[ad_1]
عن لندن يقول: هي الأولى والأخيرة. ارتطامي الأول بالحضارة، والعشق، والصحافة. لندن مدينة تسحرك، وتلقيك في غياهبها دون أن تشعر، وتكتشف أنك لا تستطيع أن تحيا بدونها. كل ما أتذكر لندن، تهطل علي صورة عمنا الكبير أبا محسّد: «ذكرت بها وصلاً كأن لم أفز بها – وعيشاً كأني كنت أقطعها وثبا».
أخباري السعيدة في الشتاء
• لو كنت أبا الطيب المتنبي، ماذا تريد من زمنك أن يبلّغك ؟
•• أريد الوصول إلى معنى وجودنا. إن معنى الحياة صعب. تمر بك سنوات من الخواء تفتش فيها عن الذات والمكان والسبب والنتيجة. تغمرك الأسئلة، وتغرق في الإجابات، لكن الحياة فعل سعي ومحاول اكتشاف، وهذا جمالها وقبحها في آن. ما أريده هو حالة من السعادة الأبدية، والسلام المكين، وقرية من الفوانيس والليل والأشجار.
• هل تتذكر ساعة قدومك للدنيا، وهل ولدت ضاحكاً ؟
•• لقد قيل لي إنها كانت ليلة شاتية وكان بكائي الأول ولم يكن الأخير. حياتنا أنهار من الحزن والدموع، لذلك أعتبر الشتاء بالنسبة لي هو سيد الفصول، أشعر فيه بأنني شجرة كبيرة، ولعلها مصادفة أن كل أخباري السعيدة لا تأتي إلا في الشتاء.
• من كانت قابلتك، ومن الذي اختار لك اسمك ؟
•• سمعت أنها كانت ممرضة مصرية في مستشفى الشميسي ولعل الاسم اختار الاسم.
• ما رأيك بمن يقول «خليليّ إن الاسم يُشقي ويُسعدُ» ؟
•• الاسم عنوانك الكبير، وقد يتلبسك الاسم، وتصبحان كياناً واحداً. وهناك أسماء خانت أصحابها، لقد رأيت «سعيد» غير «سعيد».
• هل احتفلت أسرتك بقدومك، ما نوع الاحتفال وما سببه ؟
•• بالتأكيد، فقد كنت الطلقة الأولى في معركة الحياة. كان الولد، وكان الأول، وكان الشتاء السعيد، وكانت الولائم والاحتفالات العائلية.
الكرة ساحرتي الكبيرة
• كيف كان أوّل يوم صيام في حياتك، وهل كان موسم صيف ؟
•• لا أتذكره، لكن رمضان طفولتي كان سعيداً، فقد كان العيد عيداً، قبل أن تكبر أحزاننا، ويتدانى علينا الخريف بقطوفه.
• ما موقف والدتك ووالدك من صومك المبكر، وهل أذنا لك أو أحدهما بقطع الصيام بحكم الإرهاق ؟
•• دعم وإرشاد.
• أي فرق أو ميزة كنت تشعر أنك تمايز بها أقرانك؟
•• من الصعوبة التحديد، فلها علاقة بأطوار العمر. مبكراً كانت كرة القدم ساحرتي الكبيرة، وكنت ساحر الفريق. كنت لاعباً مميزاً كما يقول أقراني. لقد أحببت كرة القدم حتى قرأت الشعر، ثم غادرت العالم الذي أعرفه، ويعرفه كثيرون مثلي إلى مكان بديع، بين البصر والبصيرة، وأتذكر قول الساحر الكبير المتنبي «ذو العقل يشقى في النعيم بعقله».
• من تتذكر من زملاء الطفولة ؟
•• كثير من الأقرباء والأصدقاء، لكنني قضيت أواخر طفولتي، وبقية حياتي، مع الكتب والكتابة. لقد كانت «أجاثا كريستي» أهم صديق لطفولتي، وظلت معي سنوات، حتى أخذت بيدي إلى عالم القراءة والكتب، ومنها إلى رحلة صعبة، جميلة، ومضنية تسمى: الكتابة.
• كيف كنت تقضي يومك الرمضاني ؟
•• نهار قرآن، وليل أصدقاء وتجوال، كان السهر مشروعاً، وفي طفولتي كان هذا امتيازاً لا نتحصل عليه إلا في رمضان.
• ما المواقف العالقة بالذهن من الطفولة ؟
•• كثيرة كثيرة. أصياف الإجازات وصباحات القرية. التين الممزوج بالمطر، والصيد غير الجائر. الدفء الذي تستشعره في كل الكلمات التي تستمع إليها. الطمأنينة إلى الغد، والتشوّق – الذي نكرهه الآن – لكي نكبر سريعاً.
• ما برنامجك الرمضاني من الفجر إلى السحور ؟
•• قرآن وقراءة ولقاءات مع الأحبة والأصدقاء.
• أي الطبخات أو الأكلات أو الأطباق تحرص على أن تكون على مائدتك الرمضانية ؟
•• عاشق للقيمات بشكل كبير، هي التذكار الرمضاني المهم بالنسبة لي.
• هل تتابع برامج إذاعية أو تلفزيونية، وما هي ؟
•• أتابع الكثير من البرامج، وخصوصاً وثائقيات بي بي سي، ونشرات الأخبار العالمية لا تفوتني بشكل يومي، كما أنني لا أنسى أن «طاش ما طاش» هو التوقيت الأميز بالنسبة لي في رمضان، وكنا نأمل أن يستمر لولا اختلاف رفاق العمر. أتابع أحياناً مقاطع مشتركة للسدحان والقصبي ونتذكر ضحكات الأصدقاء، وكيف يتغير الناس.
عاشق للأزرق
• لماذا يتناقص عدد الأصدقاء كلما تقدم بنا العمر ؟
•• لأننا نكتشف أكثر.. تمر بنا العواصف والأعاصير، وتكثر الاختبارات، ويتعثر كثيرون، ولا تجد إلا بضعة أصدقاء متناثرين هنا وهناك، بين أكثر من مئات كنت تعرفهم، وتراهم، وتتسامر معهم. تتساءل ماذا حدث؟ يجيبك عمنا الكبير أبا محسّد: «ما الخيل إلا كالصديق قليلة / وإن كثرت في عين من لا يجرب».
• ما هي حكمتك الأثيرة وبيت الشعر، واللون الذي تعشق ؟
•• أحب الأزرق كلما زادت قتامته، ولا علاقة لذلك بمحبتي لنادي الهلال السعودي وتشيلسي الإنجليزي. بل هو سحر صمته، وغموضه، كقصيدة استعصت حتى على شاعرها. وحكمتي هي ما تعلمته من الاقتصادي الكبير آدم سميث، وقد درسته على طاولة الجامعة، ومختصرها عن الاقتصاد، لكنها تصلح للبشر «دعه يعمل … دعه يمر». وهكذا أتجاهل الكثير، وأتغاضى عن الكثير.
أما الشعر، وإن كان المتنبي هو المبتدأ والخبر، إلا أنني أحب قصيدة روبرت فروست، والتي كان يحبها نهرو وكينيدي: «الغابة جميلة، ومظلمة، وعميقة،
لكنْ لدي وعودٌ عليّ أن أفي بها،
وأميالٌ أقطعها قبل أن أنام،
وأميالاً أقطعها قبل أن أنام».
هل رأيت جمالاً كهذا يا صديقي؟ في بضعة سطور رأيت حياتي، وحيوات كثيرين: غابة، ووعود، وطرق، وأميال… ونوم أخير طويل طويل طويل.
لندن حبيبتي
• لماذا السياسة ثقيلة دم ؟
•• لأنها مأساة البشرية.
• أي مدينة (حبيبتك) ولماذا ؟
•• لندن هي الأولى والأخيرة. ارتطامي الأول بالحضارة، والعشق، والصحافة. لندن مدينة تسحرك، وتلقيك في غياهبها دون أن تشعر، وتكتشف أنك لا تستطيع أن تحيا بدونها. كل ما أتذكر لندن، تهطل علي صورة عمنا الكبير أبا محسّد: «ذكرت بها وصلاً كأن لم أفز بها – وعيشاً كأني كنت أقطعها وثبا». هي مدينة السحر والشعر والغرائب، بها مجموعة مجانين، ومجموعة عباقرة. وعظمتها أنها تحتوي الجميع، وتستوعبهم. لقد استوعبت لندن أعداءها، مثل ماركس، ومضى هو، وبقيت هي.
• شخصية تودّ محاورتها ؟
•• خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، عن تاريخ أبيه وأجداده ومملكته التي رآها صحراء ومجموعة من البيوت الطينية، وتحولت إلى عاصمة قرار عالمي، وكذلك ولي العهد، حفظه الله، الذي يقود بلاده لأن تكون صانعة مستقبل الشرق الأوسط وأوروبا الجديدة.
السبعينات عصر الدهشة
• هل تتحول الغربة لوطن مستعار ؟
•• الغربة غربة لا يمكن أن تكون وطناً. رغم الترحال المستمر الذي قضيته منذ أن كنت في الـ19 من العمر، إلا أن شتاء الرياض يساوي العالم كله بالنسبة لي. شخصياً تدهمني رائحة الغربة في كل فندق أدلف إليه. يسمونه «عطر فندق مميز»، وأسميه «عطر غربة حزين». تذكرت الشاعر البذيء مظفر النواب في عذوبة نادرة: «وآهٍ من العمر / بين الفنادق/لا يستريح – أعنّي إلهي/ فإني بدهري … جريح».
• لمن تقول شكراً ؟
•• لقيادة ووطن، لشعب وقراء، لكل من أعطاني حبه ووقته وكلماته المشجعة والجميلة، لكل من علمني، وتحملني.
• ممن تعتذر في رمضان ؟
•• لكل من لم أجرؤ أن أقول لهم أحبكم.
• ماذا أخذ منك الإعلام وماذا أعطاك ؟
•• أخذ مني الوقت، والاستقرار، وأعطاني محبة الناس، وتقديرهم.
• هل لك ميول رياضية، وما فريقك المفضل ؟
•• لست متابعاً للرياضة بشكل كبير، لكنني هلالي من الداخل، واليوم الهلال أصبح نادياً عالمياً كبيراً بدعم كبير من جميع محبيه، وفريقه المميز، وأيضاً جهود الأمير الوليد بن طلال القوة الأسطورية الداعمة للفريق دون حدود.
• أي زمن أو عصر تتمنى لو أنك عشت فيه ؟
•• ربما عصر السبعينات، فقد كان بداية الدهشة. نحن الآن في عصر لم يعد يدهشنا شيء.. سعداء بدون سعادة.
[ad_2]
Source link