العالم الافتراضي ووهم السعادة!!

العالم الافتراضي ووهم السعادة!!

[ad_1]

تغلغلت التقنية الحديثة في حياتنا إلى درجة لا يمكن تجاهلها، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات التقنية في جوالاتنا جزءًا لا يتجزأ من نمط معيشتنا اليومي، ويُخيَّل للبعض أنهم لا يمكنهم أبدًا الاستغناء عن هذه الجوالات أو العيش دونها يومًا واحدًا!!

وهناك ارتباط وثيق بين استخدامنا للتقنية وشعورنا بالسعادة!! فتفيد بعض الدراسات بأن استخدام الناس أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية يعطيهم في البداية إحساسًا بالحرية، والسيطرة على حياتهم، مع أخذ عوامل أخرى عدة في الاعتبار؛ كونها من محددات السعادة. وقد رصدت هذه الدراسات أن الأفراد الذين يستخدمون تقنية المعلومات يكونون في البداية أكثر رضا بنمط الحياة التي يحيونها، ولاسيما أن الوصول السريع إلى تقنية المعلومات يوفر فوائد عدة لمستخدميها؛ وهذا يدعم مشاعر الرضا والسعادة لدى البعض، من خلال زيادة إحساسهم بالحرية والسيطرة على حياتهم، لكن لا يلبث ذلك الأمر أن يصبح شيئًا معتادًا لدى هؤلاء؛ فيفقد مع الوقت قيمته كجالب للسعادة، بل قد يتحول إلى سبب من أسباب الشعور بالاكتئاب؛ لأن استغراق الإنسان في عالمه الافتراضي يبعده عن التعامل الحقيقي مع أهله وأصدقائه الحقيقيين في الحياة.

وقد أكدت هذه الدراسات أن التقنية ربما تساهم في تخفيف مشاعر الضغط النفسي الذي نتعرض له طوال اليوم، كما أن السعادة قد تتأتى للبعض من مجرد مشاركتهم الآخرين لحظات معينة من حياتهم، سواء بالصور أو بالمقاطع، أو حتى ببعض العبارات التي توثق تلك اللحظات.. لكن ماذا عن المحتوى الذي يتشاركه مستخدمو الإنترنت؟ كيف يتم إنتاج هذا المحتوى؟ وما الرسائل الضمنية التي يضعها البعض في محتواهم؟ وما أثر المحتوى الذي يتم مشاركته وتداوله عبر الإنترنت في مشاعر الآخرين؟ وكيف تؤثر المحتويات المختلفة على أفكار الأشخاص وقناعاتهم وتصوراتهم وسلوكياتهم؟ وكيف تؤثر في بناء لحظاتهم السعيدة ومشاركتها مع أهلهم وأصدقائهم؟!

لقد سمحت وسائل التقنية الحديثة بمشاركة مشاعرنا مع الآخرين بشكل يومي من خلال مواقف انتقائية، نصنعها نحن وهم بعناية فائقة، ونضعها على الإنترنت. ونحن نجيد رسم الابتسامة على وجوهنا في المواقف التي تدعو لذلك، كما نجيد التعبير عن الحزن إن اقتضى المقام ذلك في حالات العزاء وغيرها، لكن تبقى هذه كلها مجرد حياة افتراضية مصنوعة، أو بالأحرى مصطنعة، وضحكاتنا المتكلفة ومشاعرنا المصطنعة لا تعكس بالضرورة أو تعبّر بالفعل عن حالة من السعادة الحقيقية، وكذلك وضع الوجوه والتعابير الحزينة لا تدل حقيقة عن مرورنا بمشاعر حزينة في الواقع؛ فكلها مشاعر متكلفة ومصطنعة!!

وبعض الناس يتماهى مع مشاعر الفرح والسرور والسعادة اللحظية الناجمة عن فعالياته عبر الإنترنت. وقد نرى شخصًا يبتسم حين يحصل على عدد كبير من الإعجابات أو التعليقات المادحة له، أو لمادة وضعها في موقع ما. وفي المقابل قد يحزن أحدهم إن لم يحصد ما كان يريد من إعجابات. ولعل تلك اللحظة في العالم الافتراضي تتحكم في مزاجنا بشكل غريب؛ فمجرد علامة إعجاب في هذا العالم المتخيل والمفترض كفيلة بتوليد مشاعر الرضا والسعادة والإحساس بالإنجاز، لكنه مجرد إنجاز وهمي في عالم افتراضي!!

أمر محير فعلاً أن نضع مشاعرنا وأحاسيسنا على محك تفاعل الآخرين مع ما نكتبه أو نضعه على حساباتنا الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي. ويزداد الأمر حيرة إذا علمنا أن تلك التفاعلات عبر الإنترنت التي تؤثر في حياة الكثيرين ما هي إلا تفاعلات نظرية في عالم افتراضي غير حقيقي.

لقد دخلت البشرية عصر المشاعر الرقمية. ولا شك أن بعض التقنيات الذكية والخدمات الرقمية ستؤثر بشكل ما في حياة البشر المستقبلية.

العالم الافتراضي ووهم السعادة!!


سبق

تغلغلت التقنية الحديثة في حياتنا إلى درجة لا يمكن تجاهلها، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات التقنية في جوالاتنا جزءًا لا يتجزأ من نمط معيشتنا اليومي، ويُخيَّل للبعض أنهم لا يمكنهم أبدًا الاستغناء عن هذه الجوالات أو العيش دونها يومًا واحدًا!!

وهناك ارتباط وثيق بين استخدامنا للتقنية وشعورنا بالسعادة!! فتفيد بعض الدراسات بأن استخدام الناس أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية يعطيهم في البداية إحساسًا بالحرية، والسيطرة على حياتهم، مع أخذ عوامل أخرى عدة في الاعتبار؛ كونها من محددات السعادة. وقد رصدت هذه الدراسات أن الأفراد الذين يستخدمون تقنية المعلومات يكونون في البداية أكثر رضا بنمط الحياة التي يحيونها، ولاسيما أن الوصول السريع إلى تقنية المعلومات يوفر فوائد عدة لمستخدميها؛ وهذا يدعم مشاعر الرضا والسعادة لدى البعض، من خلال زيادة إحساسهم بالحرية والسيطرة على حياتهم، لكن لا يلبث ذلك الأمر أن يصبح شيئًا معتادًا لدى هؤلاء؛ فيفقد مع الوقت قيمته كجالب للسعادة، بل قد يتحول إلى سبب من أسباب الشعور بالاكتئاب؛ لأن استغراق الإنسان في عالمه الافتراضي يبعده عن التعامل الحقيقي مع أهله وأصدقائه الحقيقيين في الحياة.

وقد أكدت هذه الدراسات أن التقنية ربما تساهم في تخفيف مشاعر الضغط النفسي الذي نتعرض له طوال اليوم، كما أن السعادة قد تتأتى للبعض من مجرد مشاركتهم الآخرين لحظات معينة من حياتهم، سواء بالصور أو بالمقاطع، أو حتى ببعض العبارات التي توثق تلك اللحظات.. لكن ماذا عن المحتوى الذي يتشاركه مستخدمو الإنترنت؟ كيف يتم إنتاج هذا المحتوى؟ وما الرسائل الضمنية التي يضعها البعض في محتواهم؟ وما أثر المحتوى الذي يتم مشاركته وتداوله عبر الإنترنت في مشاعر الآخرين؟ وكيف تؤثر المحتويات المختلفة على أفكار الأشخاص وقناعاتهم وتصوراتهم وسلوكياتهم؟ وكيف تؤثر في بناء لحظاتهم السعيدة ومشاركتها مع أهلهم وأصدقائهم؟!

لقد سمحت وسائل التقنية الحديثة بمشاركة مشاعرنا مع الآخرين بشكل يومي من خلال مواقف انتقائية، نصنعها نحن وهم بعناية فائقة، ونضعها على الإنترنت. ونحن نجيد رسم الابتسامة على وجوهنا في المواقف التي تدعو لذلك، كما نجيد التعبير عن الحزن إن اقتضى المقام ذلك في حالات العزاء وغيرها، لكن تبقى هذه كلها مجرد حياة افتراضية مصنوعة، أو بالأحرى مصطنعة، وضحكاتنا المتكلفة ومشاعرنا المصطنعة لا تعكس بالضرورة أو تعبّر بالفعل عن حالة من السعادة الحقيقية، وكذلك وضع الوجوه والتعابير الحزينة لا تدل حقيقة عن مرورنا بمشاعر حزينة في الواقع؛ فكلها مشاعر متكلفة ومصطنعة!!

وبعض الناس يتماهى مع مشاعر الفرح والسرور والسعادة اللحظية الناجمة عن فعالياته عبر الإنترنت. وقد نرى شخصًا يبتسم حين يحصل على عدد كبير من الإعجابات أو التعليقات المادحة له، أو لمادة وضعها في موقع ما. وفي المقابل قد يحزن أحدهم إن لم يحصد ما كان يريد من إعجابات. ولعل تلك اللحظة في العالم الافتراضي تتحكم في مزاجنا بشكل غريب؛ فمجرد علامة إعجاب في هذا العالم المتخيل والمفترض كفيلة بتوليد مشاعر الرضا والسعادة والإحساس بالإنجاز، لكنه مجرد إنجاز وهمي في عالم افتراضي!!

أمر محير فعلاً أن نضع مشاعرنا وأحاسيسنا على محك تفاعل الآخرين مع ما نكتبه أو نضعه على حساباتنا الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي. ويزداد الأمر حيرة إذا علمنا أن تلك التفاعلات عبر الإنترنت التي تؤثر في حياة الكثيرين ما هي إلا تفاعلات نظرية في عالم افتراضي غير حقيقي.

لقد دخلت البشرية عصر المشاعر الرقمية. ولا شك أن بعض التقنيات الذكية والخدمات الرقمية ستؤثر بشكل ما في حياة البشر المستقبلية.

09 فبراير 2021 – 27 جمادى الآخر 1442

08:18 PM


العالم الافتراضي ووهم السعادة!!

غسان محمد عسيلانالرياض

تغلغلت التقنية الحديثة في حياتنا إلى درجة لا يمكن تجاهلها، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات التقنية في جوالاتنا جزءًا لا يتجزأ من نمط معيشتنا اليومي، ويُخيَّل للبعض أنهم لا يمكنهم أبدًا الاستغناء عن هذه الجوالات أو العيش دونها يومًا واحدًا!!

وهناك ارتباط وثيق بين استخدامنا للتقنية وشعورنا بالسعادة!! فتفيد بعض الدراسات بأن استخدام الناس أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية يعطيهم في البداية إحساسًا بالحرية، والسيطرة على حياتهم، مع أخذ عوامل أخرى عدة في الاعتبار؛ كونها من محددات السعادة. وقد رصدت هذه الدراسات أن الأفراد الذين يستخدمون تقنية المعلومات يكونون في البداية أكثر رضا بنمط الحياة التي يحيونها، ولاسيما أن الوصول السريع إلى تقنية المعلومات يوفر فوائد عدة لمستخدميها؛ وهذا يدعم مشاعر الرضا والسعادة لدى البعض، من خلال زيادة إحساسهم بالحرية والسيطرة على حياتهم، لكن لا يلبث ذلك الأمر أن يصبح شيئًا معتادًا لدى هؤلاء؛ فيفقد مع الوقت قيمته كجالب للسعادة، بل قد يتحول إلى سبب من أسباب الشعور بالاكتئاب؛ لأن استغراق الإنسان في عالمه الافتراضي يبعده عن التعامل الحقيقي مع أهله وأصدقائه الحقيقيين في الحياة.

وقد أكدت هذه الدراسات أن التقنية ربما تساهم في تخفيف مشاعر الضغط النفسي الذي نتعرض له طوال اليوم، كما أن السعادة قد تتأتى للبعض من مجرد مشاركتهم الآخرين لحظات معينة من حياتهم، سواء بالصور أو بالمقاطع، أو حتى ببعض العبارات التي توثق تلك اللحظات.. لكن ماذا عن المحتوى الذي يتشاركه مستخدمو الإنترنت؟ كيف يتم إنتاج هذا المحتوى؟ وما الرسائل الضمنية التي يضعها البعض في محتواهم؟ وما أثر المحتوى الذي يتم مشاركته وتداوله عبر الإنترنت في مشاعر الآخرين؟ وكيف تؤثر المحتويات المختلفة على أفكار الأشخاص وقناعاتهم وتصوراتهم وسلوكياتهم؟ وكيف تؤثر في بناء لحظاتهم السعيدة ومشاركتها مع أهلهم وأصدقائهم؟!

لقد سمحت وسائل التقنية الحديثة بمشاركة مشاعرنا مع الآخرين بشكل يومي من خلال مواقف انتقائية، نصنعها نحن وهم بعناية فائقة، ونضعها على الإنترنت. ونحن نجيد رسم الابتسامة على وجوهنا في المواقف التي تدعو لذلك، كما نجيد التعبير عن الحزن إن اقتضى المقام ذلك في حالات العزاء وغيرها، لكن تبقى هذه كلها مجرد حياة افتراضية مصنوعة، أو بالأحرى مصطنعة، وضحكاتنا المتكلفة ومشاعرنا المصطنعة لا تعكس بالضرورة أو تعبّر بالفعل عن حالة من السعادة الحقيقية، وكذلك وضع الوجوه والتعابير الحزينة لا تدل حقيقة عن مرورنا بمشاعر حزينة في الواقع؛ فكلها مشاعر متكلفة ومصطنعة!!

وبعض الناس يتماهى مع مشاعر الفرح والسرور والسعادة اللحظية الناجمة عن فعالياته عبر الإنترنت. وقد نرى شخصًا يبتسم حين يحصل على عدد كبير من الإعجابات أو التعليقات المادحة له، أو لمادة وضعها في موقع ما. وفي المقابل قد يحزن أحدهم إن لم يحصد ما كان يريد من إعجابات. ولعل تلك اللحظة في العالم الافتراضي تتحكم في مزاجنا بشكل غريب؛ فمجرد علامة إعجاب في هذا العالم المتخيل والمفترض كفيلة بتوليد مشاعر الرضا والسعادة والإحساس بالإنجاز، لكنه مجرد إنجاز وهمي في عالم افتراضي!!

أمر محير فعلاً أن نضع مشاعرنا وأحاسيسنا على محك تفاعل الآخرين مع ما نكتبه أو نضعه على حساباتنا الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي. ويزداد الأمر حيرة إذا علمنا أن تلك التفاعلات عبر الإنترنت التي تؤثر في حياة الكثيرين ما هي إلا تفاعلات نظرية في عالم افتراضي غير حقيقي.

لقد دخلت البشرية عصر المشاعر الرقمية. ولا شك أن بعض التقنيات الذكية والخدمات الرقمية ستؤثر بشكل ما في حياة البشر المستقبلية.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply