[ad_1]
كما اعتمدت اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين، وهي الاتفاقية الدولية التي تعد الأساس القانوني لمساعدة اللاجئين حول العالم. وتظل هذه المساعدة الأممية محدودة جدا، ويقع العبء الأكبر للاجئين على الدول المستضيفة لهم، والتي تحدد ما يمكن تقديمه لهم من معونة هامشية. ومنذ مطلع القرن الواحد والعشرين، كانت المنطقة العربية، وما زالت، مصدرا لأعداد كبيرة من اللاجئين الفارين من بلادهم، بسبب الصراعات والحروب الدامية التي تشهدها أغلب هذه البلاد. ونتطرق هنا للدور الممكن لمنظمة الأمم المتحدة للتعامل مع هذه المأساة الإنسانية والسياسية الكبرى.
****
وما زال محبو السلام في العالم يأملون أن تسعى كل الدول لتحقيق مصالحها المشروعة، مع مراعاة القيم الإنسانية والأخلاقية التي يثمنها الجنس البشري، وأن تحرص الدول الكبرى بخاصة على تحقيق ولو الحد الأدنى من العدالة الدولية، على الساحة السياسية الدولية، التي تتسيدها. فنتيجة للدور الكبير الذي تلعبه الدول العظمى عادة في العلاقات الدولية، فإن ما تفعله ينعكس على شتى أرجاء العالم، سواء بالإيجاب أو السلب. وهذه الدول هي المسؤول الرئيس عن التدهور السياسي العالمي، وتراجع دور «الأمم المتحدة»، بسبب رفض تطويرها من قبل هذه الدول. وكان يفترض أن تكون هذه المنظمة هي الحارس الأمين والنزيه لأمن وسلامة العالم. وكذلك الملاذ الرئيس للمسحوقين والمحتاجين من البشر. فالعالم في أمس الحاجة إلى «منظمة» تجمع شمله، وتعمل على حفظ السلم والأمن الدوليين، وتدعم التعاون الدولي، بما يخدم المصلحة الإنسانية.
ومنذ الخمسينات، ترتفع أصوات تنادي بضرورة إعادة النظر في ميثاق هيئة الأمم المتحدة، ووظائفها، ومهامها…. إلخ. وقد انصبت مطالب «إصلاح» هذه المنظمة على معظم بنود ميثاقها، وما يتعلق بصلاحيات مجلس الأمن الدولي، وبخاصة العضوية، والتصويت فيه. كما تضمنت ضرورة قيام الأمم المتحدة بدور فعال في منع الحروب والصراعات الأهلية، وإغاثة المحتاجين والمشردين، وتقديم المساعدات المناسبة في حالات الكوارث الإنسانية والسياسية. ودعت الأصوات الإصلاحية لضرورة نقل مقر المنظمة من نيويورك لمنطقة أخرى محايدة، وتعديل دور وسلوك هذه المنظمة، قبل فوات الأوان.
****
قلت ذلك بعد قراءتي لمقال بهذه الصحيفة للكاتب الرصين الأستاذ عبداللطيف الضويحي، بعنوان: الأمم المتحدة ودولة اللاجئين («عكاظ»: العدد 19950، 10/3/2020، ص 9). وأكرره، تعقيبا على مقاله الثاني في هذا الموضوع، بعنوان: جزيرة اللاجئين («عكاظ»: العدد19700، 1/9/2020، ص 11). قال الأستاذ الضويحي، بعد أن تطرق لمشكلة اللاجئين، وما تثيره من هول وصدمات: «مشكلة اللاجئين في المقام الأول، هي أزمة وطن… لذا، أرى أن على الأمم المتحدة ومنظماتها إيجاد وطن مؤقت لكل لاجئ مشرد… على الأمم المتحدة أن تمتلك مجموعة من الجزر غير المأهولة، حسب القانون الدولي. وأن تقيم عليها دولة، وتضع لها دستورا وقوانين، وتهيئها بالمباني والبنية التحتية الضرورية، من خلال جمع الأموال اللازمة لهذه الدولة… وأن تكون هذه الدولة وطنا ومقرا دائما لكل منظمات الأمم المتحدة… وفي نفس الوقت وطنا مؤقتا لكل لاجئي العالم، الذين تضيق بهم السبل… وذلك لحين عودتهم لبلدانهم….» أ. هـ.
****
ذكرت بأن هذا اقتراح وجيه، وأصيل، ومبدع، ويطرح -على حد علمي- لأول مرة، ويحسب للأستاذ الضويحي. فشخصيا، لم يسبق لي أن سمعت به، أو قرأت عنه، رغم دراستي ومتابعتي لنشاط الأمم المتحدة على مدار العقود الأربعة الماضية. وإنني أؤيد فكرة تخصيص إحدى المناطق غير المأهولة للأمم المتحدة، سواء عبر الشراء أو المنح من مستعمريها، لاستقبال وإقامة اللاجئين من مختلف المناطق المنكوبة في العالم. وهناك 37 منطقة وجزيرة من الجزر الكبيرة غير المأهولة، التي يمكن اختيار إحداها لهذا الغرض، بالتفاهم مع الدولة المالكة لها شرعا.
ولكن هذه البلد (المنطقة/الجزيرة) لا يجب -في رأيي- أن تكون «دولة»… بل منطقة تابعة للأمم المتحدة، مخصصة لإيواء اللاجئين ومساعدتهم مؤقتا، حتى يعودوا إلى بلادهم الأصلية. أما إن اعتبرت دولة، فإن الغرض من إقامتها سينتفي، في المدى الطويل، لمطالبة سكانها (المتوقعة) بالاستقلال والسيادة. ونكون كمن أضفنا دولة جديدة لدول العالم المائتين القائمة حاليا.
وبعد اختيار هذه المنطقة، حبذا لو ينقل إليها أيضا مقر منظمة الأمم المتحدة، وكل ما يمكن انتقاله من أجهزة ومنظمات متفرعة. ويتم تأسيس البنية التحتية اللازمة لعمل المنظمة، وإيواء اللاجئين وفق اتفاقية دولية جديدة، يتم إبرامها، خدمة للبشرية ككل. كما تمتلك المنظمة أسطولا صغيرا من السفن والطائرات والمركبات، لنقل وإغاثة المحتاجين، وممارسة أعمالها عبر العالم. ولا بد أن تكون هذه المنطقة مشاعة ومنزوعة السلاح. وحبذا، لو يتلازم مع تبني هذه الفكرة المبتكرة إجراء التعديلات الضرورية في ميثاق المنظمة.
ويدعو الأستاذ الضويحي الضمير العالمي، راجيا ومحذرا: «إن أعداد اللاجئين تتزايد، بسبب الظروف السلبية المختلفة. وعلى العالم أن يستعد لمواجهة هذه الظاهرة، ويقطع الطريق على تجار البشر، وصناع الإرهاب، وتجار البحار والمبتزين».
إن اهتمام العالم المنهجي بمساعدة اللاجئين، إضافة لإنقاذه أرواح آلاف البشر، يمكن أن يحول دون تحول بعضهم -كما حصل مؤخرا- إلى مرتزقة حروب، وعناصر إرهاب متجدد. وذاك لعمري يصب في صالح السلم والأمن الدوليين.
كاتب سعودي
sfadil50@hotmail.com
[ad_2]
Source link