[ad_1]
هذه الأيام، يبدو أن لسان الحال هو أن لا صوت يعلو فوق صوت الصحة، ولا حديث في الصحة يعلو فوق صوت كورونا. كم أصبحت أشتاق لأيام مضت كان الحديث السائد فيها حين لقاء الصحبة والأصدقاء في الشأن الصحي لا يتجاوز ذكر أوجاع الرأس وصداعه وقرحات المعدة وحموضتها وشد عضلي في نصف الليل وتبعياته، وصولاً لمحطات الحديث عن ضعف البصر وآلام المفاصل ومشاكل البروستاتا وتصلب الشرايين وكوكتيل ارتفاع السكر وضغط الدم. حتى حطينا في محطة الرعب من كورونا، وبدأ كل شخص أعرفه بمثابة «طبيب إلا خمسة» معلوماته من محرك البحث غوغل ويدلي بدلوه في الشأن الطبي وكأن كورونا ليست مرعبة بما فيه الكفاية. ولكني اكتشفت أن «حالة» كورونا التي تسيطر على الجو العام أثرت بطبيعة الحال على نفسية الناس. قابلت أحد الأصدقاء والذي لم ألتقه منذ فترة طويلة جداً بسبب ظروف العزل والتباعد، ووجدت شيئاً متغيراً فيه فقلت له «هل صبغت شعرك أم يخيل لي؟» سؤال في العادة قد يكون محرجاً جداً ولكني اعتقدت أن بيننا رصيداً كافياً يسمح لي بهذا القدر من الجرأة، فوجئت بالإجابة وقال لي «صبغت وشديت وجهي!» فبدت علي علامات الدهشة والاستغراب، فضحك الرجل وقال لي «على الأقل إذا مت من الخوف يكون شكلي أصغر وأنا ميت». حاولت أن أنظر عليه وأقول له «إن لكل سن بهجتها ووقارها» فرد علي «يا رجل أنا أذهب لإجراء الفحوصات الدورية في إحدى العيادات المتخصصة، ورأيت إحدى الممرضات التي ذكرتني بابنة الجيران التي كنت معجباً بها ذات يوم، وما كان من الممرضة حينما نطقت إلا وذكرتني بأنني الجيران أنفسهم بقولها اتفضل معيا يا عمي». ولم تفد محاولاتي بأن أذكر صديقي بمقولة ناظم الغزالي «عيرتني بالشيب وهو وقار ليتها عيرتني بما هو عار» لأنه قاطعني ونبرة حادة وقال لي «قالت اتفضل معي يا عمي !» دخل على حديثنا رجل غريب وقال لنا عذراً كنت أسترق السمع وأعجبني حديثكما وأضاف «أنا عيبي أني صريح» فتذكرت مقولة تقول لا تثق في كلام أحد يرى أن الصراحة عيب وأكمل بقوله «لا بأس بالصبغ.. صبغ الشعر مقبول.. طالما كان الإنسان مدركاً أن للصبغ حدوداً». أدركت أن الرجل الغريب كان يحاول القيام بعملية كوميدية انتحارية انفجرت فيه وهربت قبل أن تصيبني الشظايا. لم نكمل سنة مع الكورونا وتغيرت نفسيات الناس. على الأقل لا زلنا نحاول الضحك! وقد يكون الضحك أحد أهم البلاسم لمواجهة أضرار الجائحة كما سنعرف لاحقاً.
[ad_2]
Source link