[ad_1]
الإيمان بالنسبة لدوركين ينبع من الاندهاش.. ينبع من تناسق واتساع نظام الطبيعة الخارق وينبع من وعي الإنسان بضعفه وقصوره في مواجهة الوجود بعظمته وكبريائه..
فحتى أولئك الذين أنكروا اعتقادهم في الديانات، آمنوا بنوع من القوة القاهرة أو الروح العليا التي تتجاوز حيز الطبيعة.
عندما نتمعّن جيداً في القرآن الكريم نجد أن تجربة الإيمان العميق تبدأ فعلاً من النظر في الكون والتفكير فيه والوقوف عند تناسقه وجماله. ومن هذه الآيات:
«قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ»، و«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ»، و«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ».
وهكذا يتضح من المنظور القرآني أن الإيمان من حيث هو شعور واستنتاج عقلي بديهي يحصل من تأمل الطبيعة واعتبار أحوال الموجودات، قبل التدبر في النص، فالكون والكتاب كلاهما آيات إلهية معروضة للتفكير والتأمل.. فالمطلوب هو فقط أن تفكر..
لقد ذهب جل علماء التوحيد وفلاسفة الإسلام إلى أن النظر العقلي مقدم في الاعتقاد على النص، وأن الحجة العقلية هي المعيار في تأويل النص! نعم إن الحجة العقلية مقدمة على تأويل النص! ذلك ما أوضحه وأكده حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في كتاب «المستصفى» بقوله: «كلُّ ما دلَّ العقل فيه على أحد الجانبين فليس للتعارض فيه مجال؛ إذ الأدلة العقلية يستحيل نسخها وتكاذبها، فإن ورد دليل سمعيّ على خلاف العقل، فإما ألا يكون متواتراً فيعلم أنه غير صحيح، وإما أن يكون متواتراً فيكون مؤوَّلاً ولا يكون متعارضاً، وأما نصٌّ متواتر لا يحتمل الخطأ والتأويل وهو على خلاف دليل العقل فذلك محال؛ لأن دليل العقل لا يقبل الفسخ والبطلان».
الإيمان ينبع من العقل، وهو التجربة السابقة للانتماء الديني الذي يقتضي بطبيعة الحال التقيد بالرسالة والرجوع للنص.
[ad_2]
Source link