غرف الطوارئ الشبابية في السودان: بصيص أمل في خضم الحرب والمعاناة

غرف الطوارئ الشبابية في السودان: بصيص أمل في خضم الحرب والمعاناة

[ad_1]

وفي خضم استمرار الحرب وتفاقم التحديات، برزت إلى السطح مبادرات شبابية عديدة تهدف إلى تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين في المناطق المتأثرة بالنزاع وخاصة الخرطوم، فضلا عن المساعدة في إجلاء الناس من خطوط النار.

“غرف الطوارئ” هي واحدة من هذه المبادرات. أنشأ هذه الغرف شباب متطوعون بهدف تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين الذين يواجهون خطر الموت والجوع والمرض وصعوبة الحصول على مياه الشرب والكهرباء وخدمة الاتصال.

أخبار الأمم المتحدة التقت ثلاثة من أعضاء غرف الطوارئ، خلال وجودهم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك لحضور اجتماعات مع المسؤولين الأمميين والجهات الفاعلة في المجال الإنساني.

“العمل الإنساني يجمعنا”

حنين أحمد ناشطة سودانية شابة حاصلة على درجة الماجستير في النوع الاجتماعي، وهي متخصصة في السلام والنزاعات. بعد اندلاع الحرب، أسست حنين غرفة طوارئ منطقة أم درمان القديمة مع إحدى زميلاتها. تقول حنين إن مجيئهم إلى الأمم المتحدة في نيويورك يهدف إلى تسليط الضوء على قضية السودان التي قالت إنها لا تحظى بالاهتمام الكافي على الرغم من تدهور الوضع على الأرض بشكل كارثي.

وتشرح لأخبار الأمم المتحدة أن غرف الطوارئ هذه تكونت في أعقاب خروج المنظمات الدولية العاملة في السودان، وعجز مؤسسات الدولة عن تقديم الخدمات للمواطنين الأمر الذي خلق فراغا كبيرا وحال دون مساعدة الفئات الضعيفة، مشيرة إلى أن هذه الغرف ساهمت في سد جزء من هذا الفراغ.

وأوضحت حنين أحمد أن غرف الطوارئ تحظى بمشاركة مجتمعية مكثفة من قبل الشباب بمختلف توجهاتهم وألوانهم السياسية. ومضت قائلة: “يجمعنا العمل الإنساني وحس الاستجابة لتداعيات الحرب ومساعدة الناس ولا نزال نعمل في هذا المجال”.

محمد العبيد مسؤول لجنة التقارير في غرفة طوارئ ولاية الخرطوم يقول: “بدأنا في استخدام الشبكات الشبابية الكبيرة التي تم بناؤها في أعقاب ثورة ديسمبر، وتلكم الشبكات التي تكونت بهدف الاستجابة لجائحة كـوفيد-19. كان تركيز هذه الشبكات محددا، ولكن جرى توسيعها بعد الحرب للتعامل مع سياق الحرب. تضم هذه الغرف طيفا مختلفا من الشباب من لجان المقاومة ومن منظمات المجتمع المدني وأصحاب المهن الحرفية مثل الأطباء والمهندسين في مجالات المياه والكهرباء. حاولنا إيجاد هيكلة بسيطة وعملية لتنفيذ المهام بعيدا عن البيروقراطية”.

متطوعة في غرف الطوارئ تعد طعاما.

متطوعة في غرف الطوارئ تعد طعاما.

“حكومة محلية إسعافية”

منسق غرف طوارئ دارفور، أبو ذر عثمان يقول إن غرف الطوارئ الشبابية هذه تعد بمثابة “حكومة محلية إسعافية” تسعى لتقديم خدمات إنسانية مستمرة يُديرها السودانيون والسودانيات “من أجل بناء مجتمع تضامني يحافظ على نسيجنا الاجتماعي وكرامتنا ويغطي حاجاتنا”.

وتحدث عن المعاناة الهائلة التي يمر بها الناس في دارفور بسبب الصراعات المسلحة منذ 2003 مرورا بالحرب الحالية، مشيرا إلى أن هذه الصراعات حدثت فيها انتهاكات بحق المدنيين “ارتقت لوصفها بجرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي، ما خلّف واقعا إنسانيا واقتصاديا واجتماعيا بالغ التعقيد”.

وأفاد أبو ذر عثمان بإنشاء أربع غرف طوارئ في أربع من ولايات دارفور، مشيرا إلى أن إنشاء هذه الغرف يعد خطوة حاسمة نحو توفير الدعم الضروري والاستجابة السريعة لحاجات المواطنين، “وذلك في وقت تتسع فيه رقعة الحرب وتتشابك التحديات من انتشار السلاح والتعقيدات الإثنية إلى فشل الموسم الزراعي وأزمات قطاع الرعي، بالإضافة إلى انقطاع شبكات الاتصالات وانعدام الخدمات الصحية”.

ودعا أبو ذر عثمان إلى سن تشريعات تضمن حماية المتطوعين والمتطوعات في غرف الطوارئ من الانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل أطراف الحرب باعتبارهم موظفي شؤون إنسانية، والتشديد على الطرفين بحماية الأفراد والمنظمات التي تعمل هناك عبر أشكال الضغط المختلفة. 

