[ad_1]
وبينما شددت على أن مظالم الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تبرر الهجمات “الوحشية والشنيعة” التي تشنها حماس والجماعات المسلحة الفلسطينية الأخرى ضد المدنيين الإسرائيليين، أكدت أن سياق الأحداث الحالية مهم للغاية.
وأضافت أن الاحتلال الذي تمارسه إسرائيل هو “أداة للاستعمار والوحشية والاعتقال والاحتجاز التعسفي وتنفيذ إعدامات بإجراءات موجزة ضد الشعب الفلسطيني”.
وأثناء وجودها في نيويورك لتقديم أحدث تقاريرها إلى الجمعية العامة، أجرت أخبار الأمم المتحدة حوارا مع السيدة ألبانيز قالت فيه إن استجابة المجتمع الدولي كانت “غير مسؤولة” لأنها أضاعت الفرصة “للتصرف بحكمة وإنصاف” على النحو الذي يمكن أن يؤدي إلى السلام.
المقررة الخاصة*، وهي خبيرة مستقلة معينة من مجلس حقوق الإنسان في منصب شرفي، أعربت عن خوفها على مستقبل الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وكذلك المنطقة بأكملها إذا استمرت الحرب، التي قالت إنها لن تقتصر على إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، خاصة إذا “استمرت الدول الغربية في التصرف بشكل منحاز”.
في الحوار التالي، طلبنا أولا من السيدة ألبانيز توصيف الأحداث الجارية في المنطقة منذ 7 تشرين الأول /أكتوبر:
فرانشيسكا ألبانيز: ربما يكون أفضل وصف يمكنني تقديمه هو أن ما يتكشف تحت أعيننا هو كارثة سياسية وإنسانية ذات أبعاد أسطورية. وأعتقد أن هذا هو الوصف الوحيد الذي يصور إلى حد ما الأحداث على الأرض. من المستحيل وصف الألم والمعاناة لآلاف الإسرائيليين، بما في ذلك أولئك الذين قتلوا أو أخذوا كرهائن، ولكن أيضا جميع السكان الذين أصابتهم الصدمة تماما.
من المستحيل أيضا وصف ما يعانيه سكان غزة الآن الذين ما زالوا يواجهون القصف المتهور، بمتوسط ستة آلاف قنبلة أسبوعيا.
الوضع كارثي. هناك بالفعل أكثر من 5700 شخص قتلوا، 40 في مائة منهم من الأطفال، وأكثر من نصف السكان في غزة مشردون.
تم استهداف المدارس والمستشفيات، وبالإضافة إلى كل ذلك، تم تشديد الحصار لأن القادة الإسرائيليين، بطريقة أو بأخرى، يُحمـّلون جميع الفلسطينيين في غزة المسؤولية ويعاقبونهم جميعا على ما تفعله حماس والجماعات المسلحة الأخرى.
إن الوضع الإنساني يتجاوز الكارثة، وقد كان صعبا بالفعل قبل هذه الأزمة. أعتقد أنه على الأمم المتحدة أن ترفع من مستوى قدرتها على التدخل الآن.
أخبار الأمم المتحدة: أكدتِ على ضرورة وضع الأحداث الجارية في سياقها. ما أهمية هذا السياق، خاصة بالنظر إلى حجم الهجوم الذي وقع يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر؟
فرانشيسكا ألبانيز: أنا أتفق مع الأمين العام على أن مظالم الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تبرر ما قامت به الجماعات المسلحة ضد المدنيين. لقد كان وحشيا، وكان شنيعا ويجب إدانته. وفي الوقت نفسه، فإن السياق مهم للغاية، لأن الوضع الذي كان يعيشه الفلسطينيون قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر كان مروعا.
كثيرا ما أذكر أنه خلال الأشهر الستة عشر التي قضيتها مقررة خاصة، ذكرتُ أن 61 إسرائيليا قتلوا، و460 فلسطينيا قتلوا. وقد قُتل إسرائيليون على يد مهاجمين فلسطينيين. فيما قُتل الفلسطينيون على أيدي الجنود الإسرائيليين والمستوطنين المسلحين. لذا فإن السياق مهم، لأننا هنا لا نتحدث عن دولة تقاتل دولة أخرى.
