ثورة 23 يوليو.. الحلم والهزيمة

ثورة 23 يوليو.. الحلم والهزيمة

[ad_1]

قبل ٧١ سنة أعلن في مصر عن قيام ما أصبح يعرف بثورة ٢٣ يوليو، التي أنهت عهد الأسرة العلوية (نسبة لمحمد علي باشا)، التي حكمت البلاد قرناً ونصف.

لم يكن البكباشي الشاب جمال عبدالناصر قائد الانقلاب العسكري معروفاً في الحقل السياسي قبل أن يتولى السلطة بعد إقصاء اللواء محمد نجيب من الحكم عام ١٩٥٤. وبعد تأميم قناة السويس وفشل ما عرف بالعدوان الثلاثي (١٩٥٦)، تصاعدت شعبية عبدالناصر الذي تحول إلى البطل الأول للقومية العربية في بلاده وفي أنحاء كثيرة من العالم العربي.

لم يكن للرجل مشروع فكري حقيقي، ومن قرأ كتابه الأول «فلسفة الثورة»، الذي حرره الكاتب والصحافي محمد حسنين هيكل، وصدر سنة ١٩٥٤، أدرك أن أفكاره لا تتجاوز التعلق العام بالوحدة العربية دون تقديم رؤية مجتمعية أو فكرية واضحة ومتناسقة حول هذا الطموح الذي سبقه له الكثيرون.

والواقع أن جمال عبدالناصر أثر في السياق العربي في مستويات أربعة أساسية هي:

– التمكين للمؤسسة العسكرية، بحيث تكون محور النظام السياسي، انطلاقاً من النظرية الخاطئة التي بلورها بعض الشخصيات المقربة من عبدالناصر، في مقدمتهم هيكل، ومفادها أن الجيش هو وحده المؤهل لقيادة عمل التغيير الاجتماعي وبناء الدولة في المجتمعات النامية.

– القضاء على الحياة الحزبية والعمل السياسي المدني، وفرض حزب واحد مهيمن على كل مستويات القرار هو حزب «الاتحاد الاشتراكي العربي»، الذي أسسه عبدالناصر سنة ١٩٦٢.

– طرح خيار الوحدة العربية من منظور مثالي رومانسي دون العمل على بناء مقوماتها الموضوعية، وتحويل الشعار القومي إلى مسلك للهيمنة على الدول العربية والتدخل في شؤونها الداخلية، بما سبب حالة حرب أهلية مستمرة في النظام العربي.

– رفع شعار تحرير فلسطين ومحاربة المشروع الصهيوني، في الوقت الذي كانت نتيجة جهود ومسار عبدالناصر الهزيمة الساحقة أمام الجيش الإسرائيلي سنة ١٩٦٧، حيث ضاعت القدس والضفة الغربية والجولان وسيناء، وأصبح العرب في وضع كارثي لا يزال مستمراً.

وهكذا يظهر بوضوح، أن الناصرية لم تفض إلا إلى تكريس الاستبداد وتعليق الحريات وإفقار الشعب المصري باسم القرارات الاشتراكية، وتأجيج الفتنة والصراعات داخل النظام الإقليمي العربي.

من أين تكتسي إذن التجربة الناصرية بعض البريق والقبول في الوقت الحاضر، رغم هذه السلبيات البديهية والنواقص الصريحة؟

الجواب عن هذا السؤال، حسب اعتقادنا، يكون بالإشارة إلى الجهاز الدعائي والتعبوي الواسع الذي استحدثه جمال عبدالناصر في عصر الإذاعة والجريدة الذي كان مهيمناً عليه. إنه في مثل هذا المسار يشبه كل الدول التسلطية التي قامت، كما وصفت لنا الفيلسوفة الأمريكية حنة ارندت، على قولبة الجماهير وتوجيه وعيها وربطها بصورة الزعيم الأوحد.

لا تختلف الناصرية في هذا الباب عن النازية والستالينية، من حيث الاستبداد وسلطة الفرد وخطاب التعبئة الأيديولوجي.

وخلاصة الأمر، أن ما بقي من الناصرية ليس ما حققته من مكاسب هزيلة، وإنما ما فجرته من أحلام وطموحات فشل عبدالناصر نفسه في إنجازها.

[ad_2]

Source link

Leave a Reply