[ad_1]
في حوار مع أخبار الأمم المتحدة، مع إحياء الذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، شدد تورك على أن المساءلة هي المفتاح والحلقة المفقودة في معظم حالات الصراع حول العالم، الأمر الذي يفاقم دائرة العنف والانتهاكات.
فيما يلي نص الحوار الذي بدأناه بسؤال مفوض حقوق الإنسان عن الوضع في غزة وإسرائيل.
فولكر تورك: ما يحدث في قطاع غزة والضفة الغربية وأيضا في إسرائيل هو مأساة تؤثر على الجميع. ما يحدث في غزة يفوق وصفه بأنه مدمر. أشعر بالغضب لأن العديد من زملائنا قُتلوا، نحو 135 من الأونروا وزميلة من منظمة الصحة العالمية. أشعر بالغضب لأن نظامنا الإنساني لا يحظى بالاحترام الذي يجب أن يُكفل له، ولأننا غير قادرين على عمل ما نفعله عادة في ظروف الحرب، ولانتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني يوميا بشكل هائل.
من المهم للغاية أن تكون المساءلة جزء من أي تدابير مستقبلية لأن المظالم ستستمر إذا تفشى الإفلات من العقاب ولم يتم الكشف عن الحقائق. آمل أن يساعد العمل الذي نقوم به على جانب حقوق الإنسان، وأيضا ما تفعله المحكمة الجنائية الدولية والآليات المختلفة، في التغلب على بعض الأمور المتعلقة بالمساءلة التي نواجهها في هذا الوضع.
أخبار الأمم المتحدة: ما الخطوات المقبلة من وجهة نظرك، وما تعليقك على من يشيرون إلى حدوث إبادة جماعية في غزة؟
فولكر تورك: سنواصل التوثيق والإبلاغ ورصد الوضع. أشعر بقلق بالغ بشأن خطر وقوع جرائم فظيعة. وأشعر بالقلق البالغ بشأن الوضع في الضفة الغربية، وخاصة ما شهدناه من مقتل أكثر من 271 فلسطينيا، منهم 69 طفلا. أشعر بالقلق عما يعنيه ذلك للمستقبل.
أشعر بالصدمة بشكل كبير جدا إزاء اللغة التي تجرد الآخرين من الإنسانية، من قبل حماس وأيضا من الجيش والقادة السياسيين في إسرائيل. بعضهم أدلى بتعليقات مرفوضة تماما وتثير قلقنا بشكل كبير.
أخبار الأمم المتحدة: فلنتحول إلى أوكرانيا، لقد استنكرت الانتهاكات الصادمة المنهجية لحقوق الإنسان من قبل القوات الروسية، ولكن ذلك لم يسفر عن أثر عملي. كيف يبدو الوضع المتعلق بهذه الحرب الأخرى المروعة المستمرة ما يقرب من عامين؟
فولكر تورك: فور عودتي إلى جنيف الأسبوع المقبل، سأتحدث أمام مجلس حقوق الإنسان لاستعرض أمامه آخر المستجدات حول الوضع في أوكرانيا. وكما تعلمون، خلال فصل الشتاء، يصبح الوضع أسوأ لأن بعض المجتمعات، وخاصة القريبة من الخطوط الأمامية، لا تتمكن من الحصول على الكهرباء مرة أخرى.
تستمر عمليات القتل والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ولا سيما التعذيب، الذي يحدث كلما تمكنت القوات الروسية من احتلال الأراضي. ونعم، يتعين ضمان المساءلة. لدينا عدد من آليات المساءلة المشابهة لما نراه في الشرق الأوسط، وآمل أن تخدم تلك الآليات العدالة بالفعل، من أجل صالح جميع الضحايا.
أخبار الأمم المتحدة: هل المفتاح دائما هو المساءلة؟
فولكر تورك: المفتاح هو المساءلة لأنها كانت الحلقة المفقودة في معظم حالات الصراع حول العالم. وإذا لم تعالج المساءلة، فسوف ينتهي الأمر مرة أخرى إلى الحرب والصراع.
أخبار الأمم المتحدة: هل ترى أن هناك أملا في ضمان اتباع الإجراءات القانونية الواجبة في حرب مثل أوكرانيا؟
فولكر تورك: السؤال الأول هو متى يمكن القيام بذلك. لكننا رأينا في العديد من المواقف الأخرى، إذا نظرنا إلى البوسنة والحروب في يوغوسلافيا السابقة، وأيضا رواندا وغيرها من الحالات، فسنجد في الواقع أن هناك أشخاصا تم القبض عليهم. وحتى اليوم، لا تزال لدينا ولايات قضائية وطنية وولايات قضائية عالمية مختصة. وبمجرد أن يرتكب شخص ما هذا النوع من الجرائم، لا يمكن أبدا أن يتأكد من أنه في مأمن من إلقاء القبض عليه.
أنا أؤمن بآلية المساءلة هذه التي لم تكن موجودة قبل 75 عاما. لقد وجدت في أعقاب الحرب العالمية الثانية. هذا النظام الذي أنشئ مع محاكمات نورمبرغ ساعدنا كثيرا في بناء نظام للمساءلة. أعلم أنه ليس سريعا بما فيه الكفاية. أعلم أنه يجب أن يكون موجودا في كل مكان وبنفس القوة، لكنه بداية لشيء مهم للغاية.
أخبار الأمم المتحدة: هل من المتوقع أن يتم بناء هذه العملية مع مرور الوقت كوسيلة ردع؟
فولكر تورك: أعتقد أننا رأينا ذلك بمثابة رادع. ويتعين علينا أن نجعل ثمن عدم الامتثال أعلى بكثير. ولهذا السبب نحتاج إلى المساءلة التي تعد جزءا من الوقاية كذلك.
أخبار الأمم المتحدة: في الذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ماذا تقول لأولئك الذين فقدوا الثقة في حقوق الإنسان ويقولون إنها تنطبق على البعض فقط دون البعض الآخر؟
فولكر تورك: لقد ولدت الأمم المتحدة من رحم أحداث كارثية. حربان عالميتان، والمحرقة، والتهديد النووي، والنزوح الجماعي – كان في أوروبا وحدها 60 مليون نازح. ومن هنا جاء مـيثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
تم ذلك على خلفية فترة مروعة من تاريخ البشرية، لضمان عدم تكرار الفظائع. نحن لا نتحدث بما فيه الكفاية عن الإنجازات – لقد شهدنا إنجازات هائلة على صعيد حقوق الإنسان. إذا نظرنا إلى الأمر من منظور تاريخي.
وبطبيعة الحال، هناك أيضا إخفاقات، لكنها ليست في نظام حقوق الإنسان نفسه، بل هي إخفاقات في التنفيذ. وهذا يعيدنا إلى الدول الأعضاء والتزاماتها، ولكن أيضا على نحو متزايد الشركات والقطاع الخاص والجهات الفاعلة غير الحكومية، بشكل عام. وهذا ما نحتاج إلى التركيز عليه أيضا.
أخبار الأمم المتحدة: ما الذي يمكن عمله لتؤخذ حقوق الإنسان بشكل أكثر جدية؟ وهل يمكنك إعطاء بعض الأمثلة عن كيفية عملها أو أفضل الممارسات على أرض الواقع؟
فولكر تورك: لقد أتيت للتو من جنيف حيث عقدنا فعالية رفيعة المستوى لمدة يومين لإحياء الذكرى الـ 75 عاما للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وإنها لمعجزة صغيرة أنه على خلفية الاستقطاب والتوترات الجيوسياسية، كان لدينا أكثر من 155 دولة تقدم تعهدات ملموسة من شأنها أن تحدث تحولا.
على سبيل المثال، تعهدت خمس دول بأنها ستلغي عقوبة الإعدام. 54 دولة قدمت اقتراحات ملموسة للغاية حول كيفية تحسين المساواة الجنسانية وحماية المرأة. هناك حوالي 14 دولة ستقوم بإنشاء مؤسسات وطنية لحقوق الإنسان.
هناك دول ستتبنى تشريعات لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة. لدينا العديد من البلدان التي تتحدث عن بذل مزيد من الجهد في قضايا المساءلة والعدالة الانتقالية. هذا يمنحني الأمل. ومع كل الأخبار السلبية، فإننا نرى تقدما.
على مدى السنوات الثلاث الماضية، قامت 7 بلدان بإلغاء تجريم العلاقات الجنسية المثلية، على سبيل المثال. هناك دولتان للأسف اتجهتا إلى الطريق الآخر، ولكن هناك 7 دول ألغت هذا التجريم. هناك تقدم. يجب ألا نستسلم أبدا وعلينا أن نثابر في عملنا.
أخبار الأمم المتحدة: ذكرت المساواة الجنسانية وحقوق المرأة، نرى تراجعا على هذا الصعيد، من ممارسات حركة طالبان إلى التراجع في الحقوق الإنجابية في بعض ما يسمى بالدول المتقدمة. كيف تفسر تقليص حقوق المرأة حول العالم في الوقت الحالي؟
فولكر تورك: شهدنا تراجعا مثيرا للقلق للغاية فيما يتعلق بالنوع الاجتماعي والحقوق الجنسانية وحقوق المرأة بشكل عام. ولكن دعونا أيضا ألا ننسى من أين أتينا، ومن المهم أن نضع ذلك في الاعتبار. لكن ما يصدمني اليوم هو أن الأشياء التي كنت أعتقد أنها لم تعد تشكل قضية، مثل حقوق الصحة الجنسية والإنجابية، أو قضايا المساواة الأساسية – أصبحت الآن مسألة نقاش.
