[ad_1]
يجمع هذا البحث بين الأسطورة والتاريخ وبين الواقع وعالم الغيب، وهو دراسة إبستيمولوجية لمفهوم ظهر في الفكر الإنساني منذ أول يوم علم فيه أنه إنسان فانٍ ولا حظ له في الخلود الأبدي. وقد أبدعت المخيلة السومرية الفذة في ابتكار مفاهيم وتصورات خاصة عن عالم الفردوس، وسار على نهجهم البابليون لكن بفكر متطور نوعاً ما. فكانت دلمون هي أرض الميعاد الأبدي والفردوس المفقود الذي طالما تغنى به سكان الشرق القديم. وتبنى المصريون القدماء تصوراتهم الخاصة عن الجنة، واعتقدوا أن الممجدين يصعدون إلى السماء ليستقروا في جزائر بين النجوم، حيث الفردوس الخالد والنعيم المثالي برفقة الآلهة. وقد كان هذا البحث فرصة لمناقشة مختلف القضايا اللاهوتية والفلسفية التي تتعلق بمفهوم الجنة في مدونات الشرق القديم، والكشف عن بعض مكامن الغموض الذي ترتبط بهذا المفهوم في بعده الأخروي.
أما الفلاسفة والمشّاءون فتعددت آراؤهم واتجاهاتهم، فمنهم من يرى أن«الجنة والنار والثواب والعقاب من قبيل اللذات والآلام العقلية، وذلك أن النفوس البشرية سواء جعلت أزلية كما هو رأي أفلاطون، أو لا، كما هو رأي أرسطو، فهي أبدية عندهم لا تفنى بخراب البدن بل تبقى ملتذة بكمالاتها مبتهجة بإدراكاتها، وتلك سعادتها وثوابها وجنانها على اختلاف المراتب وبتفاوت الأحوال، ومتألمة بفقد الكمالات وفساد الاعتقادات وكتلك شقاوتها وعقابها ونيرانها على ما لها من اختلاف التفاصيل، وإنما لم تتنبه لذلك في هذا العالم لاستغراقها في تدبير البدن وانغماسها في كدورات عالم الطبيعة، وبالجملة لما بها من العلائق والعوائق الزائلة بمفارقة البدن».
المسلم ملزم بالإيمان باليوم الآخر يوم الحساب كما يجب عليه الإيمان بالجنة والنار الجسمانيتين على نحو ما تكاثرت به الآيات المتضافرة والأخبار المتواترة، وإن كان البعض اختلف في الجسمانية حيث قالوا «إن الجنة والنار وسائر ما ورد به الشرع من التفاصيل ليست من قبيل الأجسام والجسمانيات ولا من عالم المجردات، بل هو عالم آخر متوسط بينهما كعالم الرؤيا في المنام، والصورة في المرآة، والثواب والعقاب كالرؤيا الحسنة والرؤيا القبيحة».
نحن كمسلمين نؤمّن بالجنة والنار، غير أن بعض الظلاميين وظّفوا الجنة لأغراض وأهداف دنيوية وضللوا الشباب وعملوا على إزهاق أرواحهم بالتفجير والحروب والقتل، مبررين ذلك أنه الطريق إلى الجنة. في حين أن أهم طريق إلى الجنة الإحسان والأخلاق «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَاذِلَّةٌ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ». قال تعالى «لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوابِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى».
[ad_2]
Source link