[ad_1]
لكي نفهم الصراع العربي الإسرائيلي لا بد أن نحاول إعادة فهم العلاقة بين الغرب وإسرائيل. فليس صحيحاً أن إسرائيل تمثل اليهود، لأن اليهود الحقيقيين لا يتفقون أصلاً مع إقامة دولة إسرائيلية في فلسطين ولا يقرّون بتمثيلها لهم. فإذا افترضنا جدلاً أن إسرائيل دولة لجمع شتات اليهود في العالم، لماذا لا تقبل إسرائيل هذه بإقامة دولة فلسطينية وفقاً لمقررات الأمم المتحدة على أرض 67 عاصمتها القدس وعودة اللاجئين؟ وإذا كانت إسرائيل حقيقةً دولة طبيعية، لماذا لا تقيم علاقات طبيعية حتى مع الدول التي وقّعت معها معاهدة سلام أو الدول التي طبّعت معها؟
إن ما تقوم به إسرائيل من مذابح للفلسطينيين وحروب إبادة وتطهير عرقي منذ سبعين عاماً في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وفلسطين 48، لا يمكن أن يكون سلوك دولة! ناهيك عن سلوك كيان دخيل ومحشور في وسط لا يمت له بصلة ثقافية أو دينية أو أخلاقية. من الخطأ الاعتقاد بأن «طوفان الأقصى» هي سبب حرب الإبادة الإسرائيلية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني.
إنما إسرائيل ليست سوى أداة تنفيذ ما يخططه الناتو، وما فلسطين بالنسبة لهم إلا أكبر قاعدة عسكرية أطلسية خارج حدود الناتو وتسمى إعلاميا «دولة إسرائيل» وتعمل على تأمين وتعزيز الاستعمار الأوروبي في أفريقيا والدول العربية والإسلامية بمسميات عصرية لكي يستمر الأوروبي الأبيض بنهب موارد تلك الدول وتدمير أهلها.
ذاكرتنا القريبة والمتوسطة والبعيدة تزخر بالكثير من الأحداث، ليس آخرها طرد بقايا الاستعمار الفرنسي والألماني من عدد الدول الأفريقية ومن بينها النيجر وبوركينا فاسو ومالي والغابون وغيرها، والتي كشفت لنا أن المستعمر الأوروبي لا يزال متواجداً ينخر مقومات الحياة في أفريقيا وينهب خيراتها رغم ما يسمى «الاستقلال». وهذا ما يفسر التواجد والحضور والدعم الإسرائيلي التسليحي والتقني والاستخباري النوعي في العديد من النزاعات الداخلية أو البينية الطائفية والقبائلية والمناطقية في عدد من الدول الأفريقية والعربية والإسلامية. وهذه ترجمة حرفية لما يعنيه الرئيس الأمريكي في زيارته التضامنية لتل أبيب منذ أيام حين قال «لو لم تكن هناك إسرائيل، لعملنا على إقامتها وسوف نستمر بدعمها».
الحملة الأطلسية الأخيرة على غزة وعلى فلسطين تؤكد أن الفكرة التي أقيمت عليها القاعدة العسكرية «إسرائيل» هي أن هذه القاعدة أوجدت تتوسط بين عالم الشمال بإرثه العنصري الاستعماري الأبيض، وعالم الجنوب المليء بمظالم الاستعمار والعمل على إبقاء هذا الجنوب العربي الأفريقي الإسلامي فقيراً متخلفاً متصارعاً مشغولاً بالمعارك الطائفية والقبائلية والجغرافية التي كرسها ولا يزال يغذيها المستعمر الأوروبي-الأمريكي عبر أدواته ومؤسساته (الناتو، الاتحاد الأوروبي، البنك الدولي، النقد الدولي، والأمم المتحدة ومنظماتها).
من يشن الحرب على غزة ويبيد الشعب الفلسطيني ويمارس ضده التطهير العرقي فعلياً هم الأطلسيون، أما إسرائيل فهي القبح والقذارة التي لا يريد الأمريكي والأوروبي أن يظهر بهما أمام العالم رغم قبحه وقذارته المعروفة لدى البعض. فمن يمنع تطبيق القرارات الدولية ويمنع إقامة دولة فلسطينية هي أمريكا والأوروبيون.
إن قوة النظام الاستعماري الغربي تجعل حتى ريشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا، وهي الدولة المتسببة الأساسية بنكبة الشعب الفلسطيني، والتي ينحدر رئيس وزرائها الحالي من أصول هندية، أي من بلد غاندي الذي قال عن بريطانيا: لو أن سمكتين تشاجرتا في قاع البحر، فاعلم أن وراءهما بريطانيا، يأتي سوناك إلى تل أبيب ليثبت إخلاصه وولاءه للمشروع الاستعماري الأطلسي وفي نفس الوقت يعلن براءته من إرث وثقافة وأخلاق أجداده الهنود.
إذا لم يتم يتغير النظام العالمي الأطلسي الأحادي إلى متعدد الأقطاب، لن يتم تحرير غزة وفلسطين وسوف تستمر هذه الكائنات الشيطانية الغربية بالزحف على أفريقيا والعالم العربي والإسلامي وتجويعها وتفقيرها وإبادتها بنفس طريقتها في غزة. لذلك على الدول العربية والإسلامية والأفريقية ودول العالم الثالث أن تستشعر الخطر من قاعدة الناتو المتقدمة «إسرائيل» على وجودها، وعلى هذه الدول أن تبني التحالفات فيما بينها عسكرياً واقتصادياً وتقنياً وتمكين القوى العالمية غير الغربية لتأسيس نظام عالمي متعدد الأقطاب يكون أكثر عدلاً، والعمل على كنس النظام العالمي الأحادي القطب، لتسود حقوق الإنسان الحقيقية وليست حقوق الإنسان الأطلسي الأبيض.
وإذا بقي هذا النظام العالمي الأحادي القطب لا قدر الله، فسوف تتحول أفريقيا والوطن العربي والعالم الإسلامي على مدى السنوات إلى غزة عدة أضعاف، عندئذ يهنأ دهاة العنصرية والعرق الأبيض ويتحقق لهم بطريقة سريعة حلم القضاء على تسعة أعشار سكان العالم من خلال أداتهم «إسرائيل» وغيرها، بدلاً من القضاء عليهم من خلال الأوبئة وقصص المناخ التي ليست بنفس السرعة التي تحققها لهم «إسرائيل».
[ad_2]
Source link