[ad_1]
هناك آراء متباينة بين أوساط المراقبين أن جون بايدن المرشح الديمقراطي لن يولي الشرق الأوسط الاهتمام الذي كان يحظى به من قِبل إدارة ترمب في حالة فوزه في الانتخابات الأمريكية؛ بسبب تراجع أهمية النفط، وموقف بايدن المؤيد للحد من التغيير المناخي، والتوجه الى مصادر طاقة نظيفة، وبسبب التحديات الأخرى التي يرى بايدن أنها تمثل مصدر تهديد مباشر لمصالح ومكانة وموقع الولايات المتحدة على الصعيد العالمي. بينما يرى مراقبون آخرون أن بايدن مضطر لعدم ترك منطقة الشرق الأوسط كونها جزءا أساسيا من التأثير والنفوذ الأمريكي، ولا يمكن رهن المنطقة للنفوذ الروسي الذي يسيطر حاليا على الملعب السوري.. وبالنسبة للكثير من صناع القرار الأمريكيين يرون أن الشرق الأوسط منطقة يسودها العنف المستمر والمشكلات التي تبدو مستعصية على الحل، مما قد يجعل قرار الانسحاب من المنطقة خيارًا جذابًا. في هذا العصر المتجدد من المنافسة بين القوى العظمى.
لقد اقتربت ساعة الصفر في الانتخابات الأمريكية التي لا ينتظر نتيجتها فقط الأمريكيون، بل العالم أجمع، لأسباب ليست خافية على أحد؛ فهناك حسابات لكل دولة مع المرشح الجديد الذي سيحظى بمقعد الرئيس؛ ويطرح المراقبون التساؤلات أيضا حول إن كان الكرملين سيدعم صاحب شعار «إبقاء أمريكا عظيمة»؟ وهل تؤيد بكين جون بايدن؟ بينما تحلم طهران بفوز المرشح الديمقراطي. ولم تحتل إيران مكانة بارزة في الانتخابات الأمريكية مثل روسيا أو الصين، سواء من ناحية كسب النفوذ أو التأثير في السياسة، حيث انتهج الرئيس ترمب سياسة صارمة ضد إيران، فانسحب من الاتفاق النووي ونجح في خلاص العالم من الجنرال القوي قاسم سليماني. فيما يرى جون بايدن
أن هناك «طريقة ذكية للتعامل بقوة مع إيران»، وتعهد بصد «أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار» مع توفير «طريقة لفتح قناة للدبلوماسية».
ولم تشكل السياسة الخارجية الأمريكية عاملا مهما فى حملة الانتخابات الرئاسية التي تركزت على وباء كورونا، إلا أن ترمب وظف قراراته بنقل السفارة الأمريكية للقدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السورية المحتلة لكسب أصوات الإنجيليين، وكذلك اتفاقات التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، إضافة إلى موقفه المتشدد تجاه النظام الإيراني وممارسة سياسة أقصى الضغوط عليه بسبب دعمه للإرهاب وتطوير برنامجه النووي والصاروخي الباليستي.
ترقب.. تأهب
وتترقب منطقة الخليج والدول العربية أكثر من غيرها نتائج ما تنتهي إليه الانتخابات، نتيجة تأثيرالسياسة الخارجية الأمريكية على معادلات المنطقة التي تشهد تحولات جيو إستراتيجبة غير مسبوقة.
ويؤكد الخبراء أنه «سواء فاز الجمهوري ترامب بولاية ثانية أم الديمقراطي بايدن، فإن هناك ثمة ثوابت في السياسة الخارجية الأمريكية تتعلق أولاً بمفهوم الأمن القومي، وثانياً بالمصالح الاقتصادية، وكلاهما مفهومان قابلان للتأويل، وهذا ما يمنح الإدارات المختلفة هامشاً للتغيير أو الثبات على ما هو قائم». إلا أنهم يرون أنه من الصعوبة أن يتبنى بايدن نفس نهج الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في تقوية النظام الإيراني باتفاق يشوبه الكثير من الخلل والنقص، وتعزيز انكسار المنطقة بتمكين جماعة الإخوان من حكم دول محورية مثل تركيا..
لقد حقق الرئيس ترمب خلال فترة رئاسته الأولى التي تميزت باغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني وزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، استمرار انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، والاتفاق بين إسرائيل والإمارات والبحرين.
وأكبر تحد سيواجه الرئيس الأمريكي الجديد يتمثل في كبح طموحات إيران النووية وحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ودعم الحُلفاء في الخليج العربي ومصر والأردن، وفرض الاستقرار في ليبيا والعراق، ومحاولة إنهاء التحالف بين سوريا وروسيا وإيران.
ومن المتوقع أن تكون إيران محور السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية القادمة خصوصا أنه بعد توقيع إيران على الاتفاق النووي مع إدارة أوباما في سنة 2015، انسحب خلفه ترامب منها في مايو 2018، ولم يفرض عقوبات تجارية على إيران فحسب، بل هدد الدول التي وقّعت اتفاقيات مع طهران أيضا بالعقوبات.
أما بالنسبة لأفغانستان، فلقد أكد كل من ترمب وبايدن أنهما يريدان سحب القوات الأمريكية من مناطق الصراع، وعلى الرغم من أن لا أحد منهما يملك إستراتيجية محددة للقيام بذلك، إلا أنهما يختلفان في بعض النقاط لتنفيذ هذا الانسحاب؛ إذ أعلن ترمب منذ الحملة الانتخابية لسنة 2016 أنه يريد «إعادة الجنود الأمريكيين إلى أرض الوطن»، وبعد أن خفض باراك أوباما عدد القوات العسكرية وترك في أفغانستان 8400 جندي في عام 2015. خلال سنة واحدة من توليه مهامه، ارتفع عدد القوات في أفغانستان إلى حوالى 14 ألف جندي، أعاد منهم ترمب في سبتمبر 2019 حوالى 5 آلاف جندي إلى الولايات المتحدة مقررا إنهاء التواجد الأمريكي في أفغانستان في الربع الأول من ٢٠٢١.
القوة الحازمة.. أمام القوة الناعمة
.. كمحصلة نهائية؛ هناك ثوابت عامة تنطلق منها السياسة الخارجية الأمريكية، ولا تختلف باختلاف انتماءات الرئيس، سواء كان ينتمي إلى الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، لكن آليات وأدوات تنفيذ هذه السياسة هي التي تختلف، فالواضح أن الإدارة الجمهورية تميل إلى استخدام القوة الصلبة والعقوبات في مواجهة خصومها في المنطقة، بينما تميل الإدارات الأمريكية التي تنتمي إلى الحزب الديمقراطي إلى المزاوجة بين أدوات القوة الصلبة والقوة الذكية والقوة الناعمة في تنفيذ أهدافها في منطقة الشرق الأوسط، ولهذا فإنه في حال نجاح ترمب في السباق الانتخابي، فستستمر السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط كما هي بالأدوات نفسها، بينما قد تطرأ بعض التغيرات على هذه السياسة في حال نجاح بايدن الذي يسعى إلى استعادة زمام القيادة في منطقة الشرق الأوسط، والانخراط الفاعل في جهود تسوية الأزمات والصراعات الدائرة فيها.
وعليه.. يمكننا القول إن نتائج الانتخابات سوف تحدد خط سير الشرق الأوسط الجديد، فإما مزيد من سياسات ترمب الصارمة ضد إيران أو عودة لسياسات الديمقراطيين التي ترتكز على فكرة التعاون الدولي ونشر الديمقراطية.
[ad_2]
Source link