الرقص.. التعبير الحركي – أخبار السعودية

الرقص.. التعبير الحركي – أخبار السعودية

[ad_1]

الرقص يعكس صوراً من التراث الشعبي أو الفولكلور الذي يصوّر عادات الناس وتقاليدهم وما يعبرون عنه من آراء وأفكار ومشاعر التي تتناقلها الأجيال جيلاً عن جيل. الرقص جزء لا يتجزأ من ثقافة الأمة. ويعرّف تيلور الثقافة أنها (المعرفة، الإيمان، الفن، الأخلاق، العادة وأي إمكانات وعادات أخرى). إن علاقة الإنسان بالرقص فطرية، فالطفل يتحرك على وقع الإيقاعات والأنغام والموسيقى، والإنسان قد يعجز عن التعبير بالكلمات أو بالوصف عما يختلج في نفسه ويشعر به، لكن بلا شك يستطيع التعبير بالحركة والرقص. والرقص ذكر في الكتب المقدسة السابقة وتوجد آيات كثيرة في الإنجيل عن الرقص. وعلى وجه العموم غالباً ما ينظر إلى الرقص على أنه شكل من أشكال الفرح والاحتفال، ووسيلة للتعبير عن الحب. أما الرقص عند الصوفية فهو نوع من أنواع الذكر عند متبعي الطريقة الصوفية، ويكون «بالدوران حول النفس والتأمل الذي يقوم به من يسمون دراويش بهدف الوصول إلى مرحلة الكمال. أغلب ممارسي هذه الطقوس هم من اتباع الطريقة المولوية، ويهدفون إلى كبح شهوات النفس والرغبات الشخصية عبر الاستماع إلى الموسيقى والتفكر والدوران حول النفس الذي أتى مفهومه من خلال دوران الكواكب حول الشمس».

الرقص قديم، ظهر بظهور الإنسان على الأرض، وقد اعتبر الفراعنة الرقص فناً راقياً مقدساً، حتى أن المصري القديم صوّر مناظر الرقص على جدران المقابر. وتعددت أنواع الرقص عند الفراعنة ووصلت لأكثر من (13) نوعاً، منها الرقص الأكروباتي، الرقص الحركي الخالص، الرقص الهادئ، الرقص مع المرآة، الرقص الزوجي، وغير ذلك من رقصات سجلت على مقابرهم وفي بردياتهم، فقد استخدم الفراعنة الرقص في وداع الموتى والتقرب للمعبود. وعلى الجانب الآخر من المحيط اشتهر شعب الآزتك بالمكسيك والمعروف أيضا بشعب مكسيكا، بشعائره ورقصاته المختلفة، والمتعلقة بطقوس وشعائر المكسيكيين. الرقص موجود أينما وجد الإنسان قديماً وحديثاً.

يؤكد المؤرخ العراقي الكبير الدكتور جواد علي في كتابه «المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام». فيقول: ذكر علماء اللغة أن من الرقص نوعاً يقال له: «الدرقلة». وذكر بعض آخر أن «الدرقلة» الرقص. قال محمد بن إسحاق: قدم فتية من الحبشة على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يدرقلون، أي يرقصون. وذكروا أن الرسول مر على أصحاب الدركلة فقال: «جدوا يا بني أرفدة حتى يعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة». وقيل إن الدركلة ضرب من الرقص، ولعبة للعجم معربة. وعرف الحبش بحبهم للرقص. وكان أهل مكة وغيرهم من أهل الحجاز، إذا أرادوا الاحتفال بعرس أو ختان أو أي مناسبة سعيدة، أحضروا الحبش للرقص والغناء على طريقتهم الخاصة. وورد في الحديث أنه قال للحبشة: «دونكم يا بني أرفدة». وقيل: هم جنس من الحبشة يرقصون. وقيل: أرفدة «لقب لهم، هو اسم أبيهم الأقدم يعرفون به».

في لسان العرب لابن منظور: الزفن الرقص زفن يزفن زفنا وهو شبيه بالرقص. وأصل الزفن اللعب والدفع، ومنه حديث عائشة رضي الله عنها، قدم وفد الحبشة فجعلوا يزفنون ويلعبون أي يرقصون.

وقد أوجد العرب الأوائل أنواعاً جديدة من الرقص، وأخذت طريقها في الحذف والإضافة لتصبح رقصات عالمية. فيوثق الباحث فائق شعبان في كتابه «صفحات من تاريخ الرقص في العالم»، قائلاً: «ترك العرب آثارهم الفنية في بعض الشعوب. ففي الأندلس، لا تزال إلى اليوم رقصة «الجوتا» الشعبية، التي ابتدعها الموسيقي العربي ابن جوتا في القرن التاسع، بمصاحبة الدف ويشبه إيقاعها إيقاع الفالس. وفي رقص «الفلامينكو» العنيف الحماسي، غالباً ما يبدأ الغناء المصاحب له بفاصل آهات تستعمل فيه كلمة (أوليه)، وأصلها «يا ليل» وقد تستعمل أيضاً ألحاناً وإيقاعات ومقامات عربية».

إن ارتباط الرقص في عصور متأخرة من التاريخ العربي بالترف والمجون واللهو، يكشف مدى ما أصاب الفكر العربي من ركود وغفوة، فالرقص بتصوراته المتعددة مفتاح انثروبولوجيا (علم الإنسان)، لفهم تفاصيل بارزة في التاريخ العربي، مثل مفهوم الجسد في الذهنية الصحراوية، وصورة المرأة، وطقوس العبادة، وتحولات السلطة في تاريخها الممتد منذ الجاهلية حتى اليوم.

لهذا وجب الاهتمام بهذا الفن ودراسته لأنه منفذ لقراءة سلسلة من التحولات الاجتماعية التاريخية ويمكن من فهم أفضل لتأريخنا الذي حاول طمسه الجهال.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply