[ad_1]
أخطر التصريحات الدولية حول الوضع في السودان جاء على لسان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، خلال نقاش في مجلس الأمن حول الوضع في السودان، حينمال قال: إن الوضع في السودان «يستمر في التدهور، ويجب أن تتوقف أعمال العنف، إنها تهدد بحريق كارثي داخل السودان قد يمتد إلى كامل المنطقة وأبعد منها، وأكد أنه على تواصل مستمر مع طرفي النزاع ودعوتهما لنزع فتيل التوترات والعودة إلى طاولة التفاوض».
العالم يتخوف من كارثة ليس فقط في السودان بل على المستوى الأفريقي والآسيوي بحكم موقع السودان على طرفي القارتين الأفريقية والآسيوية، ولعل أعمال الإغاثة السعودية ونقل رعايا 14 دولة من السودان إلى جدة كفيل بفهم تداعيات تلك الحرب.
والسؤال الآن، إلى أين تتجه الأمور، وكيف سينتهي الصراع في ظل دعوة الأمم المتحدة إلى التفاوض بين طرفي الحربة، وهل نحن أمام جرح مفتوح في القار الأفريقية، أم أنّ تحولا مفاجئا قد يحول قواعد الحرب؟.
منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير لم يشهد السودان استقرارا، وظل يغلي على المستوى الشعبي والعسكري في ظل مجلس السيادة الذي تولى حكم البلاد بالتشارك بين الجنرال عبدالفتاح البرهان و الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لكن الأمور خرجت عن السيطرة نتيجة الخلافات الدفينة بين الرجلين، إذ إن كل طرف يريد السودان على طريقته، وهذا ما نتج عنه صدام مسلح دام، قد يتطور في الأيام القادمة إلى مشروع حرب طويلة الأمد.
حميدتي يرى أن ما جرى عام 2021 بإزالة الحكومة المشتركة بين العسكريين والمدنيين، كان خطأً وحاول تقديم نفسه وقوات الدعم السريع على أنهما يقفان بجانب الشعب ضد النخبة الحاكمة في الخرطوم، و واعتبر أن الإطاحة بحكومة عبدالله حمدوك هو المقدمة لما وصلت إليه البلاد قبل اندلاع المواجهات الأخيرة.
تبريرات حميدتي لما جرى في السودان بعد 15 أبريل، أن البلاد لم تشهد الاستقرار وأن السودان سيبقى أسير التجاذبات وبالتالي لا بد من تصحيح المسار عبر البوابة العسكرية. أما البرهان فيرى أن الجيش سيسلم السلطة بشكل كامل، ولكن فقط لحكومة منتخبة، مهمشا بذلك الممثلين المدنيين المُتوقع أن يكونوا جزءا من اتفاق تقاسم السلطة.
في 9 أبريل الماضي قبل اندلاع الموجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قال البرهان خلال مأدبة إفطار بحضور القوى السياسية والمدنية: “إن تأخر الاتفاق السياسي سببه الخلافات مع قوات الدعم السريع في بعض مسائل الإصلاح الأمني والعسكري”، وهذا يعتبر أصل الخلاف أيضا في الحالة السودانية، إذ اختلف حميدتي بعد الموافقة على دمج قواته بالجيش السوداني على قيادة هذه القوات، واشترط الجيش أن تكون هذه القوات تحت تصرفه فقط، وعلى ما يبدو أن حميدتي شعر أنه خارج ميزان القوى. وكانت محاولة البرهان حثيثة لتسليم السلطة إلى المدنيين، وذات مرة اقترح تنحي الجميع من منصبه السياسي والعسكري والانتقال إلى سودان جديد.
المفارقة أن كلا الطرفين يكرر ذات الحديث بضرورة تسليم السلطة للمدنيين، وتصحيح المسار السياسي في السودان، ورغم كل هذه المزاعم وقعت البلاد في شرك الحرب الأهلية، وهذه المرة برئاسة جنرالين، إنها حرب أهلية من نوع جديد.
وعلى الرغم من كل النوايا سواء ما ظهر منها أو ما بطن، إلا أن الصدام المسلح الذي وقع بين الطرفين نسف الثقة كاملا من الشعب السوداني في نوايا الرجلين، خصوصا وأن الشعب والأحزاب والتيارات المدنية خرجت من اللعبة، وباتت اللعبة بين العسكر فقط الذين سيقررون مصير البلاد.
المؤسف أن كل المبادرات الدولية والإقليمية لا تجد لها صدى في عقل الجنرالين، ذلك أن كلاً منهما يتوهم بالانتصار، وإلى أن يكتشف حميدتي والبرهان هذه الأوهام سيدفع السودان تمنا باهظا ما لم تتوقف هذه الحرب.
وبلا أدنى شك أن الجنرالين المتحاربين يتطلعان إلى الانتصار كل على طريقته، إلا أن هذه الأحلام ذات تكلفة كبيرة على الشعب السوداني والمنطقة بأسرها، ذلك أن الانتصار لأي طرف هو خسارة للسودان وخسارة للأمن والاستقرار، فلم يكتب التاريخ أن جنرالا انتصر على الآخر وانتهى الصراع، بل سيتجدد في وقت لاقت، فالهزيمة لا تنتهي في العالم العربي ولا أحد يقبل بها وإن وقعت فعلا!.
فقد حاول البشير إلغاء جنوب السودان، واشتعلت حرب أهلية طويلة انتهت باتفاقية نيفاشا للسلام، كلفت هذه الحرب السودان مليونا وتسعمائة ألف قتيل وتشريد ما يقارب 4 ملايين آخرين، ولم يحقق أي من الطرفين أهدافه، سوى تدمير السودان من شماله إلى جنوبه، وانتصر السلام على حساب الحرب.
[ad_2]
Source link