كما ناشد زيادة التمويل المُخصّص لغرف الطوارئ، مع إزالة القيود وتسهيل الإجراءات حتى يصل التمويل بسرعة وبشكل كاف يغطي الحاجات المتواصلة لأهل دارفور.

قصص نجاح متعددة

شباب متطوعون في أحد المستشفيات في العاصمة الخرطوم.

تقول حنين أحمد إن غرف الطوارئ حققت نجاحات كثيرة. وتضيف: “نحن فخورون بذلك. من خلال شبكاتنا الشبابية وعلاقاتنا الشخصية، تمكنا من فتح ممرات آمنة لإجلاء المواطنين من الأحياء التي تتعرض للهجمات وإيصالهم إلى مراكز الإيواء. كذلك نتعامل مع ضحايا العنف الجنسي وتم فتح ممرات آمنة لحملات الإغاثة، ولكننا نواجه عمليات السرقة ويتعرض الشباب للتفتيش والاعتقالات وهم يعملون في ظروف صعبة للغاية”.

يقول محمد العبيد إن هناك نوعين من الإجلاء وهما الإجلاء الجماعي والإجلاء الفردي. تحدث عمليات الإجلاء الجماعية في المناطق المحاصرة. وأشار إلى أن غرف الطوارئ تمكنت حتى الآن من إجلاء نحو 12 ألف شخص، من بينهم أكثر من 800 تم إجلاؤهم من منطقة الفتيحاب في أم درمان خلال شهر كانون الأول/ديسمبر.

وتقول حنين أحمد: “لدينا دراية بالممرات الآمنة ونعلم الجهات التي تسيطر عليها لأننا موجودون على الأرض وبالتالي نستخدم هذه الممرات لإجلاء الناس من مكان لآخر”.

ويضيف محمد العبيد قائلا: “تمكنا حتى الآن من توفير الغذاء وخدمات الكهرباء والمياه والحماية إلى ما يقرب من 4 ملايين شخص في دارفور والخرطوم. لأن خدمات الكهرباء لم تعد مستقرة منذ بداية الحرب والآليات بحاجة إلى الصيانة وغرف الطوارئ تقوم بعمليات الصيانة”.

وطالب محمد العبيد من المجتمع الدولي الاعتراف بغرف الطوارئ بوصفها جهة فاعلة في المجال الإنساني وتقديم الدعم لها.

عوائق وتحديات

تعمل غرف الطوارئ الشبابية في خضم صعوبات لوجستية في الأمن والحركة وانقطاع شبكة الاتصالات. وعن ذلك يقول محمد العبيد: “حرصنا منذ البداية على التأكيد أن المجتمع هو مصدر حمايتنا الوحيد لأن مشكلتنا الحقيقية تمثلت في الحماية. على سبيل المثال، هناك صعوبة بالغة كي يتطوع شاب ما في المستشفى لمعالجة الناس ثم يعود ليلا عبر منطقة صراع إلى المنزل. تعرض العديد من زملائنا إلى الاغتيال من قبل طرفي الصراع بينما لا يزال العديد منهم رهن الاعتقال”.

وتضيف حنين أحمد أن عدم وجود وسيلة اتصالات فعالة تعقد من عملية الوصول إلى المتطوعين على الأرض. هناك أيضا صعوبات في جمع الأموال لأن الاحتياجات كبيرة وهناك تضخم كبير في العملة بسبب انهيار الاقتصاد ولذلك فنحن بحاجة حقيقية إلى جمع المزيد من الأموال لمساعدة الناس المحتاجين في مراكز الإيواء وأولئك الذين تتم استضافتهم بواسطة أهاليهم. 

ومن التحديات الأخرى، حسبما تقول حنين، مسألة رفع قدرات المتطوعين نسبة لسرعة تغير ديناميات الوضع على الأرض “ونحن نحاول التكيف مع كل التحديات الموجودة وإيجاد حلول مبتكرة لها، ولكن ما زلنا بحاجة إلى التطوير وبحاجة إلى نظام قوي يتماشى مع كل هذه التحديات”. 

وتضيف حنين قائلة: “ليس باستطاعتنا في غرف الطوارئ أن نغطي كافة الاحتياجات في مناطق الصراع. لذلك نطلب من المجتمع الدولي ومن المنظمات الدولية المهتمة أن تسلط الضوء على القضية السودانية وأن يضغطوا لإسكات صوت البنادق وحماية المدنيين وتوفير المزيد من الدعم لمساعدة المتأثرين من الحرب”.

 

 

وأدت موجة العنف وانعدام الأمن الحالية في السودان إلى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمرافق الحيوية، فضلا عن النزوح على نطاق واسع، حيث اضطر أكثر من 7.4 مليون شخص إلى مغادرة منازلهم بحثا عن الأمان داخل السودان وخارجه.

إلى جانب 3.8 مليون نازح داخليا بسبب الصراع السابق، يواجه السودان حاليا أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم وأكبر أزمة نزوح للأطفال، حيث تشرد أكثر من 3 ملايين طفل داخل البلاد وخارجها.

[ad_2]

Source link

Leave a Reply