نحن نتحدث عن قوة احتلال. إسرائيل هي قوة احتلال في مواجهة الفلسطينيين. ولا توجد دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة. وما انبثق من غزة لا يمثل الشعب الفلسطيني سياسيا. إذا، لم تكن دولة فلسطين هي التي تهاجم دولة إسرائيل. ما أريد قوله هو إن الاحتلال كان أداة للاستعمار والوحشية والاعتقال والاحتجاز التعسفي وتنفيذ عمليات إعدامات بإجراءات موجزة (دون اتباع الإجراءات الواجبة) ضد الشعب الفلسطيني.
كيف يمكن لأحد أن يتصور مثل هذا الوضع، الذي هو في حد ذاته عنيف بشكل هيكلي ويتم فرضه من خلال ما أسميه العنف المتفجر، أي الهجمات والتوغلات العسكرية على البلدات والقرى الفلسطينية من قبل الجنود والمستوطنين، وأيضا من خلال الهجمات العسكرية المنهجية على غزة.
كانت هناك ضربات وقائية ضد غزة. تم قصف غزة عندما لم يكن هناك أي هجوم من جانب قطاع غزة. هل أوقف المجتمع الدولي هذه اللاشرعية التي طال أمدها؟ لا، ولهذا السبب أواصل القول إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية ضخمة في الكارثة التي تتكشف الآن.
أخبار الأمم المتحدة: أريد الاستفادة من خبرتكم وأسأل عن مفهوم تم ذكره مرارا وتكرارا حول حقوق الدول في الدفاع عن نفسها. ماذا يعني ذلك بالضبط؟ وما هي حدود الدفاع عن النفس؟
فرانشيسكا ألبانيز: القانون الدولي ينص على حق الدول الأعضاء في الدفاع عن النفس، وهو حق متأصل في المادة 51 من مـيثاق الأمم المتحدة. وهذا الدفاع يمكن أن يمارس ضمن حدود معينة. الحد الأول في الحق نفسه، أي أن يكون متناسبا وضروريا، يبرر استخدام القوة لصد الهجوم. كان هناك توغل في الأراضي الإسرائيلية أدى إلى قتل ومعاملة وحشية للمدنيين الإسرائيليين. وكان لا بد من صد تلك التوغلات.
وبمجرد صد التوغل، ظهرت الصواريخ مجددا. لذا، لا بد من اتخاذ التدابير اللازمة لوقف الصواريخ. هذه كلها أهداف عسكرية مشروعة.
ولكن هناك شرط في المادة 51 وهو أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لاستعادة أو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وهنا، تقع على عاتق مجلس الأمن مسؤولية تعزيز وضمان الحفاظ على السلام والأمن، ومن الواضح أن هذا فشل لأنه لم يتم الإعلان عن وقف إطلاق النار.
وبالتالي، فإن ما تفعله إسرائيل يعتبر في نظر بعض الدول الأعضاء دفاعا مشروعا عن النفس، وهو ليس كذلك. كيف يمكن أن يكون هذا دفاعا عن النفس، وهناك قصف شامل لشعب بأكمله تحت هدف غامض ومبهم للغاية، وهو القضاء على حماس؟
كنت سأتفهم هدف القضاء على القدرة العسكرية لحماس أو تدميرها، لأنه مفهوم ومحدد للغاية. ولكن ماذا يعني القضاء على حماس؟ حماس هي واقع سياسي، شئنا أم أبينا. لا تحتاج إلى أن تكون متعاطفا مع حركة سياسية مثل حماس حتى تدرك أن [الهدف] غامض للغاية وقد يبرر قتل المدنيين، كما يحدث الآن.
وعلى أية حال، حتى لو كان هناك حق في الدفاع عن النفس، فلابد من احترام مبدأ التمييز، حتى لا يتم استهداف المدنيين. عندما يكون هناك استهداف عشوائي، فإنك تستهدف المدنيين. فهذه كلها الحدود التي يجب أن يلتزم بها استخدام القوة، ولا يراعى شيء من ذلك، ولا يتم الالتزام بشيء منه.