وآمل أن يكون هذا انحرافا فقط عن المسار وأن يختفي بسرعة. ولهذا السبب يتعين علينا أن نواصل الكفاح، لأننا لا نستطيع أبدا أن نعتبر أي شيء أمرا مسلما به، وهذا هو أحد الدروس المستفادة من حقوق الإنسان. أعتقد أن كل جيل يجب أن يعيد الالتزام بتلك الحقوق وأن يتصدى للمؤثرين ممن تكون لديهم مواقف كارهة للنساء، أو تمييزية قائمة على نوع الجنس، ومواقف ذكورية لا ينبغي أن يكون لها مكان في القرن الحادي والعشرين.
أخبار الأمم المتحدة: وهذا ينطبق على أنظمة الدولة بأكملها أيضا؟
فولكر تورك: على وجه الخصوص. إذا نظرنا إلى أفغانستان، حيث تضطهد سلطات الأمر الواقع النساء والفتيات بشكل منهجي بسبب هويتهن، هذا أمر لم يُسمع به إلى حد كبير في القرن الحادي والعشرين.
نحن بحاجة إلى إيجاد طرق ووسائل لوقف ذلك. ولكن الأمر لا يقتصر على أفغانستان، هناك أيضا قضايا خطيرة جدا في اليمن، في بابوا غينيا الجديدة، وإيران وأماكن أخرى يوجد بها تمييز منهجي ضد المرأة.
أخبار الأمم المتحدة: هناك عدد كبير من الانتخابات الوطنية المقررة العام المقبل، مع الاستقطاب والتراجع في مبادئ الديمقراطية والتسامح وزيادة حملات التضليل وقمع المظاهرات السلمية، ما الذي يفعله مكتبك لدعم الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة؟
فولكر تورك: إنه لأمر مقلق للغاية بالنسبة لنا أن نرى ذلك مع إجراء 70 عملية انتخابية، ينتخب خلالها 4 مليارات شخص قيادتهم الجديدة. وفي الوقت نفسه، تعمل منصات التواصل الاجتماعي في كثير من الأحيان على تضخيم المعلومات المضللة الضارة، وحتى التحريض على العنف والكراهية.
بالنسبة لنا، من المهم للغاية بالنسبة للأمم المتحدة بشكل عام وليس فقط لمكتبي، اكتشاف إشارات الإنذار المبكر بسرعة والعمل بناءً عليها ومواجهتها، ثم التواصل مع شركات التكنولوجيا التي تدير منصات وسائل التواصل الاجتماعي بحيث تقوم بالفعل بالإشراف على المحتوى، ومواجهة ذلك من خلال حملات حول التأثير الضار الذي يحدثه خطاب الكراهية، أو المعلومات المضللة، على العمليات الانتخابية.
أخبار الأمم المتحدة: ذكرت الكراهية وخطاب الكراهية. كيف يتجسد تأثير هذا الخطاب على أرض الواقع؟
فولكر تورك: الكراهية هي واحدة من تلك المشاعر السلبية للغاية، ولسوء الحظ، فهي تحظى بشعبية كبيرة. وفي بعض الأحيان تكون هناك مصالح تجارية تثير الكراهية. يجب أن نحد من ذلك، وأن نواجهه.
يتعين علينا أيضا أن نجد السبل والوسائل لإعادة الإنسانية إلى جوهرها وأصولها مرة أخرى. وأتمنى أن تحظى رسائل السلام والتعافي وتحويل الكراهية فعليا إلى أعمال إيجابية بالمزيد من الاهتمام، سواء في وسائل الإعلام أو في المناقشات أيضا. بالكاد نناقش السلام، أو نتحدث عن حقوق الإنسان كوسيلة تغيير نحو عالم أفضل. أتمنى أن يكون لدينا المزيد من هذا.
أخبار الأمم المتحدة: نقترب من نهاية عام 2023، الذي أحيت فيه الأمم المتحدة الذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كيف تقيم نتائج الفعاليات التي أجريت على مدار العام بهذا الشأن؟
فولكر تورك: لدينا تعهدات رائعة تجاه حقوق الإنسان. أشعر أحيانا أنه من الصعب الحديث عن هذا الأمر لأننا نمر بلحظة عصيبة وكئيبة من تاريخنا. ولكن هناك موجة كبيرة من الدعم لحقوق الإنسان. أرى ذلك بين الدول الأعضاء. أرى ذلك في القطاع الخاص، وقبل كل شيء، بين الشباب. بالنسبة للشباب، نعلم من خلال استطلاعات الرأي المختلفة أن قضايا تغير المناخ وحقوق الإنسان تأتي على رأس اهتماماتهم.
كانت لدينا مجموعة استشارية للشباب، ومئات آلاف الشباب الذين يشاركون في أحداث مختلفة في إطار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إنهم يعرفون معنى التحدث والتمتع بحقوق الإنسان. وهذا يعطيني الكثير من الأمل عندما أرى هذه القوة الإيجابية التي يمكن أن تساعدنا على إعادة حقوق الإنسان إلى جوهر كل ما نفعله.
[ad_2]
Source link