[ad_1]
زلزال مُدمر وفيضان فيه إعصار كاسح أتى على حين غفلة من أهلها قضى على الإنسان وجرف المنازل وأتلف الممتلكات وطمر القرى وأهلك الأرواح، وفقد الناس أحباءهم وأقاربهم، وترملت النساء وتيتم الأطفال، وبدلاً من التسليم لقضاء الله وقدره، ومواساة المكلومين والوقوف إلى جانبهم وطلب الرحمة للمفقودين، انبعث أشقى الناس وأغباهم من أصحاب الأجندات الخاصة والجماعات المتطرفة ومن يدعون أنهم الأقرب لله من الصحونج والإخونج في لغة شامتة لا يجيدها غيرهم فتسيد خطباؤهم ووعاظهم منابر الضلال والكذب، وذلك بعد أيام من هول الفاجعة ولم تزل الحسرة تعصف بالقلوب والدموع تجري ساخنة من حرقة الفراق ولوعة الحدث والمصاب الجلل.
يقولون كذباً وبهتاناً بأن الله أنزل هذه الكوارث والمصائب بالناس عقاباً لهم على فسادهم والخروج عن طاعة الله في تصرفاتهم وسلوكياتهم المحرمة وارتكابهم المعاصي وإتيانهم الكبائر. تُهم باطلة أتت من نفوس مريضة حاقدة، فمن أين لهم القدرة على الاطلاع على ما يجري في هذه الأماكن كما يدعون؟
حتى يأتوا بهذه التأويلات الباطلة لقضاء الله وقدره في حياة الناس.
إن الإسلام الذي لم يعرفوه جيداً يجبرهم على حسن الظن بالناس وحمل تصرفاتهم على البراءة والصلاح. فقضاء الله وقدره في كل صغيرة وكبيرة سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أو المجتمعات، لا ينبغي لأحد من البشر التجرؤ على تأويله على ما يراه ويهواه، فهذا باب من أبواب الزيغ والضلال يدخل تحت طائلة التقوّل على الله بغير علم، فالله قد أنكر على بعض الناس دعواهم وتأويلاتهم لأفعاله وما قضى في عباده من أحكام.
قالوا في هالة من الزيغ والضلال {لو شاء الرحمن ما عبدناهم..}، يبررون بذلك أفعالهم القبيحة، فرد عليهم سبحانه وتعالى بقوله {ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون}.
فكيف يقوم هؤلاء المؤدلجون اليوم بتفسير أفعال الله وأحكامه وقضائه وقدره؟! دون حياء من الله!
وقال سبحانه في من يخترعون التشريعات من عند أنفسهم، وهو باب من أبواب التقول على الله بغير علم {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون}. فالتقوّل على الله من غير علم أمر قبيح مذموم يا هؤلاء!
وقد أخبرنا القرآن أن بعضاً من الناس قالوا إن الله اتخذ ولداً، تأويلاً من عند أنفسهم لأفعاله سبحانه وتصريفه لشؤون عباده في ملكوته، فجاء فيهم التنديد والإنكار لهذا التقول والافتراء على الله، بقوله تعالى
{قالوا اتخذ الله ولداً سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون}. وحذر سبحانه في سورة الأعراف من هذا الفعل القبيح وهو التقوّل على الله بغير علم وأردفه مع أكبر الكبائر وهو الشرك {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}.
فجعل التقوّل على الله رديفاً لأكبر الكبائر لبيان قبح هذا الفعل وسوء عاقبته.
بل قد حذر من التقوّل من غير علم في أي حق من حقوق الناس، ناهيك عن التقوّل على الخالق سبحانه وتعالى وفي قصة الإفك يقول الحق {إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم}.
ذكر ابن تيمية في معرض تنديده بهذا السلوك المشين من أخلاق الناس قصة الصحابي نعيمات، وكان من أهل المعاصي، جيء به إلى نبي الرحمة أربع مرات في حالة سكر ويجلده رسول الله، ثم قال واحد من الصحابة ما أكثر ما يؤتى به ولا يتوب. فقال عليه الصلاة والسلام «لا تسبوه فإنه والله ليحب الله ورسوله». فأين هؤلاء المرضى من هديه عليه الصلاة والسلام، فهل بعد هذا يستبيح المرء اتهام الناس الأبرياء وتأويل قضاء الله وقدره بأنه من سوء ما كسبت أيديهم؟
فكل مصائب أبن آدم من كوارث ومحن هي من تدبير الله وحكمته لا دخل بكفر أو إيمان أو معصية أو صلاح، ففي طاعون عمواس تُوفي ثلاثون ألفاً من المسلمين، منهم أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وغيرهما من أشراف صحابة رسول الله، ولم يقل أحمق بما قاله هؤلاء في حق من أصابهم سهم من سهام الله، فليس كل من نجا تقياً، وليس كل من هلك عصياً.
ويكفي ما أصاب الناس من الفزع والعذاب، نسأل الله لهم الصبر والسلوان وأن يجازيهم خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
اللهم لا تسلط علينا أنفسنا ولا تهلكنا بما فعل السفهاء منا.
[ad_2]
Source link