[ad_1]
وعقد المؤتمر بعد سياق تزايد الجرائم المرتكبة بحق المقدسات الإسلامية والدينية عموماً، تحت ذريعة «حرية الرأي والتعبير». ويتضمَّن المؤتمر جلساتٍ علمية تكتسب مضامينُها أهميةً كبرى لإزالة اللّبس عن هذه القيمة الإنسانية النبيلة التي أعلى من شأنها الإسلام، وتؤسِّس للدور الأكاديمي المأمول في التوعية، والحفز الفكري نحو رسم مستقبلٍ أكثرَ تضامناً وتفاهُماً واحتراماً بين أتباع الأديان والحضارات، والتصدي لأطروحات الصدام الحضاري والصراع الديني.
العيسى: تأويل النصوص الدستورية خاطئٌ وخطِرٌ
وفي كلمته الافتتاحية لأعمال المؤتمر، شدّد الدكتور العيسى على أن المنطق السوي لا يقبل أن يكون الفهم التشريعي للحريات سائباً دون تأطير يصون القيم ويحفظ الحقوق، وخصوصاً كرامة الآخرين، ولا سيما مقدساتهم، ويمنع الجهلة والمغرضين من توظيف حرية التعبير بما يسيء لسلام عالمنا ووئام مجتمعاته الوطنية.
وقال: «روح الدساتير المتحضرة لا تسمح بإثارة الكراهية ولا تأجيج الصراع الحضاري باسمها؛ لذا يتعين استيعاب سياقاتها ومن ثم تطبيقها بما يحقق غاياتها المستفادة من المنطق الإنساني السوي الداعي لتعزيز قيم الاحترام والوئام، ومنع مخاطر الصراع والصدام بين الأمم والشعوب».
وتابع العيسى قائلاً: «تأويل النصوص الدستورية بما يَحرفها عن روحها الداعية لسلام المجتمعات وتعزيز الصداقة بين الأمم والشعوب خاطئٌ وخطِرٌ».
من جانبه ألقى مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي إبراهيم علّام كلمة أشار فيها إلى أن المسلمين يواجهون اليوم ثورة تقنية تتحرك فيها الأفكار والرؤى والفلسفات والمفاهيم، عبر قنواتٍ عدّة، وتُحدثُ تشويشاً ولغطاً لدى كثيرٍ من الناس؛ موضّحاً أن ممارسة الحريات وفق الضوابط الشرعية والقانونية تضمن للمجتمعات أمنها وسلامتها، وتحافظ كذلك على الأمن والسلام النفسي للأفراد، وتضع حدوداً وقيوداً لمثيري الفتن والقلاقل.
ولفت الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية الدكتور سامي محمد الشريف الأنظار إلى أن المؤتمر يأتي في إطار بحث مفهوم الحقوق والحريات في العالم. وأوضح الشريف، أن منظومة القيم الدينية تؤكد وحدة الأصل البشري، ومحورية حقوق الإنسان وحرياته؛ معتبراً أن حقوق الإنسان، وفي القلب منها حرياته، تعدّ محوراً أساسياً في مقاصد الشريعة الإسلامية.
ومن جانبه، قال المدير العام لمنظمة «إيسيسكو» الدكتور سالم المالك: إن قضية الحريات لم تعد قضيةً نظرية تتناولها الأقلام، وتتداولها الأفكار من منطلق الترف الثقافي والاجتماعي، بل إنها تمضي كل يوم لتشكِّل حضورا غامرا على مجمل الحراك الإنساني.
واتفق المشاركون في بيانهم الختامي على أن تكريم الإنسان واحترامه محل اتفاقِ أتباع الأديان والثقافات، (وإِعدادُهُ روحياً وفكرياً ومادياً هو اللبنةُ الأساس في بناء المجتمعات المدنية المتحضرة؛ لإصلاح الأرض وإسعاد الإنسان). وأكد المشاركون على اعتبار الحريةِ قيمةً إنسانيةً عُليا مكفولة لكل أحد، لكنها – كغيرها من القيم والمبادئ – ليست عشوائيةً أو مرادفةً للفوضى والعبث، بل في مضامينها العالية مسؤوليات وواجبات مهمة يتعين على الجميع مراعاتها، وإلا كانت الإساءةُ البالغةُ والتشويهُ الكبير لهذا المُشترك الإنسانيِّ المحوري في بناء العلاقة بين الأمم والشعوب وداخل المجتمعات الوطنية المتنوعة.
واتفقوا على أن الحرية السائبة جنايةٌ على قيمها الأخلاقية ومفهومها القانوني الحضاري؛ لذا فهي لا تعرف أي قيمة للإنسان عندما تتعدى على كرامته تحت مظلتها المزورة، بل هي من معاول الهدم في تحالفنا الحضاري، وبناء الصداقة بين الأمم والشعوب.
ونوهوا إلى أن خطورة الظرفية التي يمر بها عالمنا اليوم تتطلب وعياً يفكك دعوات التطرف والأنانية والكراهية والانغلاق؛ بتكريس الحِوَار الفعَّال لحل النزاعات، وترشيد التعاطي مع الخلافات، وتحقيق التفاهم بين الفرقاء، وصولاً إلى تعزيز الثقة، وإزالة المخاوف، وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
وأوصى المؤتمرون في إعلان رابطة الجامعات الإسلامية بأن الكلمة مسؤولية أخلاقية وأمانة روحية، لا يجوز إطلاقُها بلا علم أو برهان؛ فتكون سبباً في الإساءة إلى الآخرين، وتأجيج المشاعر الدينية، والنزعات العنصرية.
وأكدوا على حق الحريات عموماً، وحرية التعبير عن الرأي خصوصاً، وفق أُطُرٍ تحفظ حقوق الآخرين ولا سيما صيانة كرامتهم، وترعى متطلباتِ سلام عالمنا ووئامِ مجتمعاتِه الوطنية.
ودعا الإعلان المؤسسات الإعلامية للارتقاء بالمحتوى الإعلامي نحو تعزيز أواصر الأُخُوةِ الإنسانيةِ والوطنيةِ واحترامِها المتبادل، ومواجهة كافة الأساليب الداعية للكراهية والتحريضِ على الصدام والصراع الحضاري.
وأدان الإعلان ظاهرة الإسلاموفوبيا باعتبارها خطاباً عنصرياً يؤجج الكراهية ويستولد العنف، ويقوض مشاريع بناء مجتمعات الوئام والسلام، والتحذير من تبعات أساليب الاستفزاز الديني في عالم هو أحوج ما يكون إلى التهدئة والتفاهم والاحترام المتبادل.
ووجه الإعلان الحكومات والشعوب إلى تجاوز خلافات الماضي بين المكونات الدينية والعرقية والثقافية، والتوجه إلى مناقشة مشكلات التعايش برُؤيةٍ حضارية تؤسَّسُ على تفهُّمِ حكمة الخالق في حتمية الاختلاف والتنوع، والإيمانِ بأهميةِ التعاون والثقة المتبادلة المستحقة، وتَستثمرُ مشتركاتها في تعزيز الوعي لتكوين مجتمعات تتجاوز التحضر المادي إلى التحضر الأخلاقي.
ودعا الدول التي سمحت بحرق نسخ من المصحف الشريف إلى مراجعة مفاهيمها الدستورية واستعادة وعيها الحضاري واستحضار عظات التاريخ، وعدم الخلطِ بين المعنى الإنساني للحريات والفوضى المسيئةِ لذلك المعنى وبخاصة تسيب مفهوم الحريات إلى أن يصل لإهانة كرامة الآخرين والتحريض على المواجهة الخاسرة بين الأمم والشعوب لمجرد اختلافاتها الدينية والفكرية فضلاً عن مجرد سوء الفهم المتبادل، ومن ثم تعميق الفجوة بين أبناء الأسرة الإنسانية الواحدة التي أراد الله بعلمه وحكمته أن تكون مختلفةً كما هي طبيعة وجودها.
[ad_2]
Source link