أخبار الأمم المتحدة: وفي نفس السياق، قد يقول الجانب الآخر أن هناك حقا في المقاومة. فهل هذا حق يحميه القانون الدولي؟ وما هي حدود هذا المبدأ؟
فرانشيسكا ألبانيز: نعم، في القانون الدولي، هناك اعتراف بالحق في المقاومة، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالحق في تقرير المصير. لذا، فمن المعترف به على نطاق واسع أن حق تقرير المصير ينشأ في حالة الهيمنة الاستعمارية أو الاحتلال الأجنبي أو الأنظمة العنصرية التي تحرم شريحة من السكان من المشاركة السياسية.
لذا، وفي هذا السياق، فإن الشعب لديه حق تقرير المصير ويستطيع المقاومة. لكن المقاومة لها قواعد وحدود، وهي نفسها التي تنطبق على أي طرف متحارب. لذا فإن كل فاعل ينخرط كجزء من المقاومة يصبح مسؤولا عن خياراته وأساليبه في الاشتباك. وقتل المدنيين أمر غير مسموح به على الإطلاق بموجب القانون الدولي.
هناك أيضا قرار محدد، القرار رقم 3236 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتشير الفقرة الخامسة منه على وجه التحديد إلى حق الفلسطينيين في استعادة حقوقهم.
وهنا السياق مهم جدا. فقد تمت صياغة حق المقاومة والإشارة إليه في سياق تصفية الاستعمار، فيما يظل الفلسطينيون يحاولون تحرير أنفسهم من الاحتلال الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة.
أخبار الأمم المتحدة: حذرتِ مرارا من تجريد المدنيين من إنسانيتهم. كيف ترين تجلي هذا الأمر، وما مخاطر هذه الظاهرة؟
فرانشيسكا ألبانيز: أعتقد أننا تجاوزنا مجرد المخاطرة منذ فترة طويلة، لأن أعداد الفلسطينيين الذين قتلوا، حتى قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، تشير إلى تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم. هناك حالة من التجريد من الإنسانية متأصلة بالفعل في الطريقة التي يُنظر بها إلى الفلسطينيين. ولقد شعرت، حتى من قبل7 تشرين الأول / أكتوبر، أنه يتم تضخيم هذا إلى حد ما في الخطاب الغربي، والآن وصلنا إلى مستوى غير مسبوق من التجريد من الإنسانية.
ويتجلى ذلك في تصريحات العديد من القادة السياسيين الإسرائيليين الذين وصفوا الفلسطينيين بأنهم “حيوانات بشرية”، وأنهم يستحقون المعاملة التي يتلقونها لأنهم جميعا مسؤولون عما تفعله حماس، ولولا ذلك لكانوا قد ثاروا ضد حماس. وكأن ذلك لم يحدث. والتعبير الذي استخدمه حتى زعيم معتدل في إسرائيل مثل الرئيس هرتسوغ، وهو إن إسرائيل “سوف تكسر عمودهم الفقري”. لقد استنتج نفتالي بينيت أنه لا يوجد مدنيون في غزة، وأنه حتى الأطفال هم أهداف مشروعة. كيف يمكن أن يكون ذلك؟ كيف يمكنك تحميل مولود جديد المسؤولية؟ كيف يمكنك تحميل الطفل المسؤولية، ناهيك عن المولود الجديد؟
لذا فإن التجريد من الإنسانية أمر مرعب. هناك المئات من الباحثين الأكاديميين الذين أدانوا دعوات الإبادة الجماعية السائدة في إسرائيل في هذه المرحلة، وأنا أشاركهم مخاوفهم. وتؤكد أعداد الأشخاص الذين قتلوا في غزة أن مخاوفهم حقيقية.
يحدث التجريد من الإنسانية أيضا بالطريقة التي تصور بها وسائل الإعلام الغربية ما يحدث، حيث لا يتم عرض ما يحدث على الإطلاق أو تقديمه بشكل مشوه للغاية. أعتقد أن ذلك غير مسؤول وغير مهني على الإطلاق.
