الصين… قطب وصل لتوّه إلى القمة – أخبار السعودية

الصين… قطب وصل لتوّه إلى القمة – أخبار السعودية

[ad_1]

يرى عالم السياسة والعلاقات الدولية، ووزير الخارجية الأمريكي السابق، هنري كيسنجر، أن النظام السياسي الصيني هو نظام «كونفوشيوسي»، وليس «شيوعياً»؛ وهو نظام لا يكترث كثيراً بالأيديولوجية (الشيوعية) بقدر اهتمامه بحصول الصين على أكبر قوة ممكنة، وبإيصالها الى أعلى مكانة دولية ممكنة. وهذا الوصف (الكيسنجري) يحمل الكثير من الصحة؛ فالحزب «الشيوعي» الصيني، ليس شيوعياً، بالمعنى النظري الماركسي، للشيوعية، إنما هو، في الواقع، حزب اشتراكي، يمارس «رأسمالية الدولة»، نجح في تحويل بلاده، منذ سنة 1949م، حتى الآن (2023م) من دولة فقيرة نامية، ومتخلفة، إلى الدولة العظمى الثانية في عالم اليوم.

ويكاد يجمع أغلب علماء السياسة والعلاقات الدولية، والمراقبين السياسيين، على أن الولايات المتحدة فقدت انفرادها بقمة العالم الاقتصادية والسياسية، بدءاً من عام 2022م، عندما صعدت الصين إلى هذه القمة، رغم كل العوائق، وفي مقدمتها المقاومة الأمريكية المحمومة لصعود الصين، ومضايقة أمريكا في هذ القمة، الأمر الذي حول المنتظم العالمي إلى نظام متعدد الأقطاب، إذا اعتبرنا روسيا قطباً ثالثاً. وستتبوأ الصين مكانة سامقة في العلاقات الدولية القادمة، بسبب تفوقها الاقتصادي والاستراتيجي المتصاعد.

****

وفي الواقع، فإن مدى قوة اقتصاد أي دولة هو من أهم عناصر قوتها الدولية. وعندما نتحدث، باختصار، عن الاقتصاد الصيني، فإن ذلك يشير إلى تقدم غير مسبوق، وتطور مذهل، خاصة خلال العقود الثلاثة الماضية؛ فالاقتصاد الصيني، كما جاء في بحث نشر مؤخراً، لباحث متخصص:

«يتوسع بشكل أسرع من الاقتصاد الأمريكي حالياً. ففي عام 2020، نما الاقتصاد الصيني بنسبة 2.3%، بينما انكمش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 3.5%. وفي الربع الأول من عام 2021، نما الاقتصاد الصيني بمعدل 18.3%، بينما نما الاقتصاد الأمريكي بمعدل 6.4% في نفس الفترة. ومن المتوقع ارتفاع نصيب الصين من الاقتصاد العالمي إلى حوالى 19% بحلول 2025. وفي المقابل، من المتوقع تراجع نصيب الولايات المتحدة من الاقتصاد العالمي إلى حوالى 15% في عام 2025؛ أي أن حجم الاقتصاد الصيني سيفوق نظيره الأمريكي قريباً. وأصبحت الصين في عام 2020، الشريك التجاري الأول لأغلب الاقتصادات الكبرى في العالم. كما أصبحت أكبر دائن للولايات المتحدة، من خلال شراء سندات الخزينة الأمريكية».

«ويعزى ذلك لأسباب عدة، أهمها: استمرار الصين في تنفيذ سياسات اقتصادية مدروسة، تشمل تحفيز الاستهلاك المحلي، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز التجارة الدولية، إضافة لزيادة الاستثمارات في الصين، وخاصة في قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية، وأيضاً تحسُّن الأوضاع الاقتصادية العالمية، وزيادة الطلب على المنتجات الصينية في الأسواق الخارجية».

لقد تبنت الصين سياسة الاستمرار في الدفاع عن العولمة، ودعمها بما يسهل التبادل التجاري العالمي، التي تعتبر الصين الآن، نجمه الأول، كما تعمل حكومة الصين جادةً على تنفيذ مبادرة الحزام والطريق (BRI) وبناء البنية التحتية حول العالم، الهادفة لربط الصين بأهم الدول، وإعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية والسياسية للصين، عبر آسيا وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وأوروبا، بل وحتى الأمريكتين، ودعم المصالح المشتركة، التي تساهم في ترسيخ مكانة الصين الاقتصادية، والعالمية.

****

وكما هو معروف، كانت الصين، وما زالت غير راضية عن تفرُّد الولايات المتحددة بقمة النظام العالمي، رغم اكتسابها في ظله مكاسب عدة، منها: انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، في عام 2001م، ووصول اقتصادها إلى المرتبة الثانية، عالمياً. ولكن الرئيس الصيني شي جين بينغ، أخذ يطالب، منذ توليه السلطة في عام 2012م، بإعادة تشكيل النظام العالمي أحادي القطبية، ليتناسب بشكل أفضل مع مصالح الصين، والقوى الكبرى الأخرى. ودعوته صريحة بضرورة الاعتراف بأن النظام العالمي قد أمسى نظام التعدد القطبي. والإشكالية هنا هي إصرار الغرب (ناتو، بقيادة أمريكا) على الأحادية القطبية البائدة.

وتعتقد الصين أن الغرب بخاصة، يشكك في شرعية النظام السياسي الصيني القائم بقيادة «الحزب الشيوعي الصيني»، ويشكل تهديداً غير مباشر لاستمرارية النظام، وبقاء وسلطة الحزب الشيوعي. وتسعى الصين لنظام عالمي أقل رفضاً، وتهديداً، لسلطة حزبها الشيوعي. وتصر على أن التغيير الإيجابي ممكن، في ظل هيمنة هذا الحزب، واستئثاره بالسلطة، خاصة أن أيديولوجية الحزب الشيوعي الصيني لم تعد تدعو للثورة العالمية الشيوعية، ولكونه اشتراكياً، رغم ممارسته لرأسمالية الدولة. ولا ينكر أحد إنجازات هذا الحزب في العقود السبعة الماضية، وتمكنه من نقل الصين من دولة نامية فقيرة، إلى دولة عظمى وغنية. وما يقوله هذا الحزب عن نفسه، بأنه «وريث عظمة الحضارة الصينية» فيه جانب كبير من الصحة.

****

والواقع، أن هناك فرقاً جذرياً بين ما يعرف بـ«الاشتراكية»، وما يعرف بـ«الشيوعية»؛ الأولى تعني أن يشارك جميع المعنيين في التمتع بموارد بلادهم، وما لديها من ثروة، كما يسمح، وفق ضوابط، بالملكية الخاصة. أما الشيوعية، في صورتها النظرية العامة، فتعني: أن ملكية موارد البلد، وثروته مشاعة بين أفراد المجتمع الشيوعي، فلا ملكية خاصة، وفي صورتها المتطرفة: لا أسرة خاصة، ولا حكومة، فلا حاجة للحكومة في ظل شيوع الثروة؛ حيث إن شعار الشيوعية، وخاصة بمعناها الماركسي: من كل حسب طاقته، ولكل حسب حاجته. من هنا، كانت الشيوعية ضد غرائز إنسانية متجذرة. لذلك، يستحيل تطبيقها في العصور الحديثة، بل وفي كل العصور. إذ لم يشهد العالم تطبيقاً لـ«الشيوعية»، بهذا المعنى، إلا في العصور القديمة، وفي أماكن معزولة. ثم اندثرت، ولم يعد لها وجود. بل ولا يمكن أن توجد، إلا في خيالات البعض. فما وجد من أحزاب سياسية شيوعية، ليس شيوعياً، بل اشتراكي، وحسب. وغالباً ما ستسحب الأحزاب الجديدة، إن قامت، ودخل مرشحوها الانتخابات، جزءاً كبيراً من بساط السلطة في الصين من «الحزب الشيوعي» الصيني، كما حدث في بلاد أخرى معروفة، كانت شيوعية، وأصبحت لا شيوعية.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply