[ad_1]
فيما عدا الجانب التنظيمي الخدمي في الحج، للأسف إن كل ما يقال في الصحافة والإعلام المحلي والعربي عن الحج هو ديباجات إنشائية فقط، ولا يتم تناول الدراسات العلمية عن الحج التي قام بها أكاديميون مسلمون وغير مسلمين وتوصلت لنتائج فاجأت العلماء؛ بكونها لا تشبه الأنماط السائدة بالتجمعات الكبرى عالمياً وعلمتهم شيئاً عن الحقيقة الأعمق للإنسان فرداً وجماعة. إحدى تلك النتائج لها آثار عملية يمكنها أن تنقذ أرواح أعداد لا تحصى من الناس يموتون في حوادث التزاحم والتدافع بالملاعب الرياضية والحفلات والطوارئ وما شابه، فحسب دراسة بريطانية The crowd psychology of the Hajj, University of Sussex شعور التعارف الأخوي مع الجموع أدى لعكس النمط السائد من الشعور بالتهديد من الزحام وكثرة الجموع، حيث تم تسجيل أنه كلما زاد الزحام زاد شعور الحجاج «بالمتعة» وزاد الإحساس بالأمان؛ لأن هناك افتراضاً تلقائياً عفوياً بأن الكل مساعد ومساند ولهم نيات طيبة، وتوصلت دراسة بريطانية أخرى لذات النتيجة المفاجأة؛ Understanding the impact of the Hajj: Explaining experiences of self-change at a religious mass gathering وركزت على أن نتائجها تنفي صحة التخوفات من أن حضور المناسبات الإسلامية الدينية الجماعية يؤدي لتقوية الشعور بالانتماء الإسلامي على حساب إضعاف الانتماءات الأخرى التي تجمع المسلمين مع غير المسلمين وجعل المسلمين غير متسامحين مع غير المسلمين، حيث وجدت هذه الدراسة أن هذا التوقع خاطئ وأن تعارف المسلمين العاطفي الإيجابي مع الجموع في أثناء الحج أدى لجعل شعورهم وموقفهم إيجابياً تجاه كل المجموعات البشرية بمن فيهم غير المسلمين والانتماءات الجماعية بالعموم بما فيها تلك التي تجمعهم بغير المسلمين. ودراسة أخرى بريطانية توصلت لذات النتيجة Social identification moderates the effect of crowd density on safety at the Hajj، وقالت إن التعارف الإيجابي للحاج مع الجموع بالحج أدى لإحداث انعكاس في العلاقة السلبية المعتادة السائدة للأفراد بالجموع؛ لأنه بالحج هناك سيادة لحسن الظن بالجموع ونياتهم وسلوكهم نتيجة التعارف العاطفي معهم بسبب حس الأخوة الجماعي، وأن فهم الجانب النفسي هو أساسي لإدارة سلوك الجموع، وأن الحج قدم «منظوراً فريداً» عن إدارة سلامة الجموع من منطلق تأثير الشعور النفسي الجماعي، ونتائج هذه الدراسات مفيدة حتى للقائمين على إدارة وتنظيم الحشود بالحج لجهة التركيز على هذا الجانب في التوجيه العام للحجاج كاستراتيجية من استراتيجيات إدارة الحشود؛ أي أن كل تلك الدراسات أثبتت أن الحج تدريب عملي ناجح على حسن الظن بالبشرية، وعندما يكون لدى الإنسان حسن ظن بالجموع البشرية يصبح تلقائياً سلوكه ودياً وإيجابياً معهم بدل السلوك الحمائي الدفاعي العدواني؛ الذي يتولَّد عن سوء الظن التلقائي بالجموع البشرية. ولا تنحصر الآثار العملية الإيجابية للحج في هذا الجانب، فحسب دراسة لجامعة هارفرد العريقة على التأثير النفسي والاجتماعي للحج «تقدير تأثير الحج؛ الدين والتسامح في الاجتماع الإسلامي العالمي» (Estimating the Impact of the Hajj:Religion and Tolerance in Islam Global Gathering) تبين أن الحج أدى للنتائج التالية: «زاد الاعتقاد بالمساواة والتناغم بين الجماعات العرقية والمذهبية المختلفة، أدى لتحسن النظرة للمرأة والسلوك تجاهها وزاد تقبل تعليمها وعملها، وأيضا أن زيادة الشعور بالوحدة بين المسلمين لم يقابله تولد مشاعر مضادة لغير المسلمين، بل على العكس أدى الحج لزيادة الإيمان بالسلام والمساواة والتناغم مع بقية الأديان المختلفة». وهذه النتائج حصلت حتى بدون وجود برنامج عام منظم لتصحيح مفاهيم الحجاج عن مختلف القضايا الإشكالية في العالم الإسلامي والمجتمعات المسلمة بالدول غير المسلمة.
[ad_2]
Source link