“خلي الحضانة لأبوها”..!

“خلي الحضانة لأبوها”..!

[ad_1]

طفت على السطح مؤخرًا مطالبة غريبة، تتمثل بسؤال هذه الأم: كيف يمكنني التخلي عن حق حضانة ابنتي ذات الأعوام الأربعة لأبيها (طليقي)؟ إنني لم أعد قادرة على مصاريفها قياسًا بالراتب الزهيد الذي أتقاضاه، الذي يذهب ثلاثة أرباعه قبل منتصف الشهر، ما بين أجرة الشغالة ومواد غذائية؛ ليتبقى هاجسي الأكبر في كيفية الوفاء بالإيجار، وفواتير الجوال، والكهرباء، التي أثقلت كاهلي. لقد نجحتُ في استصدار حكم نهائي بالنفقة السابقة والمستقبلية، لكن قرار التنفيذ توقَّف عند مرحلة (أمر القبض) الذي تم تعليقه بسبب جائحة كورونا!!

هذه المطالبة العكسية للحضانة ربما تشكل مع الوقت، ومع الظروف القاهرة، ظاهرة غير صحية، تنقلب فيها كل المعايير الإنسانية السوية؛ فأي عقل يمكنه أن يتصور هذه الرغبة الملحة من أم تنوي إقامة دعوى لإجبار طليقها على حضانة طفلتها، (حشاشة جوفها)؟!!

الأكثر إيلامًا بموضة المطالبة العكسية للحضانة ذلك المبرر الذي لا تفتأ بعض الأمهات عن أبدائه، وهو: أغلب الموظفات المطلقات التي أعرفهن أعدن أطفالهن لآبائهم؛ ليربوهم، ويعتنوا برعايتهم، فيما يهتممن هن بالوظيفة، وقضاء أجمل الأوقات مع صديقاتهن. كل من عرفت منهن بمعاناتها أسدت إليها النصيحة الآتية: أنت طيبة بزيادة، “ليه متعبة نفسك، تربي وتشقي وتصرفي علشانها. شوفي حياتك و(خلي الحضانة لأبوها)”!!

يبدو أن نبع حنان الأم قد جف هذه الأيام لدى بعض الأمهات؛ لهذا تعكف بعضهن على منح الحضانة للأب (طليقها)، والاكتفاء بطلب الزيارة بإجازة نهاية الأسبوع. ولن أقول إنها ستطفئ بهذه الزيارة الخاطفة الشوق تجاه طفلتها؛ فقد أصبح ذلك من الماضي، لكنها على الأقل ستؤدي ولو جزءًا بسيطًا من واجب الأمومة؛ “حتى لا يشره” عليها الأقارب، وحتى تظل ترثي ضميرها الميت: كيف أنها ضحت بحضانة صغيرتها لأجل مستقبلها!!

وحتى أكون منصفًا، فإن الأم الحاضنة تظل مسؤولة عن طفلها أو طفلتها وهي بحضانتها، وأي تهاون عن مسؤولياتها يعرِّضها لعقوبة السجن والغرامة المحددة بنظام حماية الطفل، أو نظام الحماية من الإيذاء. لكننا في المقابل نجد أن من أهم شروط الحضانة هي (القدرة)، سواء القدرة البدنية أو المادية. ومتى تخلف هذا الشرط يصبح من الصعوبة بمكان الوفاء بالحضانة على أكمل وجه؛ وهو ما يتطلب البحث عن حلول ناجعة وسريعة.

وكما هو الحال في كثير من القضايا الاجتماعية، الحل موجود بناء على أنظمة معتمدة، كل ما تحتاج إليه هو التطبيق فقط؛ إذ أوجب نظام العمل على كل صاحب عمل يشغل خمسين عاملة فأكثر أن يهيئ مكانًا مناسبًا، فيه العدد الكافي من المربيات لرعاية أطفالهن الذين تقل أعمارهم عن 6 سنوات. أما إذا بلغن مئة عاملة فأكثر في مدينة واحدة فعليه أن ينشئ دارًا للحضانة بنفسه، أو بالمشاركة مع شركات أخرى.

لم يكن من السهل عليَّ سماع شكوى هذه الأم وهي تطلب المشورة مني، وأنا الذي طُبعت بذاكرتي على مدى عشرين عامًا صورة تلك الأم “الأخرى”، عندما ذهبت كمحامٍ مع أحد الآباء إلى الحقوق المدنية في ذلك الوقت بحي النزلة جنوب جدة.

كل ما أتمناه ختامًا ألا يتم إنكار وقفة وشهامة الأب بقبوله حضانة الطفل مراعاة لحالة طليقته. وبمجرد أن تنجلي الظروف القاهرة، وتصبح موضة المطالبة العكسية للحضانة قديمة، تعود الأم لتذرف دموع الشوق لصغيرها، وتتفنن برفع دعوى الحضانة، ودعاوى النفقة المختلفة!!

أحمد عجب

“خلي الحضانة لأبوها”..!


سبق

طفت على السطح مؤخرًا مطالبة غريبة، تتمثل بسؤال هذه الأم: كيف يمكنني التخلي عن حق حضانة ابنتي ذات الأعوام الأربعة لأبيها (طليقي)؟ إنني لم أعد قادرة على مصاريفها قياسًا بالراتب الزهيد الذي أتقاضاه، الذي يذهب ثلاثة أرباعه قبل منتصف الشهر، ما بين أجرة الشغالة ومواد غذائية؛ ليتبقى هاجسي الأكبر في كيفية الوفاء بالإيجار، وفواتير الجوال، والكهرباء، التي أثقلت كاهلي. لقد نجحتُ في استصدار حكم نهائي بالنفقة السابقة والمستقبلية، لكن قرار التنفيذ توقَّف عند مرحلة (أمر القبض) الذي تم تعليقه بسبب جائحة كورونا!!

هذه المطالبة العكسية للحضانة ربما تشكل مع الوقت، ومع الظروف القاهرة، ظاهرة غير صحية، تنقلب فيها كل المعايير الإنسانية السوية؛ فأي عقل يمكنه أن يتصور هذه الرغبة الملحة من أم تنوي إقامة دعوى لإجبار طليقها على حضانة طفلتها، (حشاشة جوفها)؟!!

الأكثر إيلامًا بموضة المطالبة العكسية للحضانة ذلك المبرر الذي لا تفتأ بعض الأمهات عن أبدائه، وهو: أغلب الموظفات المطلقات التي أعرفهن أعدن أطفالهن لآبائهم؛ ليربوهم، ويعتنوا برعايتهم، فيما يهتممن هن بالوظيفة، وقضاء أجمل الأوقات مع صديقاتهن. كل من عرفت منهن بمعاناتها أسدت إليها النصيحة الآتية: أنت طيبة بزيادة، “ليه متعبة نفسك، تربي وتشقي وتصرفي علشانها. شوفي حياتك و(خلي الحضانة لأبوها)”!!

يبدو أن نبع حنان الأم قد جف هذه الأيام لدى بعض الأمهات؛ لهذا تعكف بعضهن على منح الحضانة للأب (طليقها)، والاكتفاء بطلب الزيارة بإجازة نهاية الأسبوع. ولن أقول إنها ستطفئ بهذه الزيارة الخاطفة الشوق تجاه طفلتها؛ فقد أصبح ذلك من الماضي، لكنها على الأقل ستؤدي ولو جزءًا بسيطًا من واجب الأمومة؛ “حتى لا يشره” عليها الأقارب، وحتى تظل ترثي ضميرها الميت: كيف أنها ضحت بحضانة صغيرتها لأجل مستقبلها!!

وحتى أكون منصفًا، فإن الأم الحاضنة تظل مسؤولة عن طفلها أو طفلتها وهي بحضانتها، وأي تهاون عن مسؤولياتها يعرِّضها لعقوبة السجن والغرامة المحددة بنظام حماية الطفل، أو نظام الحماية من الإيذاء. لكننا في المقابل نجد أن من أهم شروط الحضانة هي (القدرة)، سواء القدرة البدنية أو المادية. ومتى تخلف هذا الشرط يصبح من الصعوبة بمكان الوفاء بالحضانة على أكمل وجه؛ وهو ما يتطلب البحث عن حلول ناجعة وسريعة.

وكما هو الحال في كثير من القضايا الاجتماعية، الحل موجود بناء على أنظمة معتمدة، كل ما تحتاج إليه هو التطبيق فقط؛ إذ أوجب نظام العمل على كل صاحب عمل يشغل خمسين عاملة فأكثر أن يهيئ مكانًا مناسبًا، فيه العدد الكافي من المربيات لرعاية أطفالهن الذين تقل أعمارهم عن 6 سنوات. أما إذا بلغن مئة عاملة فأكثر في مدينة واحدة فعليه أن ينشئ دارًا للحضانة بنفسه، أو بالمشاركة مع شركات أخرى.

لم يكن من السهل عليَّ سماع شكوى هذه الأم وهي تطلب المشورة مني، وأنا الذي طُبعت بذاكرتي على مدى عشرين عامًا صورة تلك الأم “الأخرى”، عندما ذهبت كمحامٍ مع أحد الآباء إلى الحقوق المدنية في ذلك الوقت بحي النزلة جنوب جدة.

كل ما أتمناه ختامًا ألا يتم إنكار وقفة وشهامة الأب بقبوله حضانة الطفل مراعاة لحالة طليقته. وبمجرد أن تنجلي الظروف القاهرة، وتصبح موضة المطالبة العكسية للحضانة قديمة، تعود الأم لتذرف دموع الشوق لصغيرها، وتتفنن برفع دعوى الحضانة، ودعاوى النفقة المختلفة!!

09 يناير 2021 – 25 جمادى الأول 1442

11:58 PM


“خلي الحضانة لأبوها”..!

أحمد عجبالرياض

طفت على السطح مؤخرًا مطالبة غريبة، تتمثل بسؤال هذه الأم: كيف يمكنني التخلي عن حق حضانة ابنتي ذات الأعوام الأربعة لأبيها (طليقي)؟ إنني لم أعد قادرة على مصاريفها قياسًا بالراتب الزهيد الذي أتقاضاه، الذي يذهب ثلاثة أرباعه قبل منتصف الشهر، ما بين أجرة الشغالة ومواد غذائية؛ ليتبقى هاجسي الأكبر في كيفية الوفاء بالإيجار، وفواتير الجوال، والكهرباء، التي أثقلت كاهلي. لقد نجحتُ في استصدار حكم نهائي بالنفقة السابقة والمستقبلية، لكن قرار التنفيذ توقَّف عند مرحلة (أمر القبض) الذي تم تعليقه بسبب جائحة كورونا!!

هذه المطالبة العكسية للحضانة ربما تشكل مع الوقت، ومع الظروف القاهرة، ظاهرة غير صحية، تنقلب فيها كل المعايير الإنسانية السوية؛ فأي عقل يمكنه أن يتصور هذه الرغبة الملحة من أم تنوي إقامة دعوى لإجبار طليقها على حضانة طفلتها، (حشاشة جوفها)؟!!

الأكثر إيلامًا بموضة المطالبة العكسية للحضانة ذلك المبرر الذي لا تفتأ بعض الأمهات عن أبدائه، وهو: أغلب الموظفات المطلقات التي أعرفهن أعدن أطفالهن لآبائهم؛ ليربوهم، ويعتنوا برعايتهم، فيما يهتممن هن بالوظيفة، وقضاء أجمل الأوقات مع صديقاتهن. كل من عرفت منهن بمعاناتها أسدت إليها النصيحة الآتية: أنت طيبة بزيادة، “ليه متعبة نفسك، تربي وتشقي وتصرفي علشانها. شوفي حياتك و(خلي الحضانة لأبوها)”!!

يبدو أن نبع حنان الأم قد جف هذه الأيام لدى بعض الأمهات؛ لهذا تعكف بعضهن على منح الحضانة للأب (طليقها)، والاكتفاء بطلب الزيارة بإجازة نهاية الأسبوع. ولن أقول إنها ستطفئ بهذه الزيارة الخاطفة الشوق تجاه طفلتها؛ فقد أصبح ذلك من الماضي، لكنها على الأقل ستؤدي ولو جزءًا بسيطًا من واجب الأمومة؛ “حتى لا يشره” عليها الأقارب، وحتى تظل ترثي ضميرها الميت: كيف أنها ضحت بحضانة صغيرتها لأجل مستقبلها!!

وحتى أكون منصفًا، فإن الأم الحاضنة تظل مسؤولة عن طفلها أو طفلتها وهي بحضانتها، وأي تهاون عن مسؤولياتها يعرِّضها لعقوبة السجن والغرامة المحددة بنظام حماية الطفل، أو نظام الحماية من الإيذاء. لكننا في المقابل نجد أن من أهم شروط الحضانة هي (القدرة)، سواء القدرة البدنية أو المادية. ومتى تخلف هذا الشرط يصبح من الصعوبة بمكان الوفاء بالحضانة على أكمل وجه؛ وهو ما يتطلب البحث عن حلول ناجعة وسريعة.

وكما هو الحال في كثير من القضايا الاجتماعية، الحل موجود بناء على أنظمة معتمدة، كل ما تحتاج إليه هو التطبيق فقط؛ إذ أوجب نظام العمل على كل صاحب عمل يشغل خمسين عاملة فأكثر أن يهيئ مكانًا مناسبًا، فيه العدد الكافي من المربيات لرعاية أطفالهن الذين تقل أعمارهم عن 6 سنوات. أما إذا بلغن مئة عاملة فأكثر في مدينة واحدة فعليه أن ينشئ دارًا للحضانة بنفسه، أو بالمشاركة مع شركات أخرى.

لم يكن من السهل عليَّ سماع شكوى هذه الأم وهي تطلب المشورة مني، وأنا الذي طُبعت بذاكرتي على مدى عشرين عامًا صورة تلك الأم “الأخرى”، عندما ذهبت كمحامٍ مع أحد الآباء إلى الحقوق المدنية في ذلك الوقت بحي النزلة جنوب جدة.

كل ما أتمناه ختامًا ألا يتم إنكار وقفة وشهامة الأب بقبوله حضانة الطفل مراعاة لحالة طليقته. وبمجرد أن تنجلي الظروف القاهرة، وتصبح موضة المطالبة العكسية للحضانة قديمة، تعود الأم لتذرف دموع الشوق لصغيرها، وتتفنن برفع دعوى الحضانة، ودعاوى النفقة المختلفة!!



[ad_2]

Source link

Leave a Reply