُقَدَّراتِ ومُكْتَسبات أوطانهم ومجتمعاتهم.

ودعا الجميع إلى السعي للحصول على اللقاحات في حينها، والمشاركة في التطبيقات والمنصات المخصصة لذلك، وقال: “ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله” رواه البخاري، وقال عليه الصلاة والسلام: “تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام” رواه أحمد وأبو داود، محذراً من التشكيك والتشغيب على الجهات المعنية ونشر الشائعات المغرضة، والافتراءات الكاذبة، عن هذه اللقاحات المأمونة وغيرها، متعجباً ممن يُسْلِمُونَ عقولهم ويسلسلون أفكارهم لكل شائعة ويصدقون كل ذائعة دون تثبت وروية، حيث أضحت تلك الحملات المغرضة المجندة والممنهجة والمؤدلجة حرباً سافرة غير خافية على كل ذي لُبّ، ضد ديننا ووطننا وقياداتنا، مما يتطلب الوقوف صفًّا واحدًا.

19 فبراير 2021 – 7 رجب 1442

03:31 PM


دعا الجميع إلى السعي للحصول على اللقاحات للوقاية من الفيروس

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، المسلمين بتقوى الله, مبيناً أَنَّ التقوى نور القلوب وَمِشْكَاتهَا، وَسَبِيل مَحَبَّة الله وَمِرْقَاتهَا وَبرْهَان رَهْبَتِهِ وَدَلاَلاَتها, مستشهداً بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).

وقال في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام: عقيدتنا سمحة صافية، حيث روى الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله قال: “بعثت بالحنيفية السمحة”، وسبيل النجاة والفكاك الحذر من سبل الإلحاد والإشراك، فإنها تورد موارد العطب والهلاك، وكذا البدع والمُخَالَفَات والمحدثات المُخَالِفَات ومسالك الخرافة والشعوذة والخزعبلات، ولما استبدل بعض الناس في أعقاب الزمن بنور الوحيين سواهما استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فأعرض فئام عن منهج النبوة والصحابة والسلف الصالح خير القرون، وابتُلُوا بالفِرَق والاختلافات، والطوائف والانقسامات، واعتقد بعضهم بالأنواء والأيام والشهور والأعوام، وقد أجمع المحققون ومنهم الحافظ ابن حجر، وابن رجب، وشيخ الإسلام، والشوكاني وغيرهم على أنه لم يثبت في شهر رجب حديث صحيح ولا ضعيف يصلح للحجة، وإنما حديث شديد الضعف أو موضوع ولم يصح، فلا يشرع إحداث عبادة ليس عليها دليل من الكتاب والسنة، أو عمل سلف الأمة، وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر من ابتداع من خلف”.

وأكد “السديس” أنه ليس بخافٍ على أولي الألباب أنَّ حياة الإنسان ما هي إلا مراحل، وعُمره فيها منازل، وإن مما قررته المدنية الحديثة، والنظام العالمي المعاصر؛ تلك النُظُم الوظيفية، والقواعد التنظيمية للأعمال والوظائف، مشيراً إلى أن الإنسان يتقلب في مراحل حياته بين الأعمال ودرجاتها، والوظائف وترقياتها، حتى يبلغ درجة التقاعد؛ وتلك قضية آنِيَّةٌ مهمة لفئة عزيزة غالية قدمت زهرة شبابها، ولُبَاب أعمارها في خدمة دينها ووطنها ومجتمعها، تكدح في أعمالها ثم تترجل عنها؛ لتتيح المجال الوظيفي لغيرها من الشباب الصاعد، وهكذا تمضي الحياة في تقلباتها وتنقلاتها، مستشهداً بقوله تعالى (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).

وأشار إلى أن هذا التصنيف الوظيفي -متقاعد/ غير متقاعد- ليس نهاية المطاف، وليس حُكمًا على الإنسان بالموت الزُّعاف، وليس منعًا للمتقاعدين من مزيد العطاء في خدمة دينهم ووطنهم وولاة أمرهم ومجتمعهم في ميادين أخرى، فهذاً تصنيفٌ لا يصلح أن يسري أبدًا على بقية حياة المتقاعد، لكن المتقاعد قد وُلِدَ ولادةً جديدة، مؤكداً أن صاحبُ الهمة العالية إذا بلغ هدفًا بحَث عن هدفٍ آخر مثله أو أَسمى منه ليصل إِليه، ولا يوقفه عن استباقه لمجد الدنيا والآخرة إلا توقُّفُ نَفَسِه أو ضَعْفُ ذاته.

ووجّه رسالة إلى المتقاعدين قائلاً: “قد زادت مسؤولياتكم بعد أن كان النِّطاق الحكومي يُحَدِّدها في مجال اختصاصكم وعملكم فقط، أما اليوم فأمامكم الفُرَص والدنيا بأسرها، والأعمالُ كلها، والميادين جميعها، فمسؤوليتكم ليست عن أُسَركم أو حيِّكم أو مدينتكم فقط، بل أنتم مسؤولون عن كلِّ مسلم بالتوجيه والنصح والإرشاد والتوعية، ولقد أَحسن وأجاد من قال: “لا تقاعُدَ لمن أراد أن يعيش في أمَّة جديرة بالحضارة والتقدُّم”، ونحن أمة الحضارة والتقدم منذ الأزل، لذا كان السلف يكرهون أن يكون الرجل فارغا من العمـل، قال الفاروق عمر بن الخطاب “إني لأكره أن أرى أحدكم فارغاً سَبَهْلَلاً، لا في عمل دنياه ولا في عمل آخرته”، والسَّبَهْلَلُ: الذي يجيء ويذهب في غير شيء، فنحن أمة العمل والعبادة قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).

وأضاف: “أيها المترجلون عن صهوة جواد الدوام النظامي؛ إنَّ أعماركم رؤوس أموالكم، ورصيدكم الذي ينفعكم في الدنيا والآخرة، فاغتنموها بالأعمال الصالحة قبل فواتها، وكما أن الإنسان مسؤولٌ عن عمره، فهو أيضًا مسؤولٌ عن عِلْمِهِ وخِبْرَتِهِ، فينقل خِبْرَتَهُ للأجيال اللاحقة، ولا يبخل عليهم بالرأي والمشورة، والتوجيه والنصيحة، كونوا المِرْآة العاكسة لِجَمال الشريعةِ ومَبادِئها العِظام، وخيْرِيّتِها عن سائر الأنام، وتلك هي المَدَاميك التي تُحَقِّق الطّموحات ذات العزيمة، وتشمَخِرُّ عنها المجتمعات المترَاصّة الكريمة، لا تركن أيها المتقاعد إلى الكسل والوهن، وانْبَعِثْ في الخَيْرِ ومَيَادِينِه، وتنسَّم شذى رَيَاحِينه، مهما تنوعت أشكاله، وتعددت مجالاته، عِلميّة أو خيرية، إيمانية أو طِبِّيّة، إنسانِيّة أو عُمْرانِيّة: أَغِثْ مَلهوفَا، ابْذُلْ معروفَا، آسِ مكلومًا، انْصُر مظلومًا، صِلْ محرومًا، كن مفتاحًا للخير إيجابياً في حب الخير للناس، ولاسيما الأهل والأقارب والجيران، والحذر من الزراية بهم، فلا خير فيمن لا يعرف للسابق فضله، والأمم والمجتمعات الراقية جعلت لهم مؤسسات وجمعيات تعنى بشؤونهم وتتكفل بحقوقهم وتحقق خدماتهم وتفيد منهم في إثراء تجاربهم كبيوت خبرة ومكاتب استشارية متنقلة تستثمر في العقول وتفيد من التجارب.

وحث إمام المسجد الحرام الموظفين على أن يكونوا قدوةً في المحافظة على الأمانة والمسؤولية، والنزاهة ومكافحة الفساد، والانضباطِ في الحضور والانصراف والإنتاجية، وحُسن معاملة المراجعين، وعدمِ استغلال سُلْطَةِ الوظيفة، والحفاظِ على الأموال العامة ومقدَّرات البلدان ومكتسبات الأوطان، كونهم اليوم قدوة للشباب، وحثهم أيضًا على إعطائهم من الخبرة التي يمتلكونها كما أخذوها من خبرة غيرهم، مبيناً أن الدين الإسلامي دين العمل والعبادة، فلا رهبانية فيه ولا تواكل.

وأكد “السديس” أن الواجب على العبد أن يكون قدوة في طاعة الله تعالى، وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر، خاصة في ظل الأزمات والنوازل والجوائح، التي تحتاج إلى تكاتف وتعاون الجميع، ولا يزال التذكير مستمراً بأهمية التقيد بالإجراءات الاحترازية، والتدابير الوقائية، والاشتراطات الصحية، حرصًا على صحة وسلامة الجميع، مشيراً إلى أن الإجراءات والاحترازات من الأخذ بالأسباب التي جاءت بها الشريعة الغرَّاء تحقيقًا لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)، لاسيما مع انتشار الموجة المتجددة والسلالة المتحورة من الجائحة؛ مما يتطلب الحذر والجدية في تطبيق الاحترازات، خاصة التباعد الجسدي، وعدم التجمعات، ولبس الكمامات، والحرص على غسل اليدين وتعقيمهما، وأن تكون المصافحة في القلوب.

وأشاد بالوعي المجتمعي في تحقيق الإجراءات، معرجاً على الأشخاص غير الملتزمين بالإجراءات الوقائية قائلاً: “إن في الناس متهاونين غير مبالين، يجرون لأنفسهم ولمجتمعهم أسباب العدوى وانتشار الوباء، ولهذا فإن الحزم مع هؤلاء هو الأجدى، ولولي الأمر سَنُّ التعزيرات والأنظمة الصارمة في الأخذ على أيدي هؤلاء وردعهم حتى لا يجروا الضرر لأنفسهم وغيرهم، ويُؤثِّروا على مُقَدَّراتِ ومُكْتَسبات أوطانهم ومجتمعاتهم.

ودعا الجميع إلى السعي للحصول على اللقاحات في حينها، والمشاركة في التطبيقات والمنصات المخصصة لذلك، وقال: “ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله” رواه البخاري، وقال عليه الصلاة والسلام: “تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام” رواه أحمد وأبو داود، محذراً من التشكيك والتشغيب على الجهات المعنية ونشر الشائعات المغرضة، والافتراءات الكاذبة، عن هذه اللقاحات المأمونة وغيرها، متعجباً ممن يُسْلِمُونَ عقولهم ويسلسلون أفكارهم لكل شائعة ويصدقون كل ذائعة دون تثبت وروية، حيث أضحت تلك الحملات المغرضة المجندة والممنهجة والمؤدلجة حرباً سافرة غير خافية على كل ذي لُبّ، ضد ديننا ووطننا وقياداتنا، مما يتطلب الوقوف صفًّا واحدًا.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply