[ad_1]
استشعرت أن الوقت يجري وهي مديرة البيت والوادي سرّحت أمهم جهمة، ودقت ابنها بالكلام مع شروق الشمس (المرجلة ما هي كما عود البشام، كما طريق الشوك يا حافي القدم؛ انك ما بيّضت وجهك في مقام، تشمتت فيك الصقارة والرخم)، فحزم عمامته على رأسه، وربط كمره في وسطه، وتناول مسحاته وانكلت على واديه.
خففت حدة لهجتها، مع الأحفاد؛ وليّنت هرجتها؛ قوموا نافداكم؛ ولكم عندي عيدية، سألها (المدهفل) وين نقوم وانحن صايمين في هذي القيلة اللي تبوّل الحمار دم؟ فقالت؛ اظهروا حلالكم؛ وشيلوا زنبيل الدمن وكبوه في الرباع الأعلى وسموا بالرحمن لاعديتم فوق المرمّد، وبشويش على باب السفل لا تتناصل مفاصله، ودرّجوا غنمكم حولنا وحوالينا؛ واصرموا لي حلفاء للبقرة، وافزعوا لأبوكم في الوادي، سرح يعفّي، قال الكبير؛ وهو يتمغّط؛ يوصّي الموصّي ويعيا الوارث، ولكي تقطع عليهم الحكي؛ خرجت تتوكأ على عصاتها وهي تردد (وش فايدة حن يجيك أعمى يقود أعمى).
سأل الصغير الكبير؛ ظنّك بتاهب لنا (كهلة خيبر) عيدية؟ قال؛ جدتي ما تتكذّب، فانتفرا وهما خارجين من الشقيق، طلبت منهم يقلبون الزنوبة على وجهها؛ وقالت بصوت خافت؛ اقلبوها لا يجيكم ضيف وأنتم مرزقكم كما (سَوْق صُبيح) قلبوها، والتفت الكبير نحو الجدة، وقال؛ ليش ياجدة ما تنشين الذبان عن سيقانك، فردّت عليه؛ وشعليك منها، هي في سيقانك وإلا في ساقي، ساقك بطنك يا الدبشة؛ انبسطوا من ردّها؛ وحفشوا ثيابهم، وافتكوا الحمارة من مربطها وطوّلوا لها في صكاكها، واستاقوا الغنم، وتحضّن الصغير البقرة، وقال للكبير؛ ليتني حسيل أرضع وانسدح!! فسأله الكبير؛ وإذا تشركوك الجماعة؟ قال؛ بامغصهم في بطونهم، فتعالت ضحكاتهم.
انشغلت الجدة بالهروج مع نفسها؛ عهدي بها دفأ؛ إلا وهي (كلما هكبت هبّت) سألتها زوجة ابنها الطالعة من الدرجة بحزمة قشاش، وحوكة مليانة خِلفة؛ شنهي يا عمة؟ فقالت؛ هذي الرياح مدري شاميّة مدري يمانية (كلما هكبت هبّتْ) هبهب الله عليها وعلى غار تخرج منه! كررت عليها السؤال؛ فسوّت نفسها ما سمعتها؛ قامت ولقتها ظهرها، ودخلت فراشها؛ ولحيها يرتقف، غطت وجهها بالكسا، وقالت وش درّاني عنها افلحي انشديها.
طميا عن عيون القرية، فقال الكبير نسينا المحشّ، وطلب من الصغير يعوّد يأخذه، فقال؛ عوّد إنت، إلا إنت؛ فالتقط مروّة محدّبة ورجمه بها، إلا وهو يصيح ويتزوّى؛ بغى يشرد ويخلّيه، إلا وهذي (شيهانة) سارحة؛ فصاحت؛ الله يعطب ايدك يا ثور البدو، كيف تحدحد على اخوك بفهرة؛ حدحدوا بك منيه لا تهامة، انحنت على الصغير وساعدته يقوم، ومدت له بحبات قسبة، فابتلعها بعجمها، وسألها؛ ما عليّه إثم؟ فقالت؛ اثمك في رقبتي، فرمقها بنظرة مودّة وتخيّل إنه كبير وتزوّجها؛ وساروا في الطريق متلازمين بالأيدي، فتخنطل في عبعبة وخبط على وجهه، ففزع أخوه وسمى عليه؛ وقال؛ على نياتكم ترزقون، فلمح شيهانة تراقبه، فسوى نفسه ما يوجعه شيء، ونفض ثوبه من الغبار وكملوا.
الأخوان يصرمون الحلفاء، ويرددون أهزوجة (بارك فالبقرة والجدة، ياللي كفانك ممتدة، يا مفرّج عنا الشدّة؛ والبنت اللي تتحرى الصدّة، قلطوها من رأس الحدّة) علّقت شيهانة؛ قلطوكم في خِشلة؛ فتضاحكوا ونصف جسديهما في الغدير، وهي تلفّ وتحزّم، فقال المدهفل؛ إن شاء الله ما يأخذك إلا آنا! ردّت عليه؛ لو إنك طمرة ما مشّيت بك خشمي، فافنفجر الصغير ضاحكاً ومردداً؛ ليته أشكل ذُقها؛ تكفيك سنة؛ والعزباء تتبسّم تبسم خجل، ما ودها يكون جرحت مشاعره.
تركهما وصعد لأعلى الغدير، وطمّ في الماء وشرب شُرب الهيم، لمحته شيهانة فقالت؛ ليش يا كلب رمضان تفطر؟ فقال؛ ربي رحيم؛ صيام وشقى، وما حد بيدري عني، إلا إن كان بتفضحيني؟ فقالت؛ يابى الله عليّه، وقال؛ تحسبيني ما شفتك يوم أعطيتيه القسبة؛ فسكتت وحملوا الحلفاء، ومروا على أبيهم؛ فقال غلّقت العفّاي؛ شيلوا معكم النجمة، وقصيل البقرة، وروحوا الحمارة، واسبقوني على البيت.
بدأ الصغير يهدد الكبير؛ تعطيني النبّالة ولا أعلّم؟ فقال؛ أسكت يا لُغلغي لا تُفرط السبحة، فرطوا سنونك إللي كما المعباش؛ قالت الجدّة (كلما هكبت هبّت) فأعطاه النبّالة وخرج، ومغطها ولا صفق الحجر إلا في ذراع الفقيه، ويطن بالصايح، كسر ذراعي، ولد (معلاق الطِّفي) قطبوه؛ خرع الولد ودخل السفل، ورقد فوق العلف.
اجتمعوا بعد الفطور في بيت العريفة، وقال صدق اللي قال (كلما هكبت هبّت)؛ ومسح على لحية الفقيه وقال أبشر خاتمتك عندي، والصغار ما حد يشره عليهم، ما يعرف الصغير إلا لحذفة وإلا قذفة، وانحن قِبليّة عيد، فقال الشاعر؛ فقيهكم كما الجمل يكرع من إذنه؛ وايده ما عُطبت ما غير وده يتدلل عليها؛ فقال الفقيه؛ عطبوا ايدك يا ولد (فضخة الجنّ) ولازموا بحلوق بعض وما دون الحلق إلا اليدين؛ وغصبان فرعوا بينهم، ونسيوا المشكلة الاولة، ودخلوا في أشكل منها.
رمى العريفة عمامته عند أقدامهم؛ فالتقطها المؤذّن، وردّها فوق رأسه، وقال صاح الله عليكم يا قليلين الشيمة، فقال العريفة؛ خلّهم يا مذّن؛ ساق الرفيق أحرش، تصالحوا، وسروا من عنده، ولزم العريفة الفقيه، فقال؛ أقعد، فقعد؛ ومدّ بخريطة تنباك وعكّة سمن، قال تخفّس وعفّر ودهّن لحيتك، وبكرة تصلّي بنا في المسقّى أربّ الله يرحمنا؛ ويجينا بغرة نثبي الخريف، فقال؛ الفقيه والله ما استسقي بكم؛ والشاعر معنا، فأقنع العريفة الشاعر؛ يرتاح وما يصلي معهم، والشاعر ميّس بها، رقد، صلّوا الاستسقاء، وما نزل من سحاب ربي نقطة واحدة؛ وفي آخر عصريّة من رمضان اعتزى الشاعر بصغار الأولاد والبنات؛ وطاف بهم مساريب القرية وبدع لهم (يا الله في غيث يشوق الخاطر، والفقيه انثر خريطته) والورعان يرددون وراه بصوت صداه يهزّ الجبال؛ والنسوان يتفرجن من فوق الجُنح والدكاك؛ وبين غمضة عين وفتحها، انقلبت السما، ودق الراعد، وقال ربي؛ سمّوا بالرحمن، وثلاثة أيام ما خرج منهم الخارج، وانتقلت الفقاهة عند الشاعر، والفقيه بارت بضاعته وفسدت طواعته؛ فشدّ من القرية، بعدما قالوا عنه؛ عاق والدين ودعوته ما هي مستجابة.
[ad_2]
Source link