أخبار الأمم المتحدة: تحدثتِ في وقت سابق عن مسؤولية المجتمع الدولي، كما ترين هناك الكثير من التحركات الدبلوماسية الجارية لمحاولة وقف ما يحدث أو محاولة تخفيف من حدة الوضع في غزة. كيف تقيمين الرد من المجتمع الدولي حتى الآن؟
فرانشيسكا ألبانيز: إنه رد غير مسؤول. إنه غير مسؤول في الحقيقة، لأن الفرصة أتيحت للمجتمع الدولي للقيام لمرة واحدة بإظهار الدعم لكل من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني. لقد كان ما عاناه الإسرائيليون في 7 تشرين الأول/أكتوبر مروعا، وفي الوقت نفسه أضاع المجتمع الدولي فرصة التصرف بحكمة وبإنصاف تجاه كلا الشعبين بطريقة يمكن أن ينظر إليها على أنها تؤدي إلى السلام.
لقد احتشدت الدول الغربية، مع استثناءات قليلة، حول إسرائيل، ودعمت بشكل أساسي ما تفعله إسرائيل كدفاع عن النفس. يقولون إن ما تفعله إسرائيل يجب أن يتماشى مع [القانون] الدولي، لكنه ليس كذلك. ليس كذلك. ليس كذلك. وفي اللحظة التي لا يكون الأمر كذلك، عليك التدخل بطرق ملموسة: [من خلال] الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وإنقاذ السكان المتضررين، وضمان دخول جميع المساعدات الإنسانية الضرورية، وضمان وجود وقائي، وإنشاء منطقة عازلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
بينما تستمر الأعمال العدائية في غزة، قُتل في الضفة الغربية ما يقرب من مائة فلسطيني، وتم اعتقال 5000 آخرين في الأسابيع القليلة الماضية فقط. لذا، فحتى بعيدا عن الأعمال العدائية، يُقتل الفلسطينيون. ولا أسمع ذعرا. لا أسمع إدانة. لا أسمع حقا قيادة قوية في هذه اللحظة.
وأعتقد أن الأمين العام كان شجاعا للغاية بالأمس في استخدام الكلمات التي استخدمها، علاوة على ما فعله في الأسابيع الماضية. لم أكن سعيدة بشكل خاص بالتأخير في طلب وقف إطلاق النار، لكنني رأيت أنه فعل ذلك، وحاول حقا أن يكون برفقة كل من يعاني في الوقت الحالي. وحتى الطريقة التي استجابت بها الدول الغربية لهذا الأمر تظهر الغضب الأخلاقي الانتقائي لديهم والأخلاق المزدوجة التي يتبعونها.
وفي الوقت نفسه، وبينما أشير في كثير من الأحيان إلى مسؤوليات الغرب، فإنني أسأل أيضا أين الباقون؟ لقد رأيت دولا عربية تحاول مقاومة الضغوط الغربية. هناك تعبئة ضخمة في العالم العربي للتضامن مع الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، أود أن أقول لأولئك في العالم العربي، يمكنكم أن تتضامنوا مع الفلسطينيين وتدينوا الفظائع التي ارتكبتها حماس في نفس الوقت. وهذا أمر ضروري وحتمي. هذا لا ينتقص من شرعية المطالبة باحترام حق الشعب الفلسطيني، لأنه هو الذي يتم إنكاره وانتهاكه بشكل منهجي في الأرض الفلسطينية المحتلة وخارجها.
أخبار الأمم المتحدة: مع استمرار تصاعد الوضع، ما هو أكبر مخاوفك الآن؟
فرانشيسكا ألبانيز: من المؤكد أن الكثير من الناس سيموتون في فلسطين، في الأرض الفلسطينية المحتلة. بالتأكيد. وهذا لن يتوقف، ولا بد من معالجة نوايا الإبادة الجماعية. إنني أخشى حقا مما سيواجهه الفلسطينيون، وأخشى أيضا على حاضر ومستقبل الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني.
فكيف سيعيشون في تلك الأرض إذا بقي كل ما يحدث دون معالجة؟ كما أخشى على شعوب المنطقة، لأنني أخشى أن هذه [الأزمة] لن تتوقف عند إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة إذا تواصلت، وإذا استمرت الدول الغربية في التصرف بشكل متحيز.
*يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهي جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.
[ad_2]